نتنياهو يدفع بباراك إلى واشنطن لتسوية الخلافات حول الاستيطان

بعد أن ألغى ميتشل لقاءه معه خلال جولته الأوروبية

جندي اسرائيلي يعتقل عاملا فلسطينيا غير شرعي يختبيء في برميل في بلدة جعفات برنر في اطار حملة لمنع العمال الفلسطينيين من الدخول تهريبا لاسرائيل، امس (رويترز)
TT

عقب قرار الإدارة الأميركية إلغاء لقائه الذي كان مقررا عقده اليوم في باريس، مع مبعوث الرئيس الأميركي إلى الشرق الأوسط جورج ميتشل، قرر رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، إرسال نائبه ووزير دفاعه إيهود باراك، إلى واشنطن على عجل في محاولة لتسوية الخلافات المحتدمة حول موضوع الاستيطان.

وسيصل باراك إلى واشنطن يوم الاثنين المقبل، ليلتقي عددا من المسؤولين هناك في مقدمتهم السناتور ميتشل. ومن المفترض أن يحمل معه مقترحات جديدة تثبت أن حكومة إسرائيل تتجاوب مع شروط خطة خريطة الطريق وتجمد البناء الاستيطاني في جميع المناطق الفلسطينية التي احتلت العام 1967 بلا استثناء، بما في ذلك ما تسميه إسرائيل «البناء لغرض سد احتياجات التكاثر الطبيعي».

واختلف المراقبون في تفسير إلغاء لقاء نتنياهو ميتشل، فقالت مصادر أميركية إن ميتشل هو الذي ألغى اللقاء عندما سمع تصريحات نتنياهو في روما التي دافع فيها عن البناء الاستيطاني، فأبلغه بأنه سيلتقيه عندما يكون لديه موقف جديد ملائم للسياسة الأميركية الرافضة لأي بناء استيطاني. لكن مصادر في حاشية نتنياهو قالت أمس من باريس إن إسرائيل هي التي اقترحت إلغاء اللقاء، لأن نتنياهو لم يتمكن من تحضير كل ما يحتاجه من معطيات لشرح الموقف الإسرائيلي بخصوص البناء الاستيطاني.

لكن مصادر سياسية مطّلعة قالت إن نتنياهو تلقّى رسالة واضحة من واشنطن تقول إن ما يحمله من أفكار مرفوض. وإن عليه أن يستوعب ماهية الموقف الأميركي، الرافض تماما لأي ألاعيب أو لف أو دوران: «نريد موقفا مستقيما وواضحا يُبنى على تطبيق كل الالتزامات الإسرائيلية في خريطة الطريق حتى نستطيع الطلب من الفلسطينيين أن يوفوا بالتزاماتهم هم أيضا». وذكر مسؤول إسرائيل، أمس، أنه في لقاء مع شخصية أميركية مؤخرا فهم أن إدارة الرئيس الأميركي باراك أوباما، تنوي الضغط على الرئيس الفلسطيني، محمود عباس (أبو مازن)، كي يلتقي نتنياهو. ولكنها لن تقدم على خطوة واحدة في هذا الاتجاه، قبل أن يعلن نتنياهو عن تجميد الاستيطان.

ويثير هذا الموقف الأميركي غضبا في صفوف المستوطنين في الضفة الغربية، الذين يردون بإهانة وتحقير على الرئيس الأميركي. فيقيمون وحدات سكن مؤقتة في عدة مستوطنات ويكتبون عليها «كرفان أوباما» و«حي أوباما» وغير ذلك من الشعارات الساخرة.

ويسافر باراك بالذات إلى واشنطن بسبب التقدير الخاص الذي يحظى به هناك، لدرجة بات فيها وسيطا بين حكومته والإدارة الأميركية. وسيحمل باراك معه إلى واشنطن تقريرا يتضمن الخطوات التي قام بها جيشه لتخفيف الأعباء والمضايقات التي يتعرض لها الفلسطينيون في حياتهم اليومية نتيجة للحواجز العسكرية والنشاطات الاستيطانية. وسيحاول إقناع الأميركيين بالسماح لإسرائيل أن تواصل بشكل رمزي بعض البناء الاستيطاني حتى لا يتفكك الائتلاف الحكومي الذي يقوده نتنياهو بمشاركة أحزاب اليمين المتطرف. ووصف رئيس بلدية أرئيل، كبرى المستوطنات في الضفة الغربية، رون نحمان، ما يجري بين إسرائيل والولايات المتحدة بأنه «حرب دامية بين الأصدقاء». ولكنه توقع أن تنتصر إسرائيل في هذه الحرب، بحيث يستمر الاستيطان. وقال إنه لا يستطيع أن يتصور حكومة إسرائيلية بقيادة اليمين تتنازل عن البناء الاستيطاني. وقال: «يكفينا ما فعله بنا وزراء حكومة إيهود أولمرت، فقد جففوا مستوطناتنا». وادّعى أن حكومة أولمرت منعت المستوطنات ثم بناء البيوت وتسببت في نواقص كبيرة فيها وخلل كبير في برامجها. وقال إن عدد سكان مدينته اليوم يبلغ 19 ألف نسمة، بينما التخطيط يقضي بأن تصل في هذه المرحلة إلى 60 ألف نسمة. ودعا نتنياهو إلى مواصلة الصمود في هذه المعركة والإصرار على «حق» الاستيطان اليهودي في «كل مكان في أرض إسرائيل». يُذكر أن الأوروبيين يقفون هم أيضا ضد التوسع الاستيطاني بكل أنواعه. وحتى رئيس الوزراء الإيطالي، سلفيو برلسكوني، الذي يُعتبر صديقا حميما لإسرائيل طالب نتنياهو خلال لقائهما في روما، الليلة قبل الماضية، بتجميد البناء الاستيطاني تماما، ولو لفترة إدارة المفاوضات. واستمع إلى لهجة مشابهة، بل أكثر حدة، في باريس أمس، لدى لقائه الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي. ويخطط نتنياهو للقيام بزيارة إلى كل من بريطانيا وألمانيا خلال الشهر المقبل.