المعارك تشل مقديشو والحكومة تترنح.. وتتجه لإعلان الطوارئ

المتمردون يحاصرون القصر ومقتل قائد شرطة.. ومسؤول صومالي يؤكد: ضابط باكستاني يقود المعارك

أم وأطفالها من سكان مقديشو لدى هروبهم امس من القتال الدائر بين القوات الحكومية والمقاتلين الاسلاميين (رويترز)
TT

استنجدت الحكومة الصومالية أمس، بأربع من دول الجوار هي إثيوبيا وكينيا، وجيبوتي واليمن، لسرعة إرسال قوات خلال 24 ساعة، مما يثير المخاوف من سقوط العاصمة مقديشو في أي لحظة في يد المعارضين. وتأتي هذه المناشدة بعد أن شهدت العاصمة الصومالية معارك عنيفة بين قوات الحكومة ومقاتلين متمردين إسلاميين من ميليشيا «شباب المجاهدين»، والحزب الإسلامي، أدت إلى مقتل العشرات خلال الايام الماضيـة.

وبات مستقبل السلطة الانتقالية التي يقودها الرئيس الشيخ شريف شيخ أحمد على المحك، بعدما تمكن المتمردون من التقدم إلى أقل من كيلومترين من القصر الرئاسي المعروف باسم فيلا الصومال، بالعاصمة مقديشو، من الاتجاهات الأربع.

وتتجه الحكومة الصومالية وفقا لما أعلنه وزير الإعلام فرحان علي محمود لإعلان حالة الطوارئ، بعد أن أدت المعارك إلي توقف شبه كلي للحركة في الشوارع الرئيسية في العاصمة وتحديدا شارعي «القلب» و«الثلاثين» وأجزاء من شارع «المصانع»، كما أغلقت المحلات التجارية في سوق البكارو أبوابها بعد سقوط عدد من القذائف فيها كما تسود حالة من الهلع والخوف لدى سكان الأجزاء الشمالية الشرقية للعاصمة، وهي مناطق سلمت نسبيا من المعارك الأخيرة، وكانت قد استقبلت أعدادا كبيرة من النازحين، حيث تزداد مخاوفهم الآن بسبب انتقال المعركة إلى المناطق التي نزحوا إليها.

ومن جهته دعا رئيس البرلمان الصومالي الشيخ «آدم مدوبي» الدول المجاورة للصومال والمجتمع الدولي التدخل عسكريا في الصومال لإنقاذ الحكومة الانتقالية التي باتت تواجه خطرا حقيقيا وهجمات متواصلة من الفصائل الإسلامية المناوئة لها والتي تسعى لإسقاط الحكومة. وفي مؤتمر صحافي عقده الشيخ آدم في العاصمة مقديشو دعا إلى تدخل عسكري فوري قائلا: «إن الحكومة باتت تتعرض لخطر متزايد من هجمات المقاتلين الأجانب، لذلك نناشد الدول المجاورة والمجتمع الدولي التدخل عسكريا خلال 24 ساعة لإنقاذ الحكومة»، وذكر رئيس البرلمان أن سلطة الحكومة قد أضعفتها هجمات المتمردين «في حالة تمكّن الإسلاميين من إسقاط الحكومة التي يقودها الرئيس شريف والسيطرة على الصومال، فالمتضرر ليس الصومال وحده، بل الدول المجاورة للصومال مثل كينيا وجيبوتي وإثيوبيا واليمن.. لذلك ندعو إلى تدخل سريع وعاجل». وذكر رئيس البرلمان أيضا أن قيادات من تنظيم القاعدة تقود المعارك التي تدور في العاصمة بين القوات الحكومية والمقاتلين الإسلاميين، مشيرا إلى أن خطر تنظيم القاعدة في المنطقة يتزايد بشكل غير مسبوق، وأن على العالم أجمع مواجهة هذا الخطر عن طريق مساعدة الحكومة، «إن ضابطا باكستانيا ينتمي إلى تنظيم القاعدة يقود المعارك التي تدور في العاصمة».

وكانت الدعوات الحكومية للمجتمع الدولي من أجل مساعدة الحكومة الانتقالية والدفاع عن خطر تدفق المقاتلين الأجانب، كانت مستمرة منذ الأسابيع الماضية، وكان الرئيس الصومالي الشيخ شريف أحمد قد ناشد قبل يومين المجتمع الدولي مساعدة الحكومة في قتالها ضد الفصائل المعارضة، محذرا من أن تتحول الصومال إلى ملاذ آمن للقاعدة، كما نقل عن رئيس الوزراء الصومالي عمر عبد الرشيد شارماركي قوله «إذا نجح المتمردون الإسلاميون ومعهم الأجانب في سيطرة مقاليد الحكم في الصومال فإن ذلك سوف يكون خطرا على المنطقة، وأن الفوضى ستعم القرن الأفريقي بأكمله ليس فقط على الصومال».

لكن دعوة رئيس البرلمان الصومالي لتدخل عسكري أجنبي مباشر فاجأت المشهد السياسي الصومالي، حيث تصبح أول دعوة رسمية تصدر من مسؤول حكومي للدول المجاورة بما فيها إثيوبيا إلى التدخل عسكريا في الوقت الذي لم يمض من التدخل الإثيوبي الأول سوى 5 أشهر. واتهم رئيس البرلمان الفصائل المعارضة بأنهم المسؤولون عن التدخل الأجنبي بسبب تهديداتهم المتواصلة وسعيهم المستمر لإسقاط الحكومة. وصرح آدم مدوبي بأن البرلمان الصومالي كان قد أجاز مسبقا تدخل دول الجوار عسكريا إذا اقتضت الضرورة وأصبحت الحكومة الانتقالية في خطر، مضيفا أن «البرلمان الصومالي أجاز في وقت سابق الاستعانة بقوات أجنبية في حالة تعرض البلاد للخطر. وفي الحالات الطارئة».

وفي تطور آخر أفادت الأنباء الواردة من المناطق الحدودية بين الصومال وإثيوبيا، أنها تشهد تحركا عسكريا، وذلك بعدما عبرت وحدات من الجيش الإثيوبي المناطق الحدودية، ووصلت إلي منطقة «كلابير» التي تقع على بعد نحو 20 كلم شمال بلد وين بالقرب من الحدود الإثيوبية، فيما حشدت كينيا وحدات من قواتها على الشريط الحدودي المحاذي لجنوب الصومال.

وكانت كينيا قد أعلنت أمس على لسان وزير خارجيتها «موساس واتانغولا» أن الوضع الأمني المتدهور في الصومال يتطلب تدخلا سريعا من قبل دول الإقليم المجاورة للصومال، وعبّر الوزير الكيني عن قلق دول الإقليم من الخطر المتزايدة في الصومال، قائلا «لا يمكن أن نقف مكتوفي الأيدي ونشاهد تدهور الوضع في الصومال بصورة أكبر مما هو عليه، إن المصالح الاستراتيجية الكينية تتعرض لتهديدات أمنية، لا يمكن لنا أن نكون متفرجين لمثل هذا الوضع، خاصة عند ما يتعرض أمننا القومي للخطر، يجب علينا أن نتحرك سريعا». وأضاف «علينا مسؤولية كبرى لحماية مصالحنا الاستراتيجية وعن أمننا القومي، كما أن علينا الدفاع عن أمن الحكومة الانتقالية الصومالية».

وذكر الوزير الكيني في مؤتمر صحافي عقده الوزير في نيروبي بعد اجتماع طارئ مع سفراء الاتحاد الأفريقي والاتحاد الأوروبي ـ الذين بحثوا تنامي خطر المتمردين في الصومال، وتعجيل تقديم المساعدات المالية للحكومة الانتقالية ـ أن على دول إيقاد الأفريقية (جيبوتي والسودان والصومال واريتريا وإثيوبيا وأوغندا وكينيا) النظر في الخيارات المتاحة لحماية الحكومة الصومالية ودول الإقليم من الهجمات الإرهابية.