البشير في القاهرة اليوم للقاء مبارك.. ومشروع مصري لتسوية أزمة دارفور

أبو الغيط يجتمع مع ممثلي فصائل دارفور لتوحيد رؤيتها للحل.. وحركة العدل ترفض تعدد المنابر

TT

استبقت مصر وصول الرئيس السوداني عمر البشير إلى القاهرة اليوم، في زيارة يجتمع خلالها والرئيس حسني مبارك، ببدء حوار موسع أمس مع فصائل دارفور، حول فرص توحيد تلك الفصائل حول رؤية موحدة وموقف مشترك من التسوية السلمية لأزمة الإقليم المضطرب غرب السودان، حيث اجتمع أحمد أبو الغيط، وزير الخارجية المصري، أمس، في القاهرة، مع عدد من ممثلي فصائل دارفور، في سابقة هي الأولى من نوعها، إذ كان جهاز المخابرات العامة المصرية وحده هو الذي يتولى الاتصال بفصائل دارفور.

وبدا أمس أن القيادة المصرية تحاول خلق آفاق جديدة فيما يتعلق بالأزمة في السودان، تحسبا لانفصال الجنوب، كما بدا أيضا أن القيادة في الخرطوم «راضية» عن التحرك المصري على الساحة السودانية.

وأشارت مصادر مصرية قريبة الصلة من تلك الاتصالات إلى أن القاهرة ستعرض على الرئيس عمر البشير نتائج المباحثات بين أركان القيادة المصرية وفصائل دارفور، وتناقش معه كيفية التحرك بشأن دارفور «خطوة.. بخطوة»، موضحة أن مصر بصدد إعداد مشروع كامل للتسوية في دارفور.. «قد يتم إعلانه خلال الأيام المقبلة».

وشارك في اجتماع الأمس بحر إدريس أبو قردة، رئيس الجبهة المتحدة للمقاومة في إقليم دارفور، وكل من عبد الله يحيى، قائد جناح الوحدة بحركة تحرير السودان، ومحمد صالح حربة، قائد جناح الوحدة (جوبا)، وحيدر آدم، قائد حركة تحرير السودان (جناح الخط العام)، وعبد العزيز أبو ناموسة، قائد الجبهة الشعبية للعدالة والديمقراطية، وإبراهيم الزبيدي، قائد جبهة القوى الثورية، وعلمت «الشرق الأوسط» أن ممثلي حركة تحرير السودان (جناح عبد الواحد نور) سيصلون القاهرة اليوم.

من جانبه قال الدكتور شريف حرير، مسؤول الشؤون الخارجية والتفاوض بحركة تحرير السودان (قيادة الوحدة)، لـ«الشرق الأوسط» «إن الأمور تمضي بشكل جيد وبسرعة لحدوث توافق بين الحركات المختلفة في دارفور»، وأوضح أن «الجهد المصري.. جهد سياسي على مستوى عال، من أجل جمع شتات الفصائل الدارفورية وتوحيدها، مما يؤدي إلى توحيد شعب دارفور نفسه»، وأضاف معلقا «نحن متفائلون جدا بأن تحقق هذه المشاورات نجاحا كبيرا، لأن قضية دارفور أصلا معلومة للجميع، ولا يمكن أن يختلف الناس على خطورتها». وقال «أعتقد أن القيادة المصرية حرصت على الاتصال بكل الفصائل بلا استثناء، وهي خطوة تأخرت كثيرا، كما غابت تلك الخطوة عن كل المنابر السابقة، لأنه من دون جمع الفصائل كافة على رؤية موحدة لن يتم حل المشكلة». من جانبه صرح بحر إدريس أبو قردة للصحافيين عقب الاجتماع «إننا حضرنا إلى مصر بدعوة من القيادة المصرية مواصلة للجهود السابقة، وفى محاولة لتوحيد رؤية حركات دارفور لحل القضية». ووصف أبو قردة المباحثات مع أبو الغيط بأنها «جيدة»، معربا عن اعتقاده بأن مصر سوف تلعب دورا رئيسيا وكبيرا في الأيام المقبلة في مجال توحيد رؤية الحركات، وأيضا في مجال التفاوض المباشر بين الحكومة السودانية والحركات في دارفور، معربا عن أمله في أن تنجح هذه الجهود.

وعما إذا كانوا قد استمعوا إلى مبادرة معينة من مصر لتوحيد الصفوف في السودان، قال أبو قردة «جئنا للتشاور مع المسؤولين المصريين حول جهودهم بشأن تسوية أزمة دارفور». وردا على سؤال حول الاتفاق الذي وقعه حزب الأمة القومي مع حركة العدل والمساواة في دارفور، وما إذا كانت هناك اتصالات لضم الحركات المسلحة في الإقليم لهذا الاتفاق، أجاب أبو قردة قائلا «إن مبدأ التعاون بين المعارضة السودانية في الداخل وحركات دارفور مسألة مهمة»، معربا عن اعتقاده بأن «حزب الأمة كان غير موفق بتوقيعه على هذا الاتفاق في البداية مع حركة العدل والمساواة، نظرا لما لها من توجهات إقصائية، وعدم الوجود داخل السودان».

وتعليقا على ما تردده حركة العدل والمساواة بأنها الحركة الأكبر في دارفور، قال رئيس الجبهة المتحدة للمقاومة «إن أي شخص يمكنه أن يدعي ويتحدث كيفما يشاء، ولكن الواقع غير ذلك».

وعن تطورات قضيته في محكمة العدل الدولية، أكد أبو قردة أن المحامى الخاص به يتابع هذه القضية أمام الجنائية الدولية في لاهاي، موضحا أن جلسة المحاكمة التي حضرها كانت إجرائية عادية. وقال «إنه بقيامه بتسليم نفسه للمحكمة الجنائية الدولية يوجه رسالة للجميع للتعاون مع هذه المحكمة والعدالة»، مضيفا أن «الحركات المسلحة في دارفور تقاتل من أجل تحقيق العدالة، لذلك لا بد من تطبيق هذه العدالة على أنفسنا، ويجب تطبيق سياسة عدم الإفلات من العقوبة على الجميع».

وشدد أبو قردة على براءته من التهمة الموجهة إليه من جانب المحكمة الجنائية الدولية بارتكاب ثلاث جرائم أثناء الهجوم على مقر بعثة الاتحاد الأفريقي في منطقة (حسكنيتا) في دارفور، معربا عن اعتقاده بأنه سيحصل في النهاية على حكم بالبراءة من هذه التهم. ويرى حافظ إبراهيم عبد النبي، قائد القوى الثورية المتحدة، «أن دور مصر أساسي في المساهمة في حل الصراع في دارفور».. وبدوره قال أبو بكر صالح، المستشار السياسي للجبهة المتحدة للمقاومة «إن الحركات المسلحة في دارفور حضرت إلى القاهرة للاستماع إلى وجهة النظر المصرية التي تشهد هذه الأيام حماسا منقطع النظير من أجل التوصل إلى سلام شامل في السودان». وأضاف صالح «لمسنا حرصا مصريا على أهمية أن نضع أيدينا كحركات مسلحة في دارفور مع المسؤولين المصريين للخروج من عنق الزجاجة التي يمر بها السودان الذي أصبح بلا شك في مفترق طرق». من جهتها رفضت حركة العدل والمساواة المتمردة في دارفور، تعدد المنابر والمبادرات، لحل الأزمة في الإقليم المضطرب لأكثر من ستة أعوام، ونفت مشاركتها في الاجتماعات الجارية في القاهرة بين الحكومة المصرية وعدد من الفصائل المسلحة، وأكدت التزامها بالمفاوضات الجارية في العاصمة القطرية الدوحة، عبر الوسيط المشترك للأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي جبريل باسولي، ودعت المجتمع الدولي والوسطاء الضغط على الحكومة السودانية لتنفيذ اتفاق حسن النوايا، الذي تم توقيعه في الدوحة في فبراير (شباط) الماضي. وقال الناطق الرسمي باسم الحركة أحمد حسين آدم لـ«الشرق الأوسط»، إن حركته تقدر الجهود المصرية في تحقيق السلام في السودان، لكنه اعتبر قادة الفصائل المجتمعة في القاهرة برعاية مصرية أفرادا لا يمثلون كيانات، وأن ذلك يعقد المشكلة في دارفور، وتابع «مصر لديها الحرية الكاملة في اتخاذ المواقف، لكن الكيانات والفصائل الحقيقية اندمجت في حركة العدل والمساواة، ومن لم يقتنع يذهب إلى دارفور»، وشدد أن حركته ليست طرفا في اجتماعات القاهرة، وقال: «لكن لدينا مشاورات مستمرة مع مصر، لكننا لا نشارك في تلك الاجتماعات، لكن لا أحد يستطيع عزل الحركة لأننا موجودون في كل أنحاء السودان»، مشيرا إلى توقيع حركته مذكرة مع حزب الأمة القومي بزعامة رئيس الوزراء السابق الصادق المهدي، في الثالث من يوليو (تموز) الجاري في القاهرة.

وقال آدم، إن الخرطوم تسعى إلى استيعاب الحركة وليس تحقيق السلام، وأن الحركة عصية على الاستيعاب، داعيا الوسطاء والمجتمع الدولي الضغط على الحكومة لتنفيذ اتفاق حسن النوايا، الذي وقعه الطرفان في الدوحة في فبراير (شباط) الماضي، وأضاف أن الخيارات مفتوحة أمام حركته، في حال عدم تنفيذ الاتفاق، معتبرا تعدد المنابر والمبادرات يعقد المشكلة وأن الأجدى الضغط على الطرف الحكومي للتحلي بالإرادة السياسية، وأثنى على خطوات المعارضة السودانية في الخرطوم، واعتبرها خطوة لتشكيل تحالف سياسي شامل، تسعى له الحركة في إطار إيجاد بديل لإخراج البلاد من أزمتها.