الصومال: حركة الشباب تزحف نحو القصر الرئاسي.. وتستولي على منزل رئيس البرلمان

معلومات عن خطة جاهزة لنقل الرئيس وأعضاء الحكومة والبرلمان إلى خارج العاصمة

أحد الجرحى الصوماليين أثناء نقله إلى المستشفى جراء المواجهات المستمرة بين جماعة من الإسلاميين والسلطات في مقديشو أمس (رويترز)
TT

أكدت مصادر صومالية أن ميليشيات المتمردين الإسلاميين، واصلت زحفها نحو القصر الرئاسي المعروف باسم فيلا الصومال، في انتظار ما وصفته بـ«المعركة الحاسمة». وأكدت هذه المصادر لـ«الشرق الأوسط» أن ميليشيا الشباب المدعومة بقوات الحزب الإسلامي ترابط على مقربة من القصر وتحاصره من 3 جهات، بعدما عززت سيطرتها على منطقتي ياقشيد وكاران شمالي العاصمة مقديشو، واستولت على عدد من المنازل لأعضاء في الحكومة والبرلمان، بينهم رئيس البرلمان. وأوضحت المصادر أن قوات المتمردين، التي تسعى للإطاحة بسلطة الشيخ شريف، بات بإمكانها رؤية القصر بالعين المجردة.

وعلى الرغم من هذه الأنباء فإن أحمد ولد عبد الله مبعوث الأمم المتحدة الخاص لدى الصومال قال لـ«الشرق الأوسط» إن «السلطة الانتقالية التي يقودها الرئيس الصومالي الشيخ شريف شيخ أحمد، لن تنهار أو تسقط قريبا». وكان قتال اندلع في شوارع العاصمة مقديشو، لمدة ثلاثة أيام متواصلة، بين القوات الحكومية وقوات حفظ السلام التابعة للاتحاد الأفريقي من جهة، وميليشيات حركة الشباب المجاهدين والحزب الإسلامي من جهة أخرى، مما أدى إلى سقوط نحو 17 شخصا ما بين قتيل وجريح معظمهم من المدنيين العزل في تلك المواجهات، وكان يوم أمس الأكثر هدوءا.

وقالت حركة الشباب في بيان رسمي لـ«الشرق الأوسط» إن ميليشياتها تواصل الزحف نحو مقر القصر الرئاسي، وأكدت أن عناصرها تحقق تقدما ملحوظا في الميدان العسكري بعد اقتحام كتائب خاصة مقرات للقوات الحكومية، معلنة استيلاءها على عدة مقرات لإقامة كبار مسؤولي السلطة الانتقالية وأعضاء في البرلمان.

وطبقا للبيان، فقد استولت الحركة على منازل ومقار إقامة خاصة بكل من عدن مادوبي رئيس البرلمان، وعلي محمد جيدي رئيس الوزراء السابق، وبشير راغ شيرار أحد أمراء الحرب الذي وصفته بـ«العميل البارز للمخابرات الصهيونية في الصومال»، بالإضافة إلى النائبين في البرلمان صلاد علي جيلي وموسى سودي.

ولفت البيان إلى أن ميليشيات حركة الشباب غنمت أموالا طائلة ولوازم متعددة وعتادا عسكريا، إضافة إلى عدد من الخيول، مشيرا إلى أن كتيبة المدفعيات قصفت مكانا لتجمع القوات الحكومية في المعارك في منطقة «أفيسيوني» بحي «وابري» القريب من المطار.

وأكدت الحركة أن ميليشياتها باتت تحاصر القصر الرئاسي للرئيس الصومالي من ثلاث جهات، وتتخندق حاليا على مرمى حجر من ميناء مقديشو، حيث تتمركز القوات الأفريقية التي اتهمتها في المقابل بالقصف العشوائي للأحياء السكنية. لكن السفير إبراهيم الشويمي، مبعوث الجامعة العربية للصومال، قال لـ«الشرق الأوسط» عبر الهاتف من مقديشو، إنه على الرغم من احتدام المعارك المتفرقة بين الفرقاء الصوماليين، فإن القوات الحكومية لم تفقد بعد سيطرتها على المناطق التي زعمت المعارضة أنها احتلتها بالفعل.

وأكد استمرار عمليات الكر والفر بين الطرفين لكن بدون حسم نهائي، لافتا إلى صعوبة إحصاء عدد القتلى والجرحى الذين سقطوا من جراء هذه الاشتباكات الأخيرة. في المقابل أبلغ أحمد ولد عبد الله، المبعوث الأممي للصومال، «الشرق الأوسط» عبر الهاتف من مقره في العاصمة الكينية نيروبي، أن السلطة الانتقالية لن تسقط، على الرغم من أنه أقر ضمنيا بأن الوضع الأمني الحالي ليس سهلا.

واعتبر ولد عبد الله أنه ليس هناك أي خطر حيال السلطة، واصفا قرار قمة الاتحاد الأفريقي في مدينة سرت الليبية تعزيز قدرات القوات الأفريقية وتغيير صلاحياتها بحيث تشمل صنع السلام وليس فقط حفظه، بأنه تطور إيجابي، وقال «الأسهل الآن تعزيز القوات الموجودة بقوات أفريقية أكثر، لأن إرسال قوات تابعة للأمم المتحدة يتطلب وقتا ومالا أكثر».

وشدد على أن تعزيز قدرات القوات الأفريقية وإعادة بناء وتأهيل الدولة الصومالية ومساعدة القوات الحكومية هي الأفضل في مثل هذه الظروف الراهنة، لكنه اعتبر في المقابل أن التحدي الحقيقي الذي يواجه المجتمع الدولي في الصومال هو القتال المستمر بلا مبرر بين الأشقاء. وأضاف «من الضروري التنقيب عن الأسباب المالية والاقتصادية لاستمرار الحرب في الصومال. في بلاد أخرى كانت الحروب بسبب الثروات الطبيعية والمعدنية، لكن في الصومال لم نفهم حتى الآن سببا للحرب».

وقال «من غير المعقول أو المقبول أن يتلاعب الصوماليون بالمجتمع الدولي والصحافة والخبراء، وإعطاء مبررات غير حقيقية لاستمرار القتال فيما بينهم»، لافتا إلى أنه وخلال العام الماضي قالت المعارضة إن المشكلة هي التواجد الإثيوبي، وساعدهم الجميع، بما في ذلك مصر والجامعة العربية.

وتابع قائلا «المشكلة الرئيسية أن الصوماليين لا يقولون الحقيقة، كل فترة يقولون: لدينا سبب خاص للقتال، ولكني لا أعرف السبب.. العام الماضي كانت توجد القوات الإثيوبية، الآن بعدما خرجت هذه القوات لا أعرف فعلا السبب أو المبرر وراء استمرار كل هذا القتال والعنف الذي يجرى هناك».

يأتي هذا في وقت رددت فيه مصادر حكومية صومالية معلومات غير رسمية عن تخطيط الحكومة والسلطة الانتقالية لنقل مقرها إلى مكان خارج العاصمة مقديشو في حالة استمرار المتمردين الإسلاميين في الزحف باتجاه القصر الرئاسي في المدينة. وقالت المصادر، التي طلبت عدم تعريفها «لدينا خطة غير معلنة لنقل الرئيس ورئيس الحكومة وأعضاء البرلمان إلى الخارج إذا تدهورت الأمور أكثر فأكثر، لكن هذا لا يعنى أننا نتوقع سقوط مقديشو في قبضة المتمردين».

وكشفت المصادر عن توقعات بشن المتمردين المزيد من الهجمات الانتحارية ضد القوات الحكومية والأفريقية على خلفية تمرير قمة الاتحاد الأفريقي لقرار، بناء على طلب الحكومة الصومالية، يمنح القوات الأفريقية الصلاحيات المطلوبة لشن هجمات مضادة ضدهم. وأوضحت أن المتمردين لديهم 30 شخصا انتحاريا جاهزا للقيام بمزيد من العمليات الانتحارية خلال الفترة المقبلة ضد الأهداف الحكومية والأفريقية، كرد على قرار القمة الأفريقية في مدينة سرت الليبية.