الصومال: إصابة قائد الجيش.. والرئيس مستاء من تأخر إمدادات الجوار

القراصنة يحصلون على 1.3 مليون دولار لإطلاق سفينة شحن هولندية

TT

علمت «الشرق الأوسط» أن قائد الجيش الصومالي يوسف حسين عثمان (دومال) أصيب بجروح خلال مواجهات مع المتمردين الإسلاميين الذين يسعون للإطاحة بالسلطة الانتقالية في الصومال، وتتكتم الحكومة على الخبر حتى لا تتأثر معنويات الجنود، فيما أعلن الرئيس شيخ شريف شيخ أحمد استياءه من تأخر الإمدادات العسكرية التي طلبها من دول الجوار لمواجهة المتمردين وحماية سلطته المتهاوية.

وقال مسؤول صومالي رفيع المستوى في اتصال هاتفي من العاصمة الصومالية مقديشو إن قائد الجيش يوسف دومال، الذي تولى منصبه في الرابع عشر من الشهر الماضي، تعرض للإصابة بجروح طفيفة من جراء شظايا قذيفة هاون أطلقت في اتجاهه في وقت سابق أمس في مقديشو، لافتا إلى أن الحكومة الصومالية تتكتم خبر إصابته خشية تأثيرها السلبي على معنويات الجنود الموالين لها.

ووزع المتمردون الإسلاميون شرائط فيديو في مختلف أرجاء العاصمة مقديشو لحث الشباب على الانضمام إليهم في مواجهة الحكومة، في وقت أعربت فيه مصادر مقربة من الرئيس الصومالي الشيخ شريف شيخ أحمد لـ«الشرق الأوسط» عن صدمتها لعدم تجاوب حكومات كينيا وجيبوتي واليمن وإثيوبيا مع طلب رئيس البرلمان عدن مادوبي قبل يومين منها إرسال قوات عسكرية بشكل عاجل إلى الصومال، للحيلولة دون انهيار السلطة الانتقالية التي يقودها شيخ شريف.

ورأت المصادر أن هذا الموقف قد يعني السماح لمن وصفتهم بالمتطرفين الإسلاميين للاستيلاء على السلطة في الصومال، محذرة من التأثيرات السلبية لهذا الموقف على الوضع في مجمل منطقة القرن الأفريقي. وقال مسؤول صومالي لـ«الشرق الأوسط»: «إذا سقطت هذه السلطة فإن المتطرفين سيعيدون كتابة تاريخ المنطقة، وسنشهد حمامات دم، إذا انتصر أصحاب الرايات السوداء ونجحوا في إسقاط الحكومة الشرعية في الصومال فسيدفع الجميع الثمن باهظا».

وبات المتمردون الذين يضمون خليطا من ميلشيات الحزب الإسلامي وحركة الشباب المجاهدين على بعد نحو كيلومترين فقط من القصر الرئاسي المعروف باسم فيلا الصومال، حيث يوجد مكتب ومقر إقامة الشيخ شريف بالإضافة إلى مكاتب الحكومة والبرلمان.

وتجري في هذه الأثناء محاولات لعقد قمة إقليمية تضم الدول المعنية، حيث كشفت مصادر صومالية وكينية لـ«الشرق الأوسط» النقاب عن أن القمة التي كان مقررا عقدها في العاصمة الكينية نيروبي ما زالت محل مشاورات مكثفة، مشيرة إلى احتمال عقدها في العاصمة الأوغندية كمبالا خلال اليومين المقبلين بمشاركة رؤساء دول وحكومات كينيا وأوغندا وإثيوبيا وبوروندي.

وقال مسؤول رفيع المستوى في الحكومة الجيبوتية لـ«الشرق الأوسط» إن بلاده ما زالت تدرس طلب البرلمان الصومالي إرسال قوات عسكرية من دول الجوار الجغرافي للصومال في منطقة القرن الأفريقي، وألمح إلى أن القرار في الغالب سيكون برفض إرسال قوات عسكرية من جيبوتي في هذا التوقيت الحرج، لافتا إلى أن جيبوتي تعتقد أنه من المهم في هذه المرحلة الاكتفاء بتقوية الجيش الصومالي وتعزيز قدرات قوات حفظ السلام التابعة للاتحاد الأفريقي.

وكانت كينيا قد أعلنت أول من أمس أنها لن ترسل تعزيزات عسكرية لدعم الأمن في الصومال، لكنها حثت المجتمع الدولي على معالجة الأزمة في هذه الدولة الواقعة في القرن الأفريقي. وأبلغ رئيس الوزراء الكيني رايلا أودينغا نظيره الصومالي عمر عبد الرشيد شارامارك أن كينيا في المقابل ستركز على حشد الدعم للحكومة الانتقالية من الدول الأخرى، على الرغم من أن شارامارك أكد أن بلاده واجهت خلال الأيام القليلة الماضية وضعا صعبا، وقال: «إننا نشهد تدفقا كبيرا للمقاتلين يقودون الآن القتال ضد الحكومة، ونحتاج إلى قوات للمساعدة في ضبط الأمن في الصومال».

لكن رئيس الحكومة الكينية لاحظ في المقابل أن هناك قرارا من منظمة دول الإيقاد يمنع فعليا الدول المجاورة من إرسال قوات إلى الصومال، مشيرا إلى أن بلاده ستستمر في تقديم ما وصفه بالدعم النشيط للصومال. وناشد أودينغا المجتمع الدولي تقديم حلول عملية يمكن أن تدعم الحكومة الانتقالية في مواجهة المتمردين المناوئين لها، متهما في نفس الوقت المجتمع الدولي بالفشل في الوفاء بوعده المساهمة بـ213 مليون دولار لإعادة تأهيل الصومال خلال المؤتمر الأخير الذي عقد في العاصمة البلجيكية بروكسيل.

وساد الهدوء الحذر أمس أرجاء العاصمة الصومالية مقديشو، بينما أبلغ السفير إبراهيم الشويمي مبعوث الجامعة العربية الخاص لدى الصومال «الشرق الأوسط» هاتفيا من المدينة، أن القوات الحكومية الموالية للشيخ شريف وقوات المتمردين الإسلاميين المناوئين له ما زالت تحتشد استعدادا لاندلاع معارك عنيفة في مقديشو، لحسم مسألة السيطرة عليها.

إلى ذلك علقت محكمة إسلامية لحركة الشباب المتشددة في مقديشو تنفيذ عقوبة قطع أيدي وأرجل أربعة مراهقين صوماليين كانت قد أدانتهم بالسرقة أول من أمس، خشية أن يؤدي ارتفاع درجة الحرارة إلى نزفهم حتى الموت. ولم تحدد المحكمة موعدا جديدا لتنفيذ العقوبة التي تقول إنها تتماشى مع الشريعة الإسلامية على الرغم من انتقادات الكثير من المنظمات الحقوقية المحلية والدولية لحكمها.

من جهة أخرى أكد أندروا موانغورا مسؤول برنامج مساعدة البحارة الذي يتخذ من العاصمة الكينية نيروبي مقرا له، لـ«الشرق الأوسط»، أن قراصنة صوماليين أطلقوا أمس سراح سفينة الشحن الهولندية «ماراثون» وعلى متنها ثمانية من البحارة الأوكرانيين. وطبقا لما أعلنه ماكولا مالموزيتش رئيس جهاز المخابرات الخارجية الأوكرانية، فقد حصل الخاطفون على فدية مالية قدرها 1.3 مليون دولار أميركي قبل أن يبدأوا في مغادرة المركب الذي بدأ يبحر لمغادرة المياه الإقليمية للصومال.

وكانت وزارة الخارجية الهولندية قد أعلنت أن قراصنة صوماليين أفرجوا عن السفينة لكنهم قتلوا بالرصاص فردا من طاقمها الأوكراني. وقال متحدث باسم الوزارة إن فردا آخر من طاقم السفينة أصيب بالرصاص، بينما قدمت قوات مشاة البحرية الهولندية المساعدة الطبية، وترافق السفينة إلى مياه محايدة، وذلك بعد نحو شهرين من خطفها في خليج عدن.

وكانت السفينة «ماراثون» التي تبلغ حمولتها 2575 طنا متجهة صوب الغرب عبر خليج عدن عندما خطفت في السابع من الشهر الماضي، علما بأنها مملوكة لهولنديين وترفع علم هولندا. وطبقا لمعلومات المكتب الدولي للملاحة البحرية فقد تم خطف 31 سفينة منذ مطلع العام الجاري من أصل 143 هجوما، بالمقارنة بخطف 42 سفينة من بين 111 هجوما خلال العام الماضي.