طائرات استطلاع فوق مقديشو.. والرئيس ينفي مشاركة القوات الأفريقية بالقتال

حركة الشباب المجاهدين: الحرب دخلت مرحلة جديدة

مقاتلون من حركة الشباب المجاهدين مدججون بالسلاح في احد شوارع العاصمة مقديشو أمس (رويترز)
TT

كثفت طائرات استطلاع يعتقد أنها أميركية تحليقها فوق أجواء العاصمة مقديشو منذ مساء أمس، حيث تقوم بطلعات جوية متكررة، وكان هدير هذه الطائرات معروفا في أجواء الصومال إلا أنها تأتي هذه المرة في وقت اشتدت فيه المعارك بين قوات الحكومة الصومالية التي تدعمها قوات الاتحاد الأفريقي وبين المقاتلين الإسلاميين. وهناك مخاوف من أن تقوم هذه الطائرات بتنفيذ ضربات جوية ضد مواقع الإسلاميين، وقد أفادت مصادر أمنية صومالية أن شركات أمن خاصة أجنبية تقدم مساعدات عسكرية لقوات الحكومة الصومالية في قتالها ضد الفصائل الإسلامية المتشددة.

وأشارت هذه المصادر إلى أن هناك ترتيبات عسكرية أميركية إقليمية ودولية لمواجهة الجماعات الإسلامية التي يشتبه في ارتباطها بتنظيم القاعدة. وكانت واشنطن قد تعهدت بدعم الحكومة الصومالية للحيلولة دون سيطرة الإسلاميين المتشددين على الوضع في الصومال، وقدمت شحنة عسكرية للحكومة الانتقالية قبل أسبوعين.

من جهة أخرى قال الشيح علي محمود راجي، المتحدث باسم حركة الشباب المجاهدين، إن الحرب في مقديشو دخلت مرحلة جديدة بعد دخول قوات الاتحاد الأفريقي إلى الحرب بشكل مباشر، وتوعد الشيخ راجي بأن هذه القوات الأفريقية ستكون من الآن هدفا لنيران المقاتلين الإسلاميين، وأن هناك خططا أخرى لضرب قوات الاتحاد الأفريقي، وقال: «سيكون مصيرهم الفشل ومغادرة الصومال بائسين كما غادر الإثيوبيون». وجاءت تصريحات المتحدث باسم تنظيم الشباب بعد أن اعترفت قوات الاتحاد الأفريقي بتحريك آلياتها العسكرية خارج قواعدها بما وصفته بـ«استعراض للقوة» في مقديشو يوم أمس، وشوهدت الدبابات العسكرية وهي تجوب المناطق الشمالية والشرقية من العاصمة مقديشو وتعزز مواقع القوات الحكومية، إلا أنها عادت إلى مقراتها في وقت متأخر من مساء أمس.

في الوقت نفسه نفى الرئيس الصومالي شريف شيخ أحمد مشاركة قوات الاتحاد الأفريقي في الحرب في العاصمة مقديشو، وقال إن القوات الحكومية فقط هي التي خاضت المعارك مع المعارضة، وتحدث الرئيس أيضا عن المعارك الأخيرة في العاصمة وذكر أن قوات الحكومة حققت انتصارات عسكرية كبيرة في قتالها ضد المتمردين، وأن «القوات الحكومية اجتاحت معاقل المتمردين، وسيطرت على كافة المناطق التي كانت تسيطر عليها الفصائل المعارضة». ورحب الرئيس الصومالي بخطاب الرئيس الأميركي باراك أوباما الذي ألقاه في غانا، والذي أشار فيه إلى أن توسع الإرهاب في الصومال يتطلب تحركا دوليا وسريعا، وقال شريف: «إن العالم بات مستعدا الآن لمساعدة الحكومة لإخراج الصومال من هذا النفق، وألا تصبح ملاذا آمنا لتنظيم القاعدة».

في هذه الأثناء شهدت العاصمة مقديشو أمس هدوءا نسبيا ولم تحدث مواجهات مباشرة تذكر عدا إطلاق نار خفيف في بعض الأحيان، كما سمع دوي المدافع الثقيلة بين الحين والآخر. واستعاد المقاتلون الإسلاميون معظم المواقع التي خسروها يوم أمس في شمال وشرق العاصمة مقديشو، وخصوصا في أحياء «كاران» و«عبد العزيز» بعد تراجع القوات الحكومية باتجاه القصر الرئاسي.

ولا يعرف سبب تراجع القوات الحكومية من المناطق التي استولت عليها أمس، لكن ذلك وقع بعد مغادرة قوات الاتحاد الأفريقي المناطق التي استعادتها القوات الحكومية. وكانت معارك أمس الأعنف من نوعها منذ اندلاع هذه المواجهات بين قوات الحكومة والمقاتلين الإسلاميين في الثامن من مايو (أيار) الماضي.

وفي الوقت الذي تشتد وتيرة العنف في مقديشو ظلت المستشفيات في العاصمة ممتلئة ومكتظة بمئات الجرحى، حيث لا تستطيع الآن إسعاف المزيد، في الوقت الذي يزداد عدد المصابين يوميا بسبب المعارك المتواصلة، واضطر بعض مستشفيات العاصمة إلى نصب خيام في حدائقها لعلاج الجرحى الجدد، بينما بعض المستشفيات الأخرى لم تقدر على استلام مزيد من المصابين بسبب اكتظاظ الجرحى في الغرف وسط نقص في الأدوية والكوادر الطبية أيضا. وتجاوز عدد القتلى في اشتباكات اليومين الماضين فقط 50 شخصا، فيما أصيب أكثر من 150 آخرين معظمهم من المدنيين. ويستمر فرار المئات من المدنيين من ديارهم، وتحولت مناطق ياقشيد وكاران وشبس وعبد العزيز وشنغاني وبونطيري إلى مناطق خالية من السكان.

وفي ما يبدو أنه مسعى جديد للاتحاد العالمي لعلماء المسلمين للتوسط بين الفرقاء الصوماليين، سافر وفد من هيئة علماء الصومال ومجلس عشائر قبيلة الهويا ذات الأغلبية السكانية في العاصمة إلى قطر، وقد تلقى الوفد من الطرفين دعوة رسمية، ومن المتوقع أن تكون لقاءاتهم في قطر امتدادا للجهود التي كان يبذلها الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين في الصومال للوساطة بين الفرقاء الصوماليين. ومن بين أعضاء الوفد الصومالي الشيخ بشير صلاد رئيس هيئة علماء الصومال، ومحمد حسن حاد رئيس مجلس زعماء عشائر قبيلة الهويا.

وكان كل من هيئة علماء الصومال ومجلس عشائر الهويا قد حاول التوسط بين الحكومة والمعارضة الإسلامية، ولكنهم لم يتوصلوا معهما إلى نتائج حاسمة حتى الآن رغم الجهود التي بذلوها منذ اندلاع القتال.