احتفالات رسمية أكثر منها شعبية بالانسحاب الأميركي.. وعناصر الأمن يوزعون بطاقات تهنئة من المالكي

مقتل وإصابة 82 شخصا بانفجار في كركوك.. وإحباط هجوم بـ96 صاروخا على العاصمة * مقتل 4 جنود أميركيين

عناصر أمن عراقيون يرقصون في بغداد أمس احتفالا بانسحاب القوات الأميركية من المدن (رويترز)
TT

اتسمت مظاهر الاحتفال في بغداد بطابع رسمي أكثر من كونه شعبيا فقد تجولت السيارات الخاصة بالجيش والشرطة العراقية في شوارع العاصمة العراقية وهي تنثر الحلوى والورود على المارة ترافقها اصوات المكبرات التي بثت الاغاني الوطنية والراقصة، فيما وزعت هذه السيارات بطاقات التهنئة من قبل رئيس الوزراء نوري المالكي للعراقيين وللقوات العراقية المسلحة من الشرطة والجيش. وقال المالكي في بطاقته التي حملها الاطفال وبعض المارة بعد ان تناولتها ايديهم وهي تتبعثر في الاجواء، ان «انسحاب القوات الاميركية من المدن العراقية في الثلاثين من يونيو (حزيران) انجاز تاريخي تحقق بإرادتكم وبفضل تضحياتكم وهو خطوة مهمة لتعزيز السيادة الوطنية»، واضافت البطاقة «اتقدم بأسمى التهاني والتبريكات بهذا اليوم الوطني سائلا الله ان يحفظ العراق وشعبه وكل عام وانتم بخير».

بينما اوصى المالكي في الوجه الآخر من بطاقته قوات الجيش والشرطة والاجهزة الأمنية بان يعاملوا الناس «معاملة طيبة وان لا يتهاونوا مع الارهابيين».

اهالي بغداد بشكل عام كانوا يشعرون بالتوجس من المشاركة في الاحتفالات او الخروج في الازدحامات بل اعتبروا يومهم عطلة رسمية ترقبوا فيها الاخبار خوفا من حدوث عوارض او انفجارات قد تنغص عليهم فرحتهم.

وقال عدد منهم في احاديث منفصلة لـ«الشرق الاوسط» ان «لايام القليلة القادمة ستكشف ربما عن عمق او ضعف السيطرة الامنية العراقية بعد انسحاب القوات وعندها فقط بإمكاننا ان نحتفل فالوضع ما زال غير مطمئن وعلينا انتظار الايام القادمة».

وفيما اعلن الجيش الاميركي مقتل اربعة جنود اميركيين عشية الانسحاب، أعلن مصدر أمني عراقي احباط عملية اطلاق صواريخ كانت معدة لضرب مناطق عدة من بغداد في يوم الانسحاب.

واوضح الجيش الاميركي في بيان «توفي اربعة جنود في فرقة القوة الدولية في بغداد في 29 يونيو(حزيران) متأثرين بجروح اصيبوا بها خلال عمليات قتالية». ولم يحدد الجيش تاريخ الهجوم الذي اصيبوا خلاله، غير ان متحدثا عسكريا كان افاد عن هجوم بالقنبلة استهدف دورية اميركية الاحد في مدينة الصدر شمال شرق بغداد وادى الى وقوع ثلاثة جرحى بحسب تقرير اولي. واعلن الجيش لاحقا مقتل جندي الاحد متأثرا بجروح اصيب بها خلال معارك.

ومن جهته، قال مسؤول في جهاز مكافحة الارهاب في العراق لـ«الشرق الاوسط» إن عناصر الجهاز احبطوا عملية هجوم بالصواريخ على بغداد، وذكر ان «96 صاروخا بمدى 1000 متر حديثة الصنع كانت معدة للإطلاق باتجاه مناطق متفرقة من بغداد وبوقت واحد يوم الثلاثاء (أمس) تزامنا مع الانسحاب الاميركي من المدن العراقية».

واكد المصدر ان «الصواريخ كات محملة في عجلة نوع (هينو) واستطاعت ان تمر من خلال 11 سيطرة عسكرية دون الكشف عنها بسبب وضعها ضمن مواد عازلة بلاستيكية داخل العجلة»، مؤكدا ان «عملية خاصة من قبل جهاز مكافحة الارهاب ومن خلال معلومات استخبارية دقيقة استطاعت ان تلقي القبض على ثلاثة اشخاص بينهم عربي الجنسية داخل العجلة غرب مدينة بغداد».

وحول تعرض بغداد الى هجمات صاروخية خلال الايام المقبلة، قال المصدر «نحن نتحفظ على سير التحقيقات ولكن معلومات استخباراتية وجهتنا الى خيوط كثيرة وستكشف من خلال عمليات خاصة اخرى سيقوم بها منتسبو الجهاز وسيتم القضاء على أي ارهابي خلال المرحلة المقبلة ولن تستطع أي جهة ان تقوض العملية السياسية او التطورات الامنية الحاصلة في البلاد».

وفي تطور أمني لاحق أمس، قُتل 26 شخصا على الأقل وأصيب 56 آخرون بجروح في انفجار سيارة مفخخة استهدفت سوقا شعبية وسط كركوك (255 كلم شمال بغداد)، بحسب مصادر أمنية عراقية. وقالت وكالة الصحافة الفرنسية إن الانفجار وقع عند الساعة 18:00 بالتوقيت المحلي (15:00 ت.غ) في سوق في مدينة كركوك النفطية.

ومن جانبه طالب صبار الساعدي، رئيس اللجنة القانونية في مجلس محافظة بغداد، بتشكيل غرفة عمليات تحسبا لوقوع انفجارات، كما طالب حسب تصريح ادلى به لـ«الشرق الاوسط» وزارة الصحة بوجود اطبائها وتوزيعهم على المستشفيات تحسبا لأي طارئ.

وعلى الصعيد نفسه، اكدت مصادر امنية رفيعة المستوى ان الاوضاع الامنية مسيطر عليها تماما وان أي حوادث تفجيرات لم تحصل، واكد وجود اجهزة متطورة لكشف المتفجرات في نقاط التفتيش الرئيسية وان قوات الجيش والشرطة بكامل استنفارها الامني.

وشوهدت في الاماكن المهمة في بغداد المدرعات العراقية في منطقة العلاوي والباب الشرقي والباب المعظم والمناطق الاخرى شرق وشمال وغرب وجنوب العاصمة، كما ترجلت عناصر الجيش والشرطة من السيارات ووجدت بكثافة في الشوارع الرئيسية ولم يتم فرض أي حظر للتجوال وكانت حركة المارة طبيعية في الذهاب الى الاسواق او التزود بالوقود او زيارة الاقارب.

وكان الرئيس العراقي جلال طالباني ورئيس الوزراء قد وجها كلماتهم بمناسبة الانسحاب للشعب العراقي، حيث طالب المالكي في كلمته الدول العربية والاسلامية باتخاذ موقف حازم مما اسماهم بـ«اصحاب الفتاوى التكفيرية ودعاة القتل».

وقال المالكي في كلمة وجهها للشعب العراقي امس ان «الذين رفعوا شعار اخراج المحتل من العراق اتخذوا من شعار المقاومة وسيلة للارتزاق وكسب الاموال والسياحة في عواصم  العالم، هؤلاء هم اكثر الخاسرين من انسحاب القوات الاجنبية خلافا  لادعاءاتهم الكاذبة، لقد اجازوا قتل المدنيين بدعوى انهم دروع وتروس للاجنبي وافتوا بتحريم الانضمام الى قوات الجيش والشرطة ومنعوا آلاف الشباب من المشاركة في شرف حماية الشعب والوطن، كما حرّموا على المواطنين المشاركة في الانتخابات»، وأضاف «لقد قتلوا في ظل  تلك الفتاوى الشيطانية الاف الابرياء بدم بارد وهجروا عشرات الآلاف من العوائل من مناطقهم  وديارهم، نطالب الدول العربية والاسلامية والمجتمع الدولي باتخاذ موقف حازم من اصحاب الفتاوى التكفيرية ودعاة القتل».

بينما اعتبر طالباني الانسحاب بانه «خطوة اخرى نحو استكمال السيادة الكاملة، وفي برهان دامغ على ان قوى الارهاب والظلام والردّة عاجزة عن ثني الارادة الصلبة للعراقيين والفتّ في عضد قواهم الامنية».

كما شكر القوات الاميركية في العراق التي اطاحت بالنظام العراقي السابق، وقال انه «يقتضي الواجب والامانة منا ونحن نحتفل في هذا اليوم، ان نعرب عن شكرنا وامتناننا لاصدقائنا من قوات التحالف الذين تحملوا الاعباء والاخطار وتكبدوا معنا خسائر بشرية ومادية، اثناء تخليص العراق من ابشع نظام استبدادي، ثم اثناء العمل المشترك في سبيل استتباب الامن ومن اجل اشاعة جو الاستقرار والطمأنينة».