قيادي في «الدعوة»: لطهران باع طويل في تأجيج الصراعات بالخارج لصرف الأنظار عن الداخل

قلق عراقي حيال الأزمة الإيرانية.. ونواب يرونها فرصة لوقف التدخلات

TT

في الوقت الذي تعصف فيه اضطرابات ما بعد الانتخابات بإيران المجاورة، يعكف المسؤولون العراقيون على دراسة التداعيات المحتملة للأزمة المشتعلة داخل دولة يشاركها العراق ماضيا مضطربا وحدودا تمتد لـ800 ميل. علاوة على ذلك، تعتبر إيران الشريك التجاري الأول للعراق، ناهيك عن مشاركتها بقوة في المشهد السياسي العراقي منذ الغزو، الذي قادته الولايات المتحدة للعراق عام 2003. كما تسود شكوك على نطاق واسع حول تأجيج طهران أعمال العنف في العراق في السنوات الأخيرة. وعليه، من الممكن أن يخلف اندلاع أزمة سياسية داخل الجمهورية الإسلامية تداعيات طويلة الأمد على العراق.

وخلال زيارة رسمية له إلى اليابان، صرح وزير الخارجية العراقي، هوشيار زيباري، أمام حشد من الصحافيين، بأنه«ليس هناك من يساوره القلق والحزن حيال ما يجري في إيران أكثر من العراق. إن إيران جار ملاصق وقوي، وما يدور هناك يؤثر علينا جميعاً». يذكر أن إعادة انتخاب الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد في 12 يونيو (حزيران) الجاري أثارت مسيرات وتظاهرات حاشدة من جانب منافسيه وأنصارهم، الذين يزعمون وقوع تزوير في نتائج الانتخابات. وعصفت أعمال العنف التي وقعت بالشوارع، والمواجهات السياسية المحتدمة التي أعقبتها بالبلاد، وأثارت التساؤلات حول مدى متانة هيكل السلطة بها. من ناحيتهم، قال مسؤولون عراقيون، إنه من المستحيل التكهن بكيفية ـ وإلى أي مدى ـ ستؤثر الاضطرابات المشتعلة في طهران على بلادهم. وخلال مقابلات أجريت معهم، أعرب العديد من السياسيين عن أملهم في أن تزيد هذه الأزمة من صعوبة التدخل في الشؤون العراقية بالنسبة للحكومة الإيرانية في الشهور المقبلة. وقالت النائبة الكردية تانيا طلعت، إن «جميع طاقاتهم موجهة إلى كيفية التعامل مع الموقف. وأعتقد أن هذا يبقيهم منشغلين بشؤونهم، بدلاً من التدخل في شؤون الآخرين. ربما سننعم ببعض الهدوء». وقال النائب الكردي محمود عثمان، إنه شعر بارتياح تجاه الصعود الواضح لكتلة إصلاحية قوية في إيران. وأضاف، «من الأفضل بالنسبة للعراق ظهور نظام إصلاحي. ليس من الجيد لنا وجود نظام إسلامي محافظ بالجوار، لأن ذلك من شأنه تعزيز موقف الإسلاميين هنا، وربما يخلق مشكلات». وقال اثنين من السياسيين العراقيين الشيعة، إن الاضطرابات التي اندلعت في إيران لن تدوم سوى فترة قصيرة، مع استمرار القادة الإيرانيين في شن حملات صارمة ضد خصومهم السياسيين. واتهم النائب أحمد السعودي، عضو التيار الصدري، بزعامة مقتدى الصدر رجل الدين المعادي للولايات المتحدة، الذي يتخذ من طهران مقراً له حالياً، الحكومات الغربية بتأجيج القلاقل. وقال، إن «النظام قوي وديمقراطي. في الواقع، إنه النظام الديمقراطي الوحيد في الشرق الأوسط. إن الأمر ليس سوى حملة منظمة ضد إيران، وستفشل». وأعرب زعيم شيعي بارز ينتمي إلى حزب «الدعوة» الخاص برئيس الوزراء نوري المالكي، عن قلقه من أن إيران لها تاريخ في تأجيج الصراعات بالخارج لصرف الأنظار عن مشكلاتها الداخلية. وقال المسؤول، الذي اشترط عدم ذكر اسمه؛ خشية تعرضه للانتقام، إن «النفوذ الإيراني في العراق له أوجه كثيرة». واستطرد المسؤول بأنه نظراً لاتهام إيران الولايات المتحدة بإشعال التوترات منذ الانتخابات، وبالنظر إلى الاعتقاد السائد بأن الإيرانيين يفضلون انسحاباً سريعاً للقوات الأميركية من العراق، فإن أعضاء الميليشيات، الذين جرى تدريبهم وتجهيزهم في إيران من الممكن أن يصعدوا هجماتهم ضد القوات الأميركية في الأسابيع المقبلة. وأكد قائلاً، «إنهم يشعرون بالتهديد لوجود الجيش الأميركي بالقرب منهم». يذكر أن القوات الأميركية من المقرر أن تنسحب من المدن بحلول نهاية الشهر الجاري، وستلتزم قريباً بقواعد أكثر صرامة من المتوقع أن تقلص قدرتها على التحرك والاستجابة. على الجانب الآخر، ينفي القادة الإيرانيون استغلال العراق كمنصة لشن حرب بالوكالة ضد واشنطن. إلا أن الكثير من العراقيين يتهمون طهران بتأجيج أعمال العنف وزعزعة استقرار بلادهم. من جهته، قال سرمد زكي، 38 عاماً، مهندس مدني من بغداد، «أشعر بسعادة كبيرة لما يجري في إيران. وآمل أن ينجح المتظاهرون ويسقطوا النظام. لا أرغب في أن تنتهي أعمال العنف هناك قريباً. وإنما عليهم أن يعانوا ما عانيناه طيلة السنوات الست الماضية، لأنهم كانوا يسهمون في ذلك». في تلك الأثناء، وصف بهزاد سفاري، المتحدث الرسمي باسم جماعة «مجاهدين خلق» الإيرانية المعارضة، التي تضم 3.400 عضو يعيشون في معسكر في العراق، التطورات الأخيرة في إيران بأنها «نقطة تحول». وأضاف، «بغض النظر عما يحمله المستقبل لهذه الثورات، فإن الانقسام أصبح عميقاً لدرجة تستعصي على الإصلاح». * خدمة واشنطن بوست ـ خاص بـ«الشرق الأوسط»