صدمة حقوقية: إسبانيا تلغي محاكمة 7 من قادة إسرائيل بتهمة «جرائم حرب» في غزة

ضغوط من عدة حكومات أدت إلى القرار وإلغاء 13 قضية مماثلة ارتكبت في العراق وأفغانستان

TT

أثمرت الضغوط السياسية التي مورست منذ عدة شهور على القضاء الاسباني، فأعلنت المحكمة المركزية في مدريد، أمس، عن الغاء محاكمة 7 من قادة اسرائيل بتهمة ارتكاب جرائم حرب ضد الانسانية وتم اغلاق الملف، وتم معه الغاء 13 محكمة أخرى كان قد بدأ الاعداد لها ضد جرائم حرب ارتكبت في العراق وأفغانستان وأفريقيا، مما شكل صدمة في اوساط جمعيات حقوق الانسان.

وجاء هذا القرار في أعقاب صدور قانون في الكونغرس الاسباني، اتخذ بتأييد 341 نائبا من الائتلاف الحاكم والمعارضة، ومعارضة نائبين اثنين فقط، يكبل أيدي المحكمة الاسبانية ويمنعها من التحقيق في قضايا جرائم الحرب التي تصل اليها. وكانت المحكمة المركزية في مدريد قد بدأت التحقيق في قضية القادة الاسرائيليين في أعقاب شكاوى تقدمت بها مؤسسات حقوق انسان اسرائيلية وفلسطينية واسبانية، تطالب فيها بمحاكمة المسؤولين الاسرائيليين عن جريمة اغتيال صلاح شحادة، قائد الجناح العسكري لحماس في قطاع غزة في يوليو (تموز) سنة 2002، والتي قتل فيها 15 مدنيا بينهم تسعة أطفال وخمس نساء. والمتهمون الذين قدموا الى التحقيق هم وزير الدفاع، بنيامين بن اليعيزر، ورئيس أركان الجيش، موشيه يعلون.

من جهة ثانية قال القاضي ريتشارد غولدستون رئيس بعثة التحقيق التابعة للامم المتحدة في المجازر التي ارتكبتها اسرائيل في غزة خلال العدوان الأخير إن الشهادات التي استمع اليها أعضاء اللجنة ضحايا العدوان كانت مؤلمة. وفي بيان صادر عنه، قال غولدستون وهو يهودي من جنوب أفريقيا «بأننا كزملاء في الإنسانية، نود أن نسجل تأثرنا العميق بالكثير من التفاصيل الخاصة بالمعاناة العميقة والحزن، التي سمعناها خلال اليومين الماضيين» مؤكدا «على الحق في الكرامة، وتعرض العديد من شهود العيان لظروف صعبة جداً».

وخلال جلسات الاستماع التي استمرت ليومين والتي تعتبر أول جلسات استماع تعقدها لجنة تحقيق أممية - استمع أعضاء البعثة للضحايا، شهود العيان، والخبراء، عما لحق بمواطني غزة من موت وتدمير خلال العدوان الإسرائيلي الأخير، فضلاً عن تأثير الحصار الإسرائيلي الأخير على القطاع.

واكد القاضي غولدستون بأن عددا من المواطنين أبدوا رغبتهم في التحدث، ولكنهم تراجعوا بعدما شعروا بأن ذلك سيكون له مخاطر على أمنهم. وأشار غولدستون إلى أن اللجنة استكملت جولتها الأولى من جلسات الاستماع لضحايا العدوان وهي الجلسة التي انعقدت في مقر الأمم المتحدة في مدينة غزة. واضاف أن تفويض اللجنة يشمل إجراء تحقيق مستقل ونزيه في كافة الادعاءات الخاصة بالانتهاكات للقانون الدولي لحقوق الإنسان، خلال فترة الحرب الاخيرة. من ناحيته قال راجي الصوراني مدير «المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان»، ومقره غزة أنه بات في حكم المؤكد أن التقرير النهائي الذي سيصدر عن اللجنة سيدين إسرائيل على جرائمها في ضوء نتائج التحقيقات الميدانية التي أجرتها اللجنة والشهادات التي استمعت إليها من الضحايا. وفي تصريحات لـ«الشرق الأوسط» أوضح الصوراني أن التعامل مع النتائج التي سيتوصل إليها التقرير سيتوقف إلى حد كبير على الإرادة السياسية، منوهاً إلى أن التقرير سيعرض على مجلس الأمم المتحدة لحقوق الإنسان في جنيف الذي تشارك فيه 90 دولة، مبديا تخوفه من أن بعض الدول ستفضل الاعتبارات السياسية على الاعتبارات القانونية والإنسانية.

الى ذلك اتهمت منظمة هيومن رايتس ووتش للدفاع عن حقوق الانسان أمس الجيش الاسرائيلي بقتل عشرات المدنيين في غزة بواسطة طائرات من دون طيار، على الرغم من ان هذه الطائرات مصممة لتنفيذ ضربات محكمة الدقة. وقالت المنظمة في تقرير استند الى فحوصات طبية وإفادات شهود ان ما لا يقل عن87 فلسطينيا قتلوا جراء عمليات قصف نفذتها طائرات من دون طيار خلال عملية «الرصاص المصبوب» التي شنها الجيش الاسرائيلي على قطاع غزة في ديسمبر (كانون الاول) ويناير (كانون الثاني) واسفرت عن مقتل 1400 فلسطيني بينهم مئات المدنيين.

وخلال مؤتمر صحافي اكد مارك غارالاسكو المحلل العسكري الرئيسي في هيومن رايتس ووتش والذي وضع التقرير ان «اسرائيل لم تحترم خلال النزاع قواعد القانون الدولي التي تنص على التفريق بين الاهداف المدنية وتلك العسكرية». واضاف هذا الضابط السابق في الاستخبارات العسكرية الاميركية ان طائرات الاستطلاع من دون طيار، التي تعتبر اسرائيل من بين اهم مصنعيها في العالم، هي «احد اكثر الاسلحة دقة» في ترسانات الجيوش. واضاف ان سقوط هذا العدد الكبير من الضحايا المدنيين في غزة «امر غير مقبول وغير شرعي على الاطلاق»، ساخرا من المقولة التي يرددها الجيش الاسرائيلي بأنه الجيش «الاكثر اخلاقية في العالم».