أحد كبار الأدباء الإسرائيليين: خطاب نتنياهو أبعدنا عن السلام.. وكان يجب ألا يتجاهل المبادرة العربية

قال: الواقع الذي نعيشه يتطلب اعتدالا وشجاعة وحلما.. وصديقي لم يظهر شيئا منها

TT

وجه الأديب الإسرائيلي المعروف ديفيد غروسمان، أمس، خطابا مفتوحا إلى رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، انتقد فيه خطابه «التاريخي» إلى الأمة وقال فيه إن هذا الخطاب لم يتّسم بالاستقامة والشجاعة ولم يُظهِر أن الرجل يدرك أهمية المرحلة التي تعيشها البشرية. وهاجمه بشكل خاص لأنه تجاهل مبادرة السلام العربية.

وتحمل رسالة غروسمان هذه أهمية خاصة، ليس فقط لكونه أحد كبار الأدباء الإسرائيليين من ذوي الشهرة العالمية فحسب، إنما هو أب ثاكل، فقد ابنه في حرب لبنان الأخيرة وكتب رواية حازت على تقدير عالمي في الموضوع. كما أنه يُعتبر من الأصدقاء الشخصيين لنتنياهو. وكان واحدا من عدة شخصيات مهمة في إسرائيل اختارهم نتنياهو للتشاور معهم في مضمون الخطاب قبيل إلقائه. وبناء عليه فقد نشرت صحيفة «هآرتس» رسالته على صدر الصفحة الأولى مكان خبرها الرئيسي. ونشرت الصحيفة الرسالة إلى جانب كاريكاتير يُظهِر نتنياهو وأحد وزرائه المتطرفين، بيني بيغن، وهما يجلسان مرتاحَين وبيغن يقول: «بقيت أمامنا 999 سنة و362 يوما (لتحقيق السلام)». ويقصد بذلك السخرية من بيغن الذي أعرب عن ارتياحه من تصريح كبير المفاوضين الفلسطينيين صائب عريقات، الذي أطلقه تعقيبا على خطاب نتنياهو وقال فيه: «يحتاج نتنياهو إلى 1000 سنة حتى يجد فلسطينيا واحدا يقبل بالسلام على أساس هذا الخطاب».

وكتب غروسمان في رسالته إلى نتنياهو أن الخطاب الذي ألقاه في جامعة بار إيلان يوم الأحد الماضي، لم يتّسم بالشجاعة والاستقامة كما ادعى، بل «عبّر به عن عجزنا نحن الإسرائيليين عن قبول متطلبات الواقع وتمترسنا في خندق الخوف والقلق والزهو القومي والعسكري واستعراض عضلات المضحّين».

ويضيف غروسمان: «باستثناء القبول بمبدأ الدولتين للشعبين، الذي تم ابتزازه من نتنياهو بواسطة ضغوط أميركية ثقيلة، لم يقدم الخطاب على أي خطوة حقيقية باتجاه التغيير الحقيقي في الوعي. نتنياهو لم يخاطبنا باستقامة وشجاعة، كما وعد، في الدور الهدام للمستوطنات، العقبة الكأداء في وجه عملية السلام. لم ينظر في عيون المستوطنين ويقل لهم ما يعرفه جيدا من أن خريطة الاستيطان تتناقض مع خريطة السلام وأنهم سيكونون مضطرين إلى مغادرة بيوتهم. لقد كان من واجبه أن يقول لهم. ما كان هذا القول ليجعله يخسر نقاطا في المستقبل أمام الفلسطينيين. بل بالعكس، كان بذلك سيحرك عملية السلام. كان عليه أن يخاطبنا نحن الإسرائيليين كأناس بالغين، لا أن يدثرنا بالمزيد من طبقات العزل عن الوقائع المعروفة للجميع».

وتطرق غروسمان إلى مبادرة السلام العربية وقال إنه كان على نتنياهو أن لا يتجاهلها، بل أن يتحدث عنها بكل وضوح. أن يشير إلى البنود التي تقبل إسرائيل بها والبنود التي لا تقبلها. لقد أسهب في الحديث عن ضرورة قبول الفلسطينيين شروط إسرائيل الأمنية قبل بدء المفاوضات. لم يتحدث عن الأخطار التي يجب على إسرائيل أن تأخذها على عاتقها من أجل تحقيق السلام. لم يقد إسرائيل إلى مستقبل جديد، بل عاد ليكرر بمبالغة المخاوف المعروفة. وقد نظرت إليه وتابعت ردود الفعل الإيجابية الواسعة التي حظي بها الخطاب فعرفت كم نحن بعيدون عن السلام. كم أبعدونا عن حكمة صنع السلام وعن القدرة على الابتعاد عن الحرب!». وانتقد غروسمان رد الفعل الفلسطيني أيضا على خطاب نتنياهو وقال إنهم مثل الإسرائيليين أسرى للخطاب السياسي المهاجم ففضلوا الحديث عن ألف سنة لتسوية، وقال إن الإسرائيليين والفلسطينيين على السواء لا يبدو أنهم يفهمون ما معنى أن تعيش بسلام. واختتم بالقول إنه لم يعد سوى مفر من واحد من اثنين، فإما أن يفرض المجتمع الدولي وفي مقدمته الولايات المتحدة السلام العادل والآمن على الطرفين، وإما أن نذهب إلى حرب قد تكون أقسى وأمرّ من كل ما مرّ. إلى ذلك، قال السفير الإسرائيلي الجديد في واشنطن، البروفسور مايك أورن، في تصريح إذاعي أمس، إن في المحادثات الجارية بين إسرائيل والولايات المتحدة تقدما كبيرا حول مسألة الاستمرار في البناء الاستيطاني في الضفة الغربية، وإن الطرفين سيعلنان عن صيغة مشتركة بهذا الشأن في الأيام المقبلة. وقال أورن إن إسرائيل لن تنسحب إلى حدود 1967 بأي شكل من الأشكال، لأن هذه الحدود لا تكفي للدفاع عن النفس أمام أعداء إسرائيل من الشرق. ولكنه وافق على أن يكون مستقبل القدس موضوعا للمفاوضات حول التسوية الدائمة، على عكس موقف غالبية الوزراء في حكومة نتنياهو.