السودان: قرار الاتحاد الأفريقي وقف التعاون مع لاهاي يعني حرية البشير في السفر أفريقياً

«هيومان رايتس»: الاتحاد الأفريقي وقف إلى جانب ديكتاتور.. و«العفو الدولية» تعتبره «ازدراء» لضحايا دارفور

TT

في وقت رحب فيه السودان أمس بقرار القمة الأفريقية التي قررت وقف التعاون مع المحكمة الجنائية الدولية في لاهاي، بشأن مذكرة قضاتها لتوقيف الرئيس السوداني عمر البشير، انتقدت منظمات حقوقية دولية القرار الأفريقي واعتبرته «هيومان رايتس ووتش»، التي مقرها نيويورك، انحيازا إلى جانب «ديكتاتور»، ووصفته منظمة العفو الدولية بأنه ازدراء لضحايا دارفور.

وتبنى قادة الاتحاد الأفريقي في اجتماعهم في ليبيا أول من أمس قرارا بأنهم لن يتعاونوا مع المحكمة الجنائية الدولية فيما يخص أمر القبض الصادر بحق البشير في 4 مارس (آذار) الماضي. وتنص الفقرة التي جاءت في البيان الختامي لقمة سرت الليبية أول من أمس على أن «الاتحاد الأفريقي قرر أنه في ضوء حقيقة أن طلب الاتحاد لإرجاء توجيه الاتهام إلى البشير لم يتخذ أي إجراء بشأنه، فإن دول الاتحاد الأفريقي لن تتعاون بموجب بنود المادة 98 من القانون الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية المتعلقة بالحصانات بشأن اعتقال الرئيس السوداني عمر حسن البشير وتسليمه إلى المحكمة الجنائية الدولية». ويريد الاتحاد الأفريقي تأجيل قرار المحكمة قائلا إن «أمر القبض على البشير يهدد جهود السلام في دارفور».

وعلى الفور أعلن السودان أن رئيسه أصبح حرا في السفر عبر قارة أفريقيا، وقالت الخرطوم إن قرار الاتحاد بعدم التعاون مع المحكمة يعني أن البشير لن يخشى الاعتقال حتى لو زار جنوب أفريقيا أو 29 دولة أفريقية أخرى وقّعت على معاهدة تأسيس المحكمة. وينص القانون الأساسي للمحكمة الجنائية، وبين أعضائها 30 دولة أفريقية، على التزام الدول الأعضاء بالقبض على المتهمين حال وجودهم على أراضيها. وزار البشير دولا غير موقعة على معاهدة المحكمة الجنائية الدولية منذ صدور أمر القبض بحقه في مارس (آذار) الماضي.

وقال علي الصادق المتحدث باسم وزارة الخارجية السودانية إن البشير حر في السفر إلى أي مكان في أفريقيا، حتى تلك الدول التي وقعت على اتفاقية روما بتأسيس المحكمة الجنائية الدولية. وأضاف أن السودان يعتقد أن أفريقيا الآن تقف جبهة موحدة ضد المحكمة الجنائية الدولية، وأن معظم الأفارقة يعتقدون أن المحكمة أنشئت ضد أفريقيا والعالم الثالث. وقال إن قرار الاتحاد الأفريقي يجعل السودانيين يشعرون بأنهم ليسوا وحدهم، وأن هناك من يدعمهم.

ولم يحضر البشير تنصيب الرئيس الجنوب أفريقي جاكوب زوما في مايو (أيار)، وسط تقارير أفادت بأن بريتوريا حذرت الخرطوم من إمكانية اعتقال الرئيس السوداني. وقال الصادق إنه لن تكون هناك عوائق لأي زيارة، وأضاف أن الحكومة الجديدة في جنوب أفريقيا ربما عبرت عن بعض الآراء السلبية، لكن تصويتها لصالح قرار الاتحاد الأفريقي في قمة سرت يعني أن الرئيس السوداني يمكن أن يسافر إلى جنوب أفريقيا. وقال الصادق إن الرئيس السوداني سيحضر أي اجتماعات في أفريقيا أو العالم العربي.

وقال المتحدث إنه يعتقد أن قرارات الاتحاد الأفريقي ملزمة للدول الأعضاء فور صدورها، ولذلك لن ينتظر البشير موافقة برلمانات الدول على قرار الاتحاد. وأضاف الصادق أنه لا يعرف إذا كانت هناك خطط فورية لجولة واسعة يقوم بها الرئيس السوداني في أفريقيا أم لا.

من جهتها انتقدت منظمة العفو الدولية قرار الاتحاد قائلة إنه يقوض مصداقية الاتحاد الذي يضم 53 دولة، وقال «اروين فان در بورخ» مدير المنظمة في أفريقيا: «هذا القرار الذي اتخذته دول الاتحاد الأفريقي يظهر الاستخفاف بالذين عانوا انتهاكا جسيما لحقوق الإنسان، ويسفه من الاتحاد الأفريقي كمنظمة دولية.. دعم شخص مطلوب متهم بارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية يقوض مصداقية دول أعضاء في اتفاقية روما ومصداقية الاتحاد الأفريقي كله».

وقال ريد برودي، المستشار القانوني لمنظمة مراقبة حقوق الإنسان (هيومان رايتس ووتش)، التي تتخذ من نيويورك مقرا، للصحافيين خلال القمة: «من شأن هذا أن يمنح الطمأنينة لرجل متهم ببعض أسوأ الجرائم في عصرنا.. الشعوب الأفريقية التي تتطلع إلى زعمائها طلبا للعدالة ولوقف جرائم الحرب والأعمال الوحشية هي الطرف الخاسر اليوم». لكنه أضاف أنه من غير الواضح ما هو التأثير العملي للقرار، نظرا لأن المحكمة الجنائية الدولية تضم في عضويتها 30 دولة أفريقية لا تزال ملزمة قانونا باعتقال البشير إذا قام بزيارتها.