عائلة «ظلمتها إسبانيا» تحتج بنصب خيمة أمام الكنيسة الوحيدة في نواكشوط

أفرادها أدينوا بتزويج ابنتهم القاصر.. وقضيتهم تحظى بدعم قادة التيار الإسلامي

أفراد العائلة داخل الخيمة المنصوبة قرب الكنيسة في نواكشوط
TT

قررت عائلة موريتانية الاحتجاج على أحكام قضائية صدرت في إسبانيا ضد بعض أفرادها، عبر نصب خيمة صحراوية قرب الكنيسة الكاثوليكية الوحيدة وسط العاصمة نواكشوط. وفيما صارت الخيمة قبلة للمتعاطفين مع الأسرة، وخصوصا من سياسيين، فإن أكبر دعم حظيت به كان من قادة في التيار الإسلامي.

وتحتج هذه العائلة، منذ أيام، على أحكام بالسجن كانت صدرت ضد رجل وزوجته بتهمة تزويج ابنتهما القاصر من رجل متقدم في العمر نسبيا. وحكم القضاء الإسباني على الأم حواء بنت الشيخ، بالسجن 22 سنة وعشرة أشهر، وعلى الأب محمد ولد عبد الله، بالسجن 18 سنة وشهرين، فيما طلب الادعاء سجن المختار السالم، زوج الفتاة الذي يخضع للاحتجاز منذ ما يقارب العامين، 15 سنة.

ويحاكم القضاء الإسباني في هذه القضية الزوج بتهمة الاغتصاب بعد أن تزوج من ابنة عمه المدعوة أسلمها إلى جانب صهره وحماته والدي الفتاة المتهمين بالاعتداء على الطفولة، بعد أن قاما بتزويج ابنتهما قبل سن الثامنة عشرة المحددة للزواج في القانون الإسباني. وتعود القضية إلى عام 2007 عندما قامت أسرة موريتانية مقيمة في إسبانيا بتزويج ابنتها أسلمها البالغة 15 عاما من ابن عمها المختار (45 عاما) لتفاجأ بعد ذلك بدعوى مرفوعة ضدها من طرف أسرة إسبانية اتهمتها بالاعتداء على الطفولة، واتهمت الزوج بالاغتصاب، رغم أن الزواج تم في موريتانيا. واعتقل الزوج المختار عند وصوله إلى إسبانيا كما اعتقل والدا الطفلة ولا يزال الجميع يخضع للمتابعة القضائية في إسبانيا، وهم يقبعون في أحد سجون بويرتوريال منذ تموز (يوليو) 2007.

وتعود قصة المواطن الموريتاني المختار لثلاث سنوات خلت وتحديدا صيف 2005 حين عقد قرانه في موريتانيا على ابنة عمه أسلمها، المولودة لعائلة موريتانية مقيمة في إسبانيا، وذلك وسط ظروف عادية وطبقا للتقاليد الدينية. غير أن المختار ووالدي الفتاة اعتقلوا في حزيران (يونيو) 2007، بناء على شكوى من الفتاة دفعت إليها بتنسيق مع أسرة إسبانية. وباتت النيابة، حسب مصدر مقرب من الأسرة الموريتانية المعتقلة، تؤيد بشكل كامل رواية العائلة الإسبانية ومحاميها والتي تدفع باتجاه تجريم العائلة الموريتانية وعدم الاعتراف بالقران الذي تم توثيقه لدى المصالح الموريتانية ولدى السفارة الإسبانية في نواكشوط، كما تقول العائلة.

ويقول منطوق قرار الاتهام الإسباني ضد العائلة الموريتانية إن والدي الفتاة زوجاها دون رضاها من ابن عمها المختار وهي في موريتانيا عام 2005، قبل أن يتم إرغامها على العيش معه أشهرا لتعود في نيسان (أبريل) 2006 إلى والديها في بويرتوريال حيث يقيم والداها. ثم قررت الفتاة الابتعاد عن أسرتها والعيش مع عائلة إسبانية كانت قد تعهدتها مرارا وهي صغيرة وتحتفظ معها بعلاقات ود متينة، وفق نص قرار الاتهام. وفي أواخر أيار (مايو) 2007، وفق ممثل النيابة الإسبانية، أرغم الأبوان الفتاة أسلمها على الالتحاق ببيتهما بمناسبة قدوم زوجها، حيث رفضت السكن معه لأيام قبل أن ترغمها والدتها على البيات معه لتحدث واقعة «الاغتصاب». وحسب ما أكده الناطق باسم الأسرة، فإن القانون الإسباني يمنع الزواج في مثل عمر الفتاة أسلمها، لكنه يحمي حرية العلاقات الجنسية «بالتراضي» لمن هن في نفس عمرها حتى خارج الزواج، خلافا للقانون الموريتاني.

وصارت الخيمة المنصوبة أمام الكنيسة قبلة للمتعاطفين مع الأسرة، وخصوصا الطبقة السياسية التي يلاحظ مراقبون تواجدها بشكل لافت، مما يفسره البعض بدخول موسم الحملات الانتخابية، ويحاول من خلالها السياسيون استقطاب ما يمكن جذبه إليها. كما تقاطر على «خيمة الاحتجاج» بعض قادة التيار الإسلامي بعد أن أفتى أحد الرموز الدينية هو الشيخ محمد الحسن ولد الددو أنه «يجب على المسلمين مناصرة الأسرة في محنتها».

وقال المشرف على الخيمة لـ«الشرق الأوسط»، إن نصب الخيمة في هذا المكان ليس القصد منه استرداد حقوق ابنتنا المسلوبة ورد الاعتبار لأسرة بريئة تتعرض للسجن والمضايقات، بقدر ما هو دفاع عن كرامة الأمة الإسلامية ولخصوصيــات الثقــافية والدينية، كما أنها أيضا دفاع عن السيادة الموريتانية وعن جالياتها في أوروبا وحماية لمواطنيها الذين لا تبدو أنها متحمسة للدفاع عنهم واسترداد حقوقهم، حسب تعبيره. وأضاف المتحدث أن الهدف من المحاكمة هو تنصير الفتاة الموريتانية لا أقل ولا أكثر.