السفارة الأميركية تحذر رعاياها من التنقل داخل الخرطوم.. والخارجية السودانية تقلل من التحذيرات

بعد تهديدات إثر مقتل مشتبه به وأحكام الإعدام على قتلة الدبلوماسي

TT

حذرت السفارة الأميركية في الخرطوم رعاياها من التنقل داخل العاصمة السودانية خلال اليومين الجاريين، وقالت إن متشددين إسلاميين هددوا بارتكاب أعمال عنف ضد الحكومة السودانية, وقد يستهدفون مصالح غربية بعد مقتل متطرف مشتبه به خلال مطاردة من قبل الشرطة الأسبوع الماضي، إضافة إلى حكم الإعدام الذي صدر في مواجهة قتلة الدبلوماسي الأميركي جون غرانفيل. من جانبها قللت الحكومة من التحذيرات الأميركية بشأن تهديدات بهجمات محتملة من مجموعات متطرفة تستهدف مصالح غربية بالسودان.

وأوضحت رسالة من السفارة الأميركية لرعاياها في السودان أمس تلقت «الشرق الأوسط» نسخة منها، أنه «نُشرت بيانات تهدد بارتكاب أعمال عنف ضد حكومة السودان على موقع (جهادي)، بعد موت متطرف إسلامي مشتبه به»، وأضافت أنه قد تتكرر الدعوة إلى مهاجمة أهداف حكومية أو مصالح غربية أو كليهما خلال صلاة الجمعة (غد)، ودعت رعاياها إلى عدم التنقل داخل العاصمة من الثانية عشرة ظهرا إلى السادسة مساء بالتوقيت المحلي للخرطوم. وأشارت الرسالة إلى أن موقع «جهادي» لمجموعات متطرفة هدد بالقيام بأعمال عنف بعد إيقاف إسلامي في أثناء عملية اعتقاله.

وعبرت السفارة الأميركية عن بالغ قلقها عن احتمال تعرض جهات حكومية سودانية ومصالح غربية لأعمال عنف من قبل المجموعات الجهادية، كما ذكرت رعاياها بالحادثة التي تعرض لها العام الماضي الدبلوماسي الأميركي غرانفيل وسائقه، وقالت: «على مواطنينا الحذر، ويمكن لمناصري محكومي غرانفيل القيام بتظاهرات في إطار رد فعل صدور الحكم ضد الأميركان والغربيين»، وحذرت رعاياها من الوجود وسط الخرطوم ومناطق الازدحام، ودعتهم للاحتراز، إلى جانب تحذيرها لمواطنيها من السفر إلى السودان، خصوصا مناطق دارفور التي تشهد أعمال عنف وصراعات قبلية، كما دعت الأميركان الموجودين داخل السودان إلى توخي الحيطة وتسجيل المعلومات عبر موقع السفارة الإلكتروني، والتبليغ عن تحركاتهم لوحدة الشؤون القنصلية.

من جهة أخرى أصدرت محكمة بالخرطوم يوم الأربعاء حكما بشنق أربعة سودانيين بتهمة قتل مسؤول إغاثة أميركية وسائقه بالعاصمة السودانية، بينما حكم على سوداني خامس بالسجن عامين. وكان الأميركي جون غرانفيل الموظف بالوكالة الأميركية للتنمية الدولية، والبالغ من العمر 33 عاما، قد قُتل بالرصاص مع سائقه عبد الرحمن عباس رحمة، وعمره 39 عاما، في أثناء عودتهما من احتفالات رأس السنة في الساعات الأولى من الأول من يناير (كانون الثاني) 2008.

لكن المتحدث الرسمي باسم الخارجية السودانية السفير علي الصادق قال للصحافيين إنها ليست المرة الأولى التي تصدر فيها السفارة الأميركية مثل هذه التحذيرات بشأن الأوضاع الأمنية، وأضاف: «لكن في كل مرة تبرهن الأحداث اللاحقة أن تلك التحذيرات لم يكن لها ما يبررها»، وأضاف أن حكومته أعلنت من قبل عن عدم وجود أي جماعات إرهابية أو متطرفة في البلاد، فضلا عن أن الأجهزة الأمنية مفتوحة العينين ليلا ونهارا للحفاظ على أمن المواطن في المقام الأول والبعثات الدبلوماسية الأجنبية العاملة في الخرطوم وأفرادها وممتلكاتها.

وأبدى الصادق استغرابه للطريقة التي تمارسها السفارة الأميركية بالخرطوم، وقال: «وفقا للأعراف الدبلوماسية، إذا رأت أي بعثة أنها عرضة لخطر قادم فإنها تطلب من الدول المضيفة مزيدا من إجراءات الحماية، في هذه الحالة يترتب على الدول المضيفة اتخاذ الإجراءات اللازمة». وأعاد إلى الأذهان الإجراءات التي اتخذتها حكومته مع البعثات الأجنبية عقب صدور مذكرة توقيف الرئيس السوداني عمر البشير في مارس (آذار) الماضي، حيث وضعت الحكومة إجراءات صارمة لحماية البعثات، ومرت الأحداث بسلام دون تعرضها لأي عمل انتقامي.

ولم تذكر السفارة الأميركية التي تحث مواطنيها على الحد من الظهور ومن التنقلات أي تفاصيل عن الموقع «الجهادي»، الذي قالت إنه نشر التهديدات أو تكلم عن المتشدد المشتبه به الذي قتل خلال مطاردة الشرطة السودانية له في أحد شوارع الخرطوم.

وكانت مواقع إسلامية إلكترونية قد نقلت عن الرابطة الشرعية للعلماء والدعاة بالسودان اتهامها للسلطات الأمنية باغتيال الدكتور العبيد عبد الوهاب، أستاذ اللغة العربية وآدابها في جامعة الخرطوم، مساء الأربعاء, وأن السلطات قدمته قربانا لتعاونها الأمني مع واشنطن. وهو ما نفته الشرطة مؤكدة وفاته في حادث خلال الهرب من رجال الأمن. ونقلت وكالة الصحافة الفرنسية عن متحدث باسم الشرطة أن شخصا ألقى حجرا على المشتبه به معتقدا أنه لص، خلال محاولته الفرار من الضباط راكبا دراجة نارية, وأنه لفظ أنفاسه الأخيرة لاحقا في المستشفى نتيجة إصابته في رأسه.