شهود عيان: الشرطة انهالت بالضرب على المتظاهرين.. وحافلات ممتلئة بقوات الباسيج تدخل طهران

شاهدة عيان لـ «الشرق الأوسط»: فعلوا كل شيء كي لا نتظاهر.. ولو لم نروع بهذا الشكل لخرج مئات الآلاف

أنصار زعيم المعارضة مير حسين موسوي يفرون من الغاز المسيل للدموع الذي أطلقته شرطة مكافحة الشغب خلال مظاهرة في طهران أمس (أ. ب)
TT

قال شهود عيان من قلب طهران إن قوات الشرطة والباسيج الإيرانية استخدمت القوة لتفريق مظاهراتهم التي كانت مقررة في ميدان «انقلاب» أمس، موضحين أن قوات الأمن استخدمت خراطيم المياه والغازات المسيلة للدموع وطلقات الرصاص لإخافتهم. وقالت شاهدة عيان لـ«الشرق الأوسط»: «فعلوا كل شيء كي لا نتظاهر.. قطعوا الطرق ومنعوا توجه الناس إلى ميدان انقلاب». وتابعت: «الآلاف خرجوا على الرغم من كل شيء.. على الرغم من التحذيرات منذ الصباح وكلام المرشد الأعلى. لو لم نروع بهذا الشكل لخرج مئات الآلاف احتجاجا على كل ما يحدث». وعلى الرغم من محاولة السلطات منع المظاهرة التي كان المرشح الإصلاحي الخاسر في انتخابات الرئاسة الإيرانية مير حسين موسوي قد دعا إليها، فإن الآلاف خرجوا على الرغم من تحذيرات السلطات من عواقب التظاهر. واندلعت مواجهات عنيفة بين شرطة مكافحة الشغب في إيران وآلاف المتظاهرين الذين حاولوا الوصول إلى ساحة «انقلاب» في وسط طهران، كما أفاد شهود عيان. وأوضح أحد الشهود لوكالة الصحافة الفرنسية أن «شرطة مكافحة الشغب تمنع الناس من الوصول» إلى ساحة «انقلاب» و«تطوقهم على الأرصفة وتنهال عليهم ضربا». وأضاف شاهد آخر أن «ما بين ألف إلى ألفي متظاهر موجودون أمام جامعة طهران، والشرطة تستخدم خراطيم المياه والغازات المسيلة للدموع لتفريقهم». ومنعت السلطات الإيرانية وسائل الإعلام الأجنبية من تغطية المظاهرات غير المرخص لها وكل الأنشطة غير الواردة في «برنامج» وزارة الثقافة، وطردت الصحافيين الأجانب الذين ليست لهم مكاتب في طهران. ولم يبقَ غير شهود العيان الذين أرسلوا ما شاهدوه عبر الإنترنت، إذا كان يعمل، بسبب تعطل الاتصالات الهاتفية مع إيران. وقال شاهد ثالث إن آلاف المتظاهرين تجمعوا قرب ساحة «ازادي» التي تبعد نحو أربعة كلم عن ساحة «انقلاب»، مؤكدا حصول صدامات بينهم وبين الشرطة. وأضاف أن المتظاهرين تجمعوا عموما في مجموعات صامتة، غير أن هذا لم يمنع بعضهم من إطلاق شعارات مثل «الموت للديكتاتور»، في إشارة إلى محمود أحمدي نجاد الذي يشكك المرشحون الثلاثة الذين خسروا أمامه انتخابات 12 يونيو (حزيران) في نتائجها، وفي طليعة هؤلاء المرشح الأول الخاسر مير حسين موسوي. وروت إحدى الطالبات أن قوات الأمن «لا تطرح أسئلة حتى، إنهم ينهالون بالضرب على كل من يتوجه نحو ساحة انقلاب». وانضم إلى قوات مكافحة الشغب في مواجهة المتظاهرين عناصر من ميليشيا الباسيج الإسلامية الذين عملوا على مطاردة المتظاهرين في الشوارع الفرعية. وأضافت الطالبة أن «الشرطة تستخدم خراطيم المياه المغلية». ولم تتمكن قوات الأمن بحسب الشهود من السيطرة على الأوضاع، وأكد أحد شهود العيان أنه شاهد متظاهرين يوقعون عددا من عناصر الباسيج عن دراجاتهم النارية وينهالون عليهم بالضرب. وأضاف أن المتظاهرين رشقوا القوى الأمنية بالحجارة أيضا. وأضاف شاهد عيان آخر: «لقد رأيت عددا من الأشخاص معتقلين»، في حين أكد شهود آخرون أن الشرطة اعتقلت العديد من المتظاهرين حول ساحة «انقلاب». وقال شاهد آخر إن الشرطة أطلقت القنابل المسيلة للدموع على الشوارع المؤدية إلى شارع «ازادي» التي تربط بين ميداني «ازادي» و«انقلاب»، لمنع المتظاهرين من التجمع فيها. وأكد عدد من الشهود أنهم رأوا عناصر من قوات مكافحة الشغب يطاردون المتظاهرين في الشوارع الفرعية المؤدية إلى جادة «ازادي» حيث أضرم المتظاهرون النار في حاويات القمامة. وقال شاهد عيان إنه رأى عناصر من الباسيج مسلحين بهراوات وقضبان حديدية وسلاسل معدنية يجولون على دراجات نارية في الشوارع. وقال شاهد آخر: «لقد انهال علينا عناصر الشرطة بالضرب المبرح.. لم يفرقوا بين امرأة ورجل.. لقد صادروا مني آلة التصوير». وعمد سائقو سيارات في المكان إلى إطلاق العنان لأبواق سياراتهم تعبيرا عن دعمهم للمتظاهرين. وأضاف الشهود أن الدخان تصاعد فوق ميدان «انقلاب» حيث تجمع مؤيدو موسوي في تحد لحظر الاحتجاجات.

كما قال شهود عيان إنهم شاهدوا عناصر ميليشيا الباسيج الإسلامية تنتشر في أنحاء طهران، وشاهد مواطن ما لا يقل عن ثلاث حافلات ممتلئة بعناصر الباسيج تتجه من مدينة كاراج القريبة في طريقها إلى العاصمة إلى جانب أربع شاحنات محملة بالدراجات النارية التي استخدمها رجال الباسيج خلال المظاهرات الماضية. وقال شاهد آخر إن مجموعة من المتظاهرين الموالين للرئيس محمود أحمدي نجاد تجمعوا أيضا أمام جامعة طهران رافعين لافتات كتب عليها «هل نوايا هيئة الإذاعة البريطانية (بي بي سي) سليمة؟» و«كيف تجرؤون على مخالفة القوانين؟». وكانت الشرطة حذرت من أنها «ستتعامل بحزم مع أية حركة احتجاجية على إعادة انتخاب الرئيس محمود أحمدي نجاد».

وأكد أحد كبار قادة الشرطة تحذير خامنئي الجمعة، حيث قال: «ابتداء من اليوم سيكون أي تجمع ينتقد الانتخابات غير قانوني وستتعامل معه الشرطة بحزم وتصميم». وأضاف أحمد رضا رادان نائب قائد الشرطة الوطنية: «منظمو هذه المظاهرات الذين خدعوا الشعب سيحاكمون وسيجري التعامل معهم بالقانون». كما ذكرت وكالة الأنباء الطلابية الإيرانية (إيسنا) أن قائد الشرطة أحمدي مقدم حذر في رسالة خطية موسوي من أن أي مظاهرة سيتم تنظيمها سوف «تقمع بشدة». وبدورها أعلنت وزارة الداخلية الإيرانية في بيان أنها لم ترخص لأي مظاهرة في أي مكان من إيران على ما أفادت وكالة الأنباء الطلابية الإيرانية (إيسنا).

إلى ذلك، رفض مجلس الأمن القومي الإيراني شكوى لموسوي في خطاب أرسله إلى وزارة الداخلية الأسبوع الماضي بشأن رجال يرتدون ثيابا مدنية يستخدمون العصي والقضبان المعدنية لمهاجمة المحتجين. ونقلت وكالة «فارس» عن أمين المجلس عباس محتج قوله: «واجبك ومسؤوليتك الوطنية تتطلب منك بدلا من توجيه الاتهامات لقوات الشرطة أو الجيش.. أن تحاول تجنب مثل هذه التجمعات غير القانونية وألا تدعمها». وفي علامة على التحدي، صعد أنصار موسوي إلى أسطح المباني في طهران بعد حلول ليل الجمعة ليهتفوا «الله أكبر» وهو ترديد لأساليب استخدمت في الثورة الإسلامية عام 1979.