مصر: ضبط خلية إرهابية تعتنق فكر التكفير تضم 25 مصريا.. وفلسطينيا واحدا

الداخلية: اتصلوا بـ«القاعدة» وصنعوا دوائر للتفجير ورصدوا قناة السويس وأنابيب بترول.. ومحامون يقللون من التهم

صور عدد من المتهمين في الخلية الإرهابية بحسب وزارة الداخلية المصرية أمس («الشرق الأوسط»)
TT

أعلن مصدر أمني مصري مسؤول أمس ضبط خلية إرهابية تعتنق فكر التكفير والجهاد، وتضم 25 مصريا وفلسطينيا واحدا، بقيادة شخص يدعى محمد فهيم حسين، وأن أحد الأسلحة التي جرى ضبطها مع المتهمين استُخدم من قبل في محاولة السطو المسلح على محل مجوهرات، وقتل مالكه و3 آخرون، بمنطقة الزيتون، شرقي القاهرة، منتصف العام الماضي، مشيرا إلى أن عددا من المتهمين اتصلوا بـ«القاعدة» وصنعوا دوائر للتفجير ورصدوا قناة السويس وخطوط (أنابيب) لنقل البترول. لكن مصادر قانونية ومحامين عن إسلاميين ومتهمين آخرين في ما يعرف باسم «تفجيرات الحسين»، و«خلية حزب الله بمصر»، قللت من التهم الموجهة إليهم، مستبعدة علاقتهم بأي من هاتين القضيتين، وقال محامي الإسلاميين ممدوح إسماعيل: «الأسماء الواردة في بيان المصدر الأمني غير معروفة»، وما ذكر من تهم تعتبر «عملية وقائية أمنية»، لا ترقى لمرتبة قضية مكتملة الأركان، وأوضح المحامي سيد فتحي، أحد المدافعين عن متهمين في قضية حزب الله، أنه لا علاقة للتنظيم الجديد بخلية حزب الله، قائلا: «إن الطبنجة التي تم ضبطها مع الخلية الإرهابية التي أعلن عنها أمس تعتبر، إلى حد ما، الدليل المادي الوحيد حتى الآن». وقال المصدر الأمني في بيان له أمس، حصلت «الشرق الأوسط» على نسخة منه، إن عمليات الرصد خلال الأشهر الأخيرة أكدت أن تلك العناصر تتواصل مباشرة ومن خلال شبكة المعلومات الدولية «الإنترنت» مع عناصر وتنظيمات إرهابية بالخارج، وأن بعض عناصرها من شباب المهندسين والفنيين تمكنوا من تصنيع دوائر إلكترونية للتفجير باستخدام الأشعة تحت الحمراء، وتطوير استخدام مؤقتات زمنية إليكترونية ودوائر تفجير عن بعد باستخدام الهواتف المحمولة، وباستخدام أجزاء من مخلفات أسلحة حروب سابقة بمناطق صحراوية، إضافة إلى أجهزة «جي بي إس» الخاصة بتحديد المواقع، تمكنوا من تهريبها من الخارج لمتابعة تجاربهم الميدانية في الاتجاه السابق.

وأضاف المصدر الأمني المصري أن إقامات المتهمين تتركز بمحافظات القاهرة والإسكندرية (شمال غرب) والدقهلية (شمال)، وأن اعترافات العنصر القيادي لتلك البؤرة محمد فهيم حسين، وعناصر من مجموعته، تضمنت أنه كان يتم التراسل من خلال «الإنترنت» مع عناصر وبؤر أخرى ترتبط بتنظيم القاعدة لمناقشة الادعاءات والمنطلقات التي يتبناها التنظيم، ثم جرى التواصل بشأن أفكار وأساليب إرهابية مستحدثة لدعم ما وصف بالأعمال الجهادية بالخارج، خاصة ما يتعلق بابتكار أساليب جديدة يصعب رصدها للتفجيرات عن بعد، وكذا لتفخيخ السيارات لاستخدامها لصالح ما يسمى بـ«سرية الولاء والبراء لمساندة المقاومة العراقية».

وأوضح المصدر الأمني أن اعترافات عناصر هذه الخلية تضمنت أيضا قيامهم بفتح قنوات اتصال مع «تنظيم جيش الإسلام الفلسطيني» المرتبط بفكر وتحرك تنظيم القاعدة، وذلك من خلال الفلسطيني تامر محمد موسى أبو جزر، الذي تم ضبطه، وكان قد قام بتسهيل تسلل أحد العناصر القيادية لتلك الخلية ويدعى فرج رضوان حماد، إلى قطاع غزة أوائل العام الحالي.

وأضاف المصدر أن هذا الأخير (حمَّاد) التقى بعناصر التنظيم المشار إليه، الذين كلفوه بدعمهم بصدد ما وصف بعمليات الجهاد من أجل فلسطين. وأشار المصدر الأمني إلى أن عمليات التفتيش والضبط كانت قد شملت طبنجة ماركة «بروننج» عيار 9 مم قصير، وعدد من الدوائر والأجهزة الكهربائية والإلكترونية المتداولة بالأسواق، وكذا 9 بدلات غطس، وطابعة ليزر ألوان وكمية من السماد الزراعي من مادتي اليوريا والبوتاسيوم، اللتين يمكن استخدامهما كمواد أولية لتصنيع المواد المتفجرة، موضحا أن نتائج الفحص المعملي الجنائي للطبنجة التي تم ضبطها أكدت أنها السلاح ذاته المستخدم في محاولة السطو المسلح على محل مصوغات بمنطقة الزيتون في 28 مايو (أيار) العام الماضي، الذي أسفر عن وفاة مالكه مكرم عازر، وأربعة من العاملين بالمحل، وفرار الجناة، خوفا من ضبطهم من دون التمكن من السرقة، وأن فوارغ الطلقات التي عثر عليها بمكان حادث الزيتون من العيار ذاته، ومطابقة لبصمات الإطلاق من الطبنجة ذاتها.

وأوضح المصدر أن عملية الضبط تأتي في إطار الجهود الأمنية المكثفة لإجهاض محاولات تنظيمات إرهابية خارجية لاستقطاب عناصر متطرفة بالبلاد أو الدفع بعناصر من الخارج.

وقللت مصادر قانونية قريبة من المتهمين من التهم الموجهة إليهم، كما استبعدت هذه المصادر ربط هذه الخلية الإرهابية الجديدة بخلية حزب الله التي تم ضبطها قبل نحو ستة أشهر، ويجري التحقيق معها بواسطة نيابة أمن الدولة العليا، في تهم منها التخطيط للقيام بأعمال تخريبية ضد قناة السويس، ومنتجعات سياحية بالبحر الأحمر يرتادها سياح إسرائيليون وغربيون، واستبعدت أيضا ربط الخلية الجديدة بتفجير ميدان الحسين العام الماضي، الذي كانت السلطات الأمنية المصرية قد احتجزت فيه عددا من المصريين والأجانب، من دون الإعلان عن متهمين في هذه القضية حتى الآن.

وقال محامي الإسلاميين ممدوح إسماعيل لـ«الشرق الأوسط» إن المعلن عنه حتى الآن من القبض على خلية إرهابية، يعتبر «عملية وقائية (استباقية) أمنية»، مشيرا إلى أنه لا جريمة في دخول الناس على الإنترنت، والتحدث مع من يريدون، حتى لو كان لهم فكر مختلف، مؤكدا على أن أسماء زعيم الخلية الإرهابية الجديدة والفلسطيني والمصري الآخرين، الذين وردت في بيان الداخلية، هي أسماء «غير معروفة (في أوساط الجماعات أو التنظيمات في مصر)»، مستبعدا أن يكون لها صلة بقضية تفجيرات الحسين التي وقعت العام الماضي بالقاهرة وراح ضحيتها فتاة فرنسية، وجرح عدد آخر من المصريين والأجانب. وأضاف أن المتهمين في الخلية الجديدة «لم يذهبوا إلى النيابة حتى الآن، لنعرف باقي التفاصيل»، مشيرا إلى أن القبض عليهم جاء في إطار السياسة الأمنية المصرية بشأن «الإجهاض المبكر لأي أعمال تخريبية». وأضاف إسماعيل أن القضية لا يوجد فيها للآن وقائع مادية، موضحا أن الطبنجة التي قيل في البيان إنها الطبنجة نفسها التي استخدمت في محاولة السطو على محل مجوهرات بضاحية الزيتون، لا يعني بالضرورة أن مجموعة الـ25 والفلسطيني، هي من استخدمتها في مهاجمة محل المجوهرات. وقال رئيس لجنة «مؤسسة الهلالي للحريات» الذي يتولى الدفاع عن جانب من المتهمين في قضية حزب الله، المحامي سيد فتحي، لـ«الشرق الأوسط» إن التهم التي أعلن عنها أمس تعتبر من نوع الأعمال التحضيرية التي لم تقترن بجرم مادي يعول عليه، لكنه أردف أن ضبط الطبنجة.. «هو الدليل المادي الوحيد» حتى الآن، لكن حتى هذا في حد ذاته لا يؤكد وجود تهمة إرهابية.