الصومال: إعلان الطوارئ وجهود أميركية لتشكيل تحالف يدعم مقديشو

حشود إثيوبية وكينية على الحدود.. وأديس أبابا تشترط تفويضا دوليا للتدخل

صوماليون يفرون من العاصمة مقديشو بسبب استمرار المعارك بين القوات الحكومية والميليشيات أمس (رويترز)
TT

أعلنت الحكومة الصومالية فرض حالة الطوارئ والأحكام العرفية في البلاد نظرا للوضع الأمني المتدهور في البلاد، وفي اجتماع طارئ عقده مجلس الوزراء بالعاصمة مقديشو لمناقشة التطورات الأمنية في البلاد أقر الوزراء بالإجماع فرض حالة الطوارئ وتعليق العمل بالدستور، وقال وزير الإعلام «فرحان علي محمود» الذي تلا قرار الحكومة «إن مجلس الوزراء وافق بالإجماع على فرض حالة الطوارئ في البلاد»، وأضاف أن «هذا القرار سيدخل حيز التنفيذ بعد توقيع الرئيس الصومالي الشيخ شريف عليه». في غضون ذلك، عقد أمس رئيس الوزراء الصومالي عمر عبد الرشيد شارماركي اجتماعا مفاجئا في العاصمة الكينية نيروبي مع نحو مائتي عضو في البرلمان الصومالي لإقناعهم بالعودة إلى العاصمة الصومالية مقديشو، في وقت ترددت فيه أنباء عن احتمال عقد قمة مفاجئة في نيروبي يشارك فيها الرئيس الكيني مواي كيباكي ورئيس الوزراء الإثيوبي ميلس زيناوي ويوري موسيفيني رئيس أوغندا لبحث طلب السلطة الصومالية إرسال قوات عسكرية بشكل عاجل إلى مقديشو لمنع المتمردين الإسلاميين من السيطرة على السلطة وإنهاء حكم الشيخ شريف شيخ أحمد.

وقال مسؤول صومالي لـ«الشرق الأوسط» إن مشاركة الشيخ شريف في هذه القمة التي قد تعقد خلال الساعات المقبلة، واردة إذا ما تمكن من مغادرة مقديشو، معربا عن أمله في أن تسارع دول الجوار الجغرافي للصومال إلى تقديم المساعدات المطلوبة للحيلولة دون انهيار السلطة واستيلاء من وصفهم بالمتطرفين المتشددين على مقديشو.

وكانت الحكومة الصومالية بررت أمس اتخاذ قرار إعلان حالة الطوارئ بأن سيادة الدولة أصبحت في خطر، وأن الإرهاب والتطرف بلغا حدهما مما يستدعي اتخاذ خطوات حاسمة، ويعطي هذا القرار الرئيس الصومالي صلاحيات أكثر واستخدام كل ما يمكن استخدامه من وسائل دون الحاجة إلى الحصول على موافقة من البرلمان الصومالي. ويأتي قرار فرض حالة الطوارئ بعد ساعات من دعوة رئيس البرلمان الصومالي الشيخ آدم مدوبي دول الجوار إلى التدخل عسكريا في الصومال لإنقاذ الحكومة الانتقالية. وفي هذه الأثناء تتزايد الحشود الإثيوبية على الحدود بوسط الصومال ووصلت وحدات إثيوبية أمس إلى بلدة «بلانبلي» (20 كم داخل الحدود الصومالية) وتمركزت خارج المدينة، كما أن تعزيزات جديدة وصلت إلى بلدة «كلابير» شمال مدينة بلد وين، لكن وزير الاتصالات الإثيوبي «بركيت سيمون» قال: إن إثيوبيا لن ترسل قواتها إلي الصومال لمساعدة الحكومة الانتقالية طالما لم يتخذ المجتمع الدولي قرارا بشأن ذلك، واستبعد اتخاذ أي قرار أحادي الجانب لتدخل الصومال.

وفي رده على دعوة الحكومة الصومالية دول الجوار إلى التدخل عسكريا في الصومال لإنقاذ الحكومة، ذكر سيمون أن إثيوبيا لن تتدخل في الصومال لمساعدة الحكومة الانتقالية المحاصرة بدون تفويض دولي، «إن أي خطوة جديدة من قبل إثيوبيا بشأن الصومال ستتم بالتوافق مع قرار من المجتمع الدولي». وأشار سيمون إلى أن مناشدة الصومال كانت موجهة إلى المجتمع الدولي كله وليس دول الجوار فقط، لكنه أكد في الوقت نفسه دعم بلاده المستمر للحكومة الانتقالية في الصومال، وطالب المجتمع الدولي برد حاسم واتخاذ جميع الإجراءات الضرورية لإعادة السلام الشامل في الصومال وتحريره من الإرهابيين.

وفي ردود أفعال الفصائل المعارضة حول الدعوة الحكومية للتدخل العسكري حذر رئيس الحزب الإسلامي المعارض الشيخ «حسن طاهر أويس» الدول المجاورة للصومال والعالم ككل من مغبة التدخل في الصومال، وتوعد الشيخ أويس بمحاربة أي قوات أجنبية ترسل إلى الصومال، كما وجهت حركة تنظيم شباب المجاهدين تحذيرا قويا لدول الجوار مهددة إلى نقل المعركة إلى عواصم الدول المجاورة للصومال إذا حاولوا إرسال قواتهم إلى الصومال، وحذر الشيخ «حسن يعقوب» المتحدث باسم الإدارة الإسلامية التابعة لتنظيم الشباب في مدينة كيسمايو (500 كم جنوب العاصمة كينيا بصفة خاصة من مغبة إرسال قواتها إلى الصومال، وتوعد بنقل المعركة إلى العاصمة الكينية «نيروبي» وتنفيذ هجمات انتحارية فيها إذا لم تتوقف كينيا عن إرسال قواتها إلى الصومال وقال «سنغزو كينيا وسندمر البنايات الشاهقة في نيروبي، وسننفذ سلسلة هجمات «استشهادية» هناك إذا لم تتراجع كينيا عن إرسال قواتها إلى الصومال». وكانت كينيا قد حشدت قواتها في المناطق الحدودية بعد مطالبة الحكومة الصومالية من الدول المجاورة التدخل عسكريا في الصومال.

من جهة أخرى، علمت «الشرق الأوسط» أن إدارة الرئيس الأميركي بارك أوباما تسعى بالتعاون مع السلطة الانتقالية التي يقودها الرئيس الصومالي الشيخ شريف شيخ أحمد، لإقناع كل من طاهر ريال كاهين رئيس جمهورية أرض الصومال وعبد الرحمن محمد محمود (فراولي) رئيس إقليم البونت لاند في شمال شرقي الصومال، بتقديم مساعدات عسكرية إلى السلطة في مواجهة المتمردين الإسلاميين الذين يسعون للإطاحة بها.

وينتظر أن تستضيف واشنطن للمرة الأولى يوم الخميس اجتماعا رباعيا يضم عبد الله محمد طلحة وزير خارجية أرض الصومال وفراولي رئيس إقليم البونت لاند ومحمد عمر عبد الله وزير الخارجية الصومالي.وقالت مصادر صومالية مطلعة إن الاجتماع الرباعي الذي سيشارك فيه مسؤولون أميركيون يتعلق برغبة واشنطن في تقريب وجهات النظر بين السلطة الانتقالية ورئيسي أرض الصومال والبونت لاند في محاولة لتشكيل تحالف يسمح للسلطة الصومالية التي يمثلها الشيخ شريف بالاستعانة بقوات عسكرية من الإقليمين.

وكان الرئيس الصومالي السابق عبد الله يوسف الذي اضطر للاستقالة من منصبه نهاية العام الماضي وينتمي إلى إقليم البونت لاند يتمتع بحماية قوة مسلحة قوامها أكثر من ألفي رجل من الإقليم، لكن معظم هؤلاء الجنود انسحبوا من العاصمة طواعية بعد استقالته التي مهدت الطريق لانتخاب الشيخ شريف رئيس جناح جيبوتي المنشق عن تحالف المعارضة في اريتريا رئيسا للصومال.

وكان الرئيس الصومالي الشيخ شريف شيخ أحمد قد منح منصب رئيس الوزراء لعمر عبد الرشيد شارماركي الذي ينتمي إلى إقليم البونت لاند، بينما منح منصب وزير الخارجية لعمر عبد الله الذي ينتمي في المقابل إلى أرض الصومال.

إلى ذلك، قال أحمد ولد عبد الله مبعوث الأمم المتحدة الخاص لدى الصومال إن السلطة الانتقالية بقيادة الشيخ شريف تواجه أزمة عصيبة ما لم تحصل على مساعدات دولية وعسكرية عاجلة في مواجهة المتمردين الإسلاميين الذين يسعون للإطاحة بها.

وأبلغ ولد عبد الله «الشرق الأوسط» في تصريحات خاصة عبر الهاتف أنه يؤيد الطلب الذي أعلنه رئيس البرلمان الصومالي عدن مادوبى بشأن ضرورة إرسال قوات عسكرية عاجلة وفورا من اليمن وجيبوتي وكينيا وإثيوبيا، لافتا إلى أنه يتفهم المبررات التي دفعت الحكومة الصومالية في وقت سابق إلى إعلان حالة الطوارئ في البلاد.

وكشف النقاب عن أن مئات من المقاتلين الأجانب من جنسيات شرق آسيوية وغربية وعربية يشاركون في القتال ضد الحكومة الصومالية في صفوف قوات المتمردين المكونة أساسا من ميلشيات الحزب الإسلامي وحركة الشباب المجاهدين. ومع ذلك فقد أكد المبعوث الأممي أن السلطة الانتقالية ستنجو من محنتها الراهنة.

ومن جهتها، وزعت حركة الشباب المجاهدين المتشددة والمناوئة للشيخ شريف وللتواجد العسكري الأجنبي في الصومال، بيانا ضمنته شريط فيديو وصورا فوتوغرافية للانتحاري الذي نفذ قبل ثلاثة أيام، عملية تفجير فندق في مدينة بلدوين بوسط الصومال مما أسفر عن سقوط عدد كبير من القتلى والجرحى على رأسهم وزير الأمن الصومالي عمر حاشي آدم.

وقالت الحركة في بيان لـ«الشرق الأوسط» إنه في إطار ما وصفته بعمليات «حصد رؤوس الشر» في الصومال و«اقتلاع جذور حكومة شريف المرتدة، قررت القيادة العسكرية العليا للحركة استهداف الركن الأساسي لحكومة شريف وحلقة الوصل بينها وبين إثيوبيا».

وكشف النقاب عن أن منفذ العملية محمد ديرو شيخ آدم (الزبير)، مشيرا إلى أنه قتل في العملية أكثر من سبعين ما بين مسؤولين وضباط صوماليين وإثيوبيين.