كوشنير: لا عوائق مهمة أمام تشكيل الحكومة.. سوى الثلث المعطل والطائفية

سعد الحريري قال للوفد الفرنسي إنه يأمل بتشكيل الحكومة خلال 10 أيام.. وأوساط عون ترى أن ولادتها بعيدة

كوشنير محاطا بسفراء فرنسا الحاليين والسابقين للشرق الأوسط في دمشق (أ. ف. ب)
TT

علمت «الشرق الأوسط» من مصادر فرنسية واسعة الإطلاع، أن رئيس الحكومة اللبنانية المكلف سعد الحريري أبلغ وزير الخارجية الفرنسي برنار كوشنير عند لقائهما يوم السبت أنه «يأمل» بتشكيل حكومته في «الأيام العشرة القادمة». وقال كوشنير من جهته أمس بعد زيارته النائب ميشال عون، الحليف المسيحي لحزب الله، أنه لا يرى «عوائق مهمة أمام تشكيل الحكومة سوى (الثلث المعطل) والتعلق الشديد (بالطائفية)».

في المقابل، قالت مصادر النائب ميشال عون، الحليف المسيحي لحزب الله، لـ«الشرق الأوسط» إن الأخير يرى أن ولادة الحكومة «ما زالت بعيد»، آخذة على الحريري أنه «بدأ عملية استيلاد الحكومة بالمقلوب، وأنه حتى هذه اللحظة لم يتقدم الرئيس المكلف بمقترحات عملية من أجل بلورة صيغة حكومية».

واختتم كوشنير أمس زيارته إلى لبنان بلقاء عون في منزله في الرابية، ثم انتقل إلى العاصمة السورية دمشق لافتتاح مؤتمر السفراء الفرنسيين في المنطقة ولعقد اجتماعين مع الرئيس السوري بشار الأسد ونظيره وليد المعلم، وكشف كوشنير أن المؤتمر القادم سيعقد في العاصمة اللبنانية.

ويعالج السفراء الفرنسيون الحاليون واللاحقون ومسؤولو الإدارة المركزية موضوعات تتناول إيران وطموحاتها الإقليمية، وموضوع السلام العربي ـ الإسرائيلي، والوضع في غزة والشرق الأوسط والانسحاب من العراق، والشراكة الفرنسية ـ الأميركية، وأخيرا الملف اللبناني وتشعباته.

وخرج الوفد الفرنسي بانطباع مفاده أن عون «يلتزم مواقف متشددة» إزاء الحريري من جهة، وإزاء الرئيس ميشال سليمان الذي «يرفض أن يترك له مساحة سياسية كافية»، من جهة أخرى، حتى يكون بمقدوره إعادة رئاسة الجمهورية إلى موقع مركزي في اللعبة السياسية اللبنانية.

اغتنم عون الفرصة ليشدد على أهمية «بلورة برنامج» حكومي يقول عنه إنه «الغائب الأكبر» في المفاوضات الجارية حاليا لتشكيل الحكومة، من غير التخلي عن مطالبته بتمثيل لتياره ولتكتله يتماشى مع «حجمه الشعبي والنيابي». واستبعدت المصادر الفرنسية التي أرادت منذ البداية أن تنأى بنفسها عن الموضوع الحكومي من غير أن تنجح بذلك، أن يحصل عون على ما يطالب به، خاصة أن أطراف المعارضة «ليست متفقة في ما بينها على ما تريد المطالبة به حقيقة وليس كموقع تفاوضي يمكن أن تناور منه أو أن تتراجع عنه».

وفيما يؤكد حزب الله رغبته بحكومة وحدة وطنية ويشدد على مشاركته فيها، فإنه يريد «ضمانات» حول المسائل الأساسية التي تهمه وعلى رأسها استمرار تمسكه بسلاحه وسحب موضوع السلاح عن طاولة البحث. غير أن العماد عون يقول إنه «غير معني» بالضمانات. ويدور البحث حاليا في محاولة مقايضة الضمانات بالتخلي عن الثلث المعطل .وبرأي المتابعين عن قرب لمخاض التشكيلة الحكومية، فإن الضمانات المطلوبة يمكن أن تكون «مزيجا من التزامات داخلية مع تفاهمات عربية وربما دولية».

وقال مصدر فرنسي عالي المستوى إن ما يميز المخاض الراهن عما سبقه، يتمثل في أن العامل الخارجي «يسير جنبا إلى جنب مع العامل الداخلي ولا يسبقه» ما من شأنه أن يوفر مساحة للتحرك اللبناني واللعبة الداخلية من غير أن تغيب عنها المداخلات الخارجية. ولاحظ المصدر المذكور أن القضايا العالقة في لبنان من سلاح حزب الله إلى الرقابة على الحدود ومزارع شبعا والوضع على الحدود اللبنانية ـ الإسرائيلية وتطبيق قرارات الأمم المتحدة «ما زالت مكانها»، ولكن «ثمة فسحة لتنفس اللبنانيين وللتفاهم في ما بينهم».

غير أنه رأى أن التوصل إلى تحقيق هذا الهدف قد يكون أسهل لو صبّ اللبنانيون اهتمامهم على بلورة برامج للحكم أكثر من التمسك بالتفاصيل والحصص والمطالب الفئوية. وحث الوزير الفرنسي على النظر بانتباه إلى المحيط وإلى «المخاطر الكبيرة» التي ما زالت تحيق به، منبها إلى أن أية خلافات تفصيلية يمكن أن تنعكس على لبنان واللبنانيين.

واليوم ستعود الملفات الإقليمية إلى طاولة التباحث بين كوشنير والرئيس السوري بشار الأسد، بما فيها الملف اللبناني ،وكذلك في لقائه بوزير الخارجية السوري. ويعتبر هذا الاجتماع الثاني من نوعه بين باريس ودمشق، إذ زار سورية بداية الشهر الحالي أمين عام قصر الإليزيه كلود غيان والمستشار الدبلوماسي للرئيس الفرنسي جان دافيد ليفيت ومساعده بوريس بوالون. وقالت المصادر الفرنسية إن تقويم واستكشاف جهود السلام في الشرق الأوسط وإمكانية استئناف المفاوضات السورية ـ الإسرائيلية غير الرسمية، وإيران، ولبنان، والجهود المبذولة عربيا للتوصل إلى مقاربة عربية موحدة، ستشكل محاور اللقاءين اليوم. وذكر كوشنير من الرابية أن فرنسا تقترح عقد مؤتمر دولي للسلام في باريس. غير أن هذه الفكرة ما زالت فكرة بانتظار أن تفرج واشنطن عن «خطتها» للسلام في المنطقة. وتوقع أنه في الأيام المقبلة، سيكون هناك تفاؤل، آملا أن يتم التفاهم على حكومة وحدة وطنية. وقال: «الجميع يبحث عن الوحدة الوطنية وهذا تطور كبير، حتى ولو أن التفاصيل لم تحل وأن الطرفين لا يزالان تحت تأثيرات البلاد المجاورة».

وقالت مصادر فرنسية إن باريس مستعدة للعب دور الوساطة بين دمشق وتل أبيب بعد أن رفض نتنياهو الدور التركي بسبب ما يعتبره مواقف تركية «غير صديقة» إزاء إسرائيل إبان حرب غزة. وقالت باريس إن كوشنير سيطلع الرئيس السوري على محادثات ساركوزي مع نتنياهو وأوباما والأطراف الأوروبية الأخرى، واستكشاف ما يمكن القيام به للخروج من مرحلة التشاور إلى مرحلة الانطلاقة الفعلية لمسار السلام.