مفاوضات واشنطن بشأن جنوب السودان تتوصل إلى تسوية للنقاط العالقة باستثناء الإحصاء

شاركت فيه 32 دولة.. وارتباك في الافتتاح.. والخرطوم لم تحصل على وعد أميركي برفع العقوبات

TT

أسفرت محادثات ثلاثية بين الحزبين الحاكمين في السودان، المؤتمر الوطني الحاكم والحركة الشعبية المهيمنة في الجنوب، بمشاركة الولايات المتحدة، عن الاتفاق على إيجاد تسويات لقضايا ظلت عالقة منذ توقيع اتفاقية السلام الشامل بين الشمال والجنوب في يناير (كانون الثاني) عام 2005 في نيفاشا (كينيا)، بيد أن الأطراف لم تتوصل إلى اتفاق حول مشكلة الإحصاء، وكان قد عقد أمس بواشنطن في جلسات علنية ومغلقة «مؤتمر الداعمين لاتفاقية السلام الشامل» التي أنهت عقدين من الحرب الأهلية، برعاية الولايات المتحدة، واختتم المؤتمر الذي شاركت فيه 32 دولة الليلة الماضية.

وكان من المفترض أن تفتتح المؤتمر هيلاري كلينتون وزيرة الخارجية، بيد أن إجراءها لعملية جراحية في مرفقها أدى إلى ارتباك في الجلسة الافتتاحية وشيء من سوء التنظيم؛ حيث أعلن أن الذي سينوب عن كلينتون هو جوني كارسون مساعد وزيرة الخارجية للشؤون الأفريقية، الذي حضر بالفعل إلى القاعة، لكنه غادر بعد ذلك، عندما أعلن أن جيمس ستنبيرغ نائب الوزيرة هو الذي سيخاطب المؤتمر في قاعة اكتظت ملء سعتها في فندق «بارك حياة» وسط العاصمة الأميركية. وقالت مصادر أميركية إن الغرض من المؤتمر هو حشد الاهتمام الدولي من جديد لتطبيق اتفاقية السلام الشامل بين الشمال والجنوب في السودان، التي تواجه عثرات بسبب عدم تطبيق كثير من بنودها، رغم تجاوز الزمن الافتراضي الذي حدد لهذه البنود.

وكان أول من تحدث في المؤتمر سكوت غريشن المبعوث الأميركي للسودان وقال إن الأطراف الثلاثة أجرت محادثات إيجابية بينها قبل انعقاد الجلسة الافتتاحية للمؤتمر، وقال غريشن إن هناك الكثير الذي يجب أن يعمل لتضييق شقة الخلافات بين الشمال والجنوب، مشيرا إلى ضرورة بذل أقصى الجهود نظراَ لضيق الوقت قبل إجراء انتخابات عامة في البلاد بناء على اتفاقية نيفاشا، وكذلك قبل إجراء استفتاء في الجنوب في يناير (كانون الثاني) عام 2011.

وتحدث بعد ذلك الجنرال الكيني لازارس سيمويو الذي كان أحد أبرز الوسطاء أثناء مفاوضات نيفاشا الكينية التي استمرت شهورا، واستعرض في كلمة مطولة المراحل التي قطعتها تلك المفاوضات إلى أن انتهت بالتوقيع على الاتفاقية، وأشار في ختام كلمته إلى أن مقتل جون قرنق وقرار المحكمة الجنائية ضد الرئيس السوداني عمر البشير عقدا الموقف بشأن تطبيق الاتفاقية.

وفي ختام الجلسة الافتتاحية تحدث ستنبيرغ نائب وزيرة الخارجية الأميركية وتطرق إلى ما حققته الاتفاقية، وقال إن حرب الجنوب أدت إلى مقتل وتشريد ملايين الناس، وأدت الاتفاقية إلى تحقيق السلام في المنطقة كما تطرق إلى الوضع في دارفور وحث جميع الأطراف على العمل لتحقيق سلام دائم في السودان. بعد ذلك طلب غريشن الذي يرعى المؤتمر أن تتحول الجلسات إلى مغلقة، حيث تحدث كل من غازي صلاح الدين رئيس وفد حزب المؤتمر السوداني الحاكم في الخرطوم، ومستشار الرئيس السوداني، ومالك عقار نائب رئيس الحركة الشعبية الحاكمة في الجنوب. كما تحدث كذلك ممثلو الوفود الأجنبية المشاركة في المؤتمر.

يشار إلى أن وفد الخرطوم يضم عددا من الشخصيات التي لا تشغل مناصب رسمية إضافة إلى بعض كبار موظفي وزارة الخارجية السودانية، في حين يضم وفد الحركة الشعبية كلا من نيال دينق نيال وزير الجيش في حكومة غوبا، وباقان اموم الأمين العام للحركة، ومنصور خالد (مستشار رئاسي) وياسر عرمان نائب الأمين العام لقطاع الشمال، وشخصيات أخرى.

وفي سياق متصل قال مطرف صديق وكيل وزارة الخارجية السودانية، إن مفاوضات واشنطن الثلاثية أدت إلى اتفاق حول ترسيم الحدود وابيي والترتيبات الأمنية. وقال صديق إن النقطة الوحيدة التي لم يتم الاتفاق عليها هي مسألة الإحصاء، مشيرا إلى أن الخرطوم أوضحت أن الإحصاء مسألة فنية وليست سياسية حتى يتم التفاوض حولها.

يشار إلى أن الحركة الشعبية ترفض نتائج التعداد الذي جرى في الشمال وتقول إن عدد الجنوبيين هناك أكثر بكثير مما جاء في أرقام الإحصاء، وطبقا لنتائج الإحصاء فإن نسبة مشاركة الجنوب في «السلطة والثروة ستصبح 22 في المائة بدلا من 28 في المائة» التي حددتها اتفاقية السلام على نحو تقديري لسكان الجنوب. وقال صديق في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إنه تم الاتفاق على عقد اجتماعات بين الجانبين في الخرطوم في منتصف يوليو (تموز) المقبل، في حين سيعقد اجتماع آخر في غوبا قي منتصف أغسطس (آب) المقبل. وقال مطرف أيضا في شأن المحادثات الثنائية بين وفد الخرطوم والإدارة الأميركية، إن الجانب السوداني طرح موضوع رفع اسم السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب وكذلك إلغاء العقوبات، وقال: «أبلغنا الجانب الأميركي أن الوسيط المحايد لا يمكن أن تكون علاقته سيئة مع أحد الأطراف ونحن نريد أن يكون دوره متوازنا» وقال صديق إنهم لم يتلقوا أي وعد حاسم بحل هذه الأمور وأوضح قائلا: «قيل لنا إنه ليس لديهم أي ملاحظات وإن الأمر قيد الدرس». ونسب إلى غازي صلاح الدين قوله في الجلسة المغلقة إن العقوبات الأميركية تعوق وحدة البلاد.

وفي سياق متصل كان السناتور جون كيري رئيس لجنة الشؤون الخارجية في مجلس الشيوخ قال خلال حفل عشاء أقامه الليلة قبل الماضية غريشن على شرف الوفود إنه سيعمل شخصيا مع الإدارة الأميركية لتحسين العلاقات مع السودان وأن الأوضاع هناك لم تعد كما كانت عليه عام 2003. وقال أيضا إن توصيف الأوضاع في السودان ليس توصيفا صحيحا، مشيرا إلى أن الرئيس باراك أوباما مهتم شخصيا بالوضع في السودان.

يشار إلى أن هناك ستة وفود من الوفود الـ32 كانت ممثلة على مستوى وزاري وهي إثيوبيا وكينيا وجنوب أفريقيا وهولندا وأوغندا في حين مثل بريطانيا وزير دولة في وزارة الخارجية.