مساعي تأليف الحكومة اللبنانية مستمرة من دون «سليبات ولا إيجابيات»

الجميل ينادي بحكومة من «14 آذار» إذا تمسكت المعارضة بموقفها * النائب أبي رميا لـ«الشرق الأوسط»: عون يريد التعامل بإيجابية مع الحريري

TT

استمرت المساعي في لبنان قائمة من أجل تأليف الحكومة الجديدة التي لم تظهر بعد مؤشرات على قرب صدور مراسيمها، على الرغم من مضي أكثر من أسبوعين على تكليف سعد الحريري تشكيلها. وعلى الرغم من تجنب فريقي الموالاة والمعارضة التطرق علنا إلى «الأسباب الموجبة» لهذا التأخير، بات من الواضح أن العقدة تكمن في «الثلث الضامن» الذي تريده المعارضة ولا تعلنه وترفضه الأكثرية ولا يتطرق إليه الرئيس المكلف في تصريحاته العلنية. أما البعد الأعمق لهذه الأزمة، فلا يزال هو عينه، أي البعد الإقليمي للأزمة اللبنانية الذي يترقب اللبنانيون تطوراته أملا بانعكاسات إيجابية له في الملف الحكومي. وقد كرر رئيس مجلس النواب، نبيه بري، بعد لقائه أمس رئيس الجمهورية العماد ميشال سليمان للبحث في موضوع الحكومة، موقفه بضرورة «قضاء الحاجات بالكتمان» مبررا الشح في المعلومات حول عملية التأليف.

وفيما برز «صمت رسمي» إزاء ما نقل عن رئيس تكتل «التغيير والإصلاح» العماد ميشال عون خلال لقائه وزير الخارجية الفرنسي برنارد كوشنير من «تشدده إزاء رئيس الجمهورية ميشال سليمان والرئيس المكلف»، نفى عضو التكتل النائب سيمون أبي رميا، الذي كان حاضرا في هذا الاجتماع، ما نقل عن عون، وقال لـ«الشرق الأوسط» إن الأخير «يريد أن يتعاطى بإيجابية مطلقة ومرونة مع الرئيس الحريري من أجل تشكيل الحكومة، ولم يتطرق إلى تفاصيل التشكيلة الحكومية بما فيها المساحة المطلوب وضعها بتصرف الرئيس سليمان».

ورأى وزير الدولة لشؤون التنمية الإدارية، إبراهيم شمس الدين «أن أي تقارب عربي بين كل الدول هو أمر إيجابي للمنظومة العربية كلها وللدول، وينعكس إيجابا على الوضع اللبناني في ما يتعلق باستقراره الداخلي، وهو أمر غير مستغرب وغير مستنكر أيضا». وقال شمس الدين، وهو نجل الرئيس الراحل للمجلس الإسلامي الشيعي الأعلى الشيخ محمد مهدي شمس الدين، والمتحالف مع قوى «14 آذار» «هناك تداخل لبناني ـ عربي في أمور عديدة في ما يتعلق بالانفتاح وبشكل خاص بين مثلث سورية ـ مصر ـ المملكة العربية السعودية». وتعليقا على ما أعلنه نائب رئيس المجلس الشيعي، الشيخ عبد الأمير قبلان، في خطبة الجمعة، قال شمس الدين «أرسلت إلى سماحة الشيخ عبد الأمير قبلان ثناء على هذا الموضوع بغض النظر عن التوصيف بهذا المعنى أنها (بدعة دستورية). نعم أؤيده بهذا فلا يوجد نص دستوري يتكلم عن الثلث الضامن أو الثلث المعطل فهو ليس سياقا لتشكيل الحكومات، وقرأت أيضا في الصحف أن النص الذي وزع مطبوعا قد سحب منه هذا التعبير. على أي حال نحن على قاعدة فقهية يعرفها سماحة الشيخ وهي قاعدة التبادر، وهو أن ما يتبادر إلى الذهن هو الذي يعكس حقيقة الأمور وحقيقة فهمها كما في علم النفس أيضا».

وتمنى سفير المملكة العربية السعودية لدى لبنان، علي عواض العسيري، تشكيل حكومة «صنع في لبنان» قريبا، وقال «أملنا أن نرى حكومة لبنانية ـ لبنانية بامتياز، وأن نرى هذا البلد مستقرا، وهذا هو التوجه والسياسة السعودية». وشدد، بعد زيارته وزير الثقافة تمام سلام، على «دعم المملكة لأي توجه لبناني ـ لبناني ووحدة واستقرار لبنان»، مؤكدا «أن المملكة تقف مع كل اللبنانيين وتحترم من يحترم هذا البلد ومن يوحده ويوفر له الأمن والاستقرار والرفاهية». أما سلام، فلم ينكر «مدى تأثير الوضع الخارجي، وخصوصا الإقليمي وبالذات العربي، علينا في لبنان، وهذا ليس بجديد»، آملا أن «تكون الأجواء العربية ـ العربية مستقرة وإيجابية لتنعكس علينا في هذا الاتجاه». وقال «إن على القيادات السياسية اللبنانية أن تسعى داخليا من أجل توفير مستلزمات هذه الحكومة بدون عرقلة أو تأخير لأن هذا الأمر يجب أن يتم بشكل تعطى فيه كل القوى السياسية، وخصوصا بعد الانتخابات العامة التي جرت، حقها من المشاركة في حكومة وحدة وطنية»، معتبرا «أن الأهم من كل ذلك هو أن تكون هذه الحكومة فريق عمل متجانسا ومتفاعلا ينهض بما سيواجهنا من مستحقات». ودعا الرئيس السابق أمين الجميل إلى تأليف حكومة من الأكثرية «إذا استمرت المعارضة على موقفها لأن المرحلة الحالية تتطلب ذلك»، لافتا إلى أنه «ما على المعارضة سوى أخذ موقعها الطبيعي بإبداء الرأي والمحاسبة في المجلس النيابي». وأكد أن «هناك عقبات تعترض مسألة تشكيل الحكومة العتيدة، وأن المعارضة لا تزال تعمل على عرقلة مسار التأليف». وتمنى الجميل على الرئيس المكلف «أن يعرض على المعارضة الصيغة الحكومية التي يراها مناسبة وإذا لم يقبلوا بها فإن فريق الأكثرية الذي فاز في الانتخابات النيابية يستطيع الحكم ومن يرغب من المعارضة فليشارك». وشدد على «جهوزية الأكثرية لإعطاء ضمانات بأن يكون للبنان علاقات طيبة وممتازة مع السوريين وكذلك إعطاء ضمانات لكل الفرقاء اللبنانيين».

وفي الإطار نفسه، رأى النائب عمار حوري (تيار المستقبل) أن النسبية في تشكيل الحكومة «هرطقة، ولا تمت إلى نظامنا الديمقراطي بصلة، وربما هي موجهة في مكان ما ضد فخامة الرئيس»، وقال «رغم ذلك كله ربما من استعجل وطرح النسبية لم يحللها كما يجب، إذ لو فعل لعلم أنه بموجبها تنال قوى 14 آذار في حكومة ثلاثينية 16 مقعدا مقابل 8 مقاعد لقوى 8 آذار و6 لفخامة الرئيس». وفي المقابل، أوضح رئيس تكتل التغيير والإصلاح العماد ميشال عون كلامه عن النسبية، معتبرا أنها «كلمة للمقارنة وللقياس وليست موجودة في النص الدستوري ولا في أي دستور في العالم». وقال «عندما تحدثنا عن نسبية في الحكومة قلنا إن كل كتلة بحسب حجمها تأخذ عدد المقاعد. الأكثرية ليس من المعقول أن تأخذ أقل من الأقلية والعكس صحيح، الأقلية ستأخذ أقل من الأكثرية ولكن بكم مقعدا أقل، يجب أن يكون لـ كلمة «لا» معنى في مجلس الوزراء، ولـ«نعم» قيمة أيضا في المشاركة، فالمعارضة تصبح مسؤولة في الحكومة دون أن تشارك في القرار وتتحمل مسؤولية القرارات الخاطئة، كما أنها لا تستطيع أن تشارك في القرارات الصائبة. انطلاقا من هنا فإن النسبية توفر أوسع قاعدة حكم لرئيس الحكومة، وكل قرار تتخذه الحكومة يكون الشعب بكامله وراءها ووراء رئيسها. هذه النقطة تعني للحكومة ولرئيسها القوة في الحكم». واستغرب كيف أنه «اليوم تتفق الدول العربية على عدد الوزارات لدينا»، وقال «هذا غير مقبول للذين لديهم ذرة صغيرة من الكرامة».

ورأى وزير الشؤون الاجتماعية ماريو عون، المقرب من عون، ضرورة أن «تؤلف الحكومة الجديدة على القاعدة نفسها التي شكلت فيها الحكومة السابقة». ورأى وزير الشباب والرياضة، طلال أرسلان، وجود «أكثرية برلمانية عند الموالاة يقابلها أكثرية شعبية عند المعارضة»، معتبرا أن الحل الذي تقترحه المعارضة بكامل فصائلها يقضي باعتماد مبدأ التعايش والمساكنة بين الأكثريتين داخل السلطة التنفيذية الواحدة». وأعلن عضو كتلة نواب «حزب الله» حسين الحاج حسن «أن أجواء تشكيل الحكومة إيجابية وأن النقاش والحوار والاتصالات مستمرة»، فيما قال عضو الكتلة نفسها النائب نوار الساحلي إن «المعارضة تصر على مشاركة فاعلة وحقيقية، على أن يكون ذلك في قاموس الرئيس المكلف سعد الحريري وليست حبرا على ورق»، داعيا الرئيس المكلف إلى أن «يعيد قراءة الفترة الماضية للحكم ليختار الأفضل بين حكومتي الاستئثار أو المشاركة قبل مؤتمر الدوحة أو بعده».