خطبة خامنئي لم تخمد هتافات أسطح المنازل خلال الليل

تبدأ بالتكبير.. ثم «يا حسين».. فالموت للديكتاتور

أعمدة الدخان تتصاعد في منطقة سكنية في وسط طهران أمس (إ. ب. أ)
TT

يبدأ الأمر بصوتين نسائيين هادئين في البداية يخترقان هدوء الليل. «الله أكبر»، هكذا يهتف الصوتان بعد الساعة العاشرة مساء بدقائق. «الله أكبر». ثم ينضم إليهما صوت آخر من الجانب الآخر من المبنى. إنه صوت سيدة أكبر سنا، ترد: «الله أكبر»، في نبرة تشير إلى عقود من الشدة والغضب المكتوم. «الله أكبر». وبعد دقيقة أو اثنتين، ينضم إليهن صوت ذكوري. وكأنه استغرق هذه الدقائق لارتداء حذائه والصعود إلى سطح المنزل.

ويصيح في أنين: «الله أكبر». وفي غضون دقائق، تعلو مجموعة من الأصوات. ويصرخ رجل عبر الأشجار بصوت جهوري قوي: «يا حسين!» وترد مجموعة من النساء بالصياح: «مير حسين»، حيث تندفع الطاقة بقوة عبر الأصوات الصغيرة. ويعلو صوت ينادي: «مارغ بار ديكتاتور!»، (الموت للديكتاتور!). ثم تردد المزيد من الأصوات المجهولة الغاضبة: «مارغ بار ديكتاتور. مارغ بار ديكتاتور.» لم أفكر مطلقا في أن الحي الهادئ المليء بالأشجار الذي أسكن فيه عندما أذهب إلى طهران له خصوصية سياسية. ففي أثناء النهار، لا تسمع سوى أصوات المياه الجارية في القناة. وكان قلقي الأكبر هو كيفية تفادي شاب يقود سيارته ذات الدفع الرباعي بسرعة في نهاية الشارع الضيق، والموسيقى الصاخبة تنطلق من سيارته.

وحتى الآن، كانت أهم الأحداث الحفلات الصاخبة التي يقيمها بعض الجيران، التي كانت تملأ الشارع بسيارات المحتفلين. ولكن بدأ رأيي في التغير بعد الانتخابات الرئاسية الإيرانية، التي أجريت في 12 يونيو (حزيران). ودعا مؤيدو المرشح الخاسر مير حسين موسوي، الإيرانيين الذين أدلوا بأصواتهم لصالحه بالصعود إلى أسطح منازلهم فيما بين الساعة 9 و11 مساء، والهتاف «الله أكبر!» للتعبير عن عدم رضاهم عن التزوير المزعوم في الانتخابات.

وتعود هذه اللفتة إلى 30 عاما قبل أشهر من قيام الثورة الإسلامية. وكانت طريقة لطمأنة الآخرين بأنهم ليسوا بمفردهم في الشعور بالظلم والغضب. وفي الوقت الحالي، أصبحت تشجيعا على حضور المسيرات السلمية، التي تعد أكبر مشاهد للعصيان المدني منذ ثلاثة عقود. وفي يوم الجمعة، وضع المرشد الأعلى آية الله خامنئي، أكبر سلطة دينية وسياسية في إيران قانونا: بأنه لن يتم إعادة النظر في فرز الأصوات. وإعادة انتخاب الرئيس محمود أحمدي نجاد قائمة. ولا يمكن لأي قدر من الضغوط، حتى مئات الآلاف التي تخرج في مسيرات في الشوارع، أن تجعله ينحني. ويتحمل المتظاهرون خطورة استمرارهم.

ومع دخول ليل يوم الجمعة، كنت أتساءل ما إذا كانت خطبة خامنئي، في صلاة الجمعة ستخمد الأصوات.

وعندما حلت الساعة العاشرة، لم يكن هناك سوى صوت الرياح. ولكن بدأت الصور الظلية في الظهور، من شباب رشيق ورجال بدناء. وهتفت الشابتان: «الله أكبر!» عبر الأسطح. وانضم إليهما صوت آخر، ثم آخر وكذلك شيئا فشيئا. ويعلو صوت ذكوري عميق: «الله أكبر!» إنه صوت جميل من السهل تمييز أنه صوت مؤذن مسجد الحي. ويتردد صدى صوته القوي في جميع أنحاء الحي: «الله أكبر! الله أكبر!»

* خدمة «لوس أنجيليس تايمز».

* خاص بالـ«الشرق الأوسط»