السنيورة يشدد على تعزيز السلطة الواحدة في ما يخص اتخاذ القرارات الوطنية

أكد نجاح اللبنانيين في منع إسرائيل من الانتصار في حرب تموز

رئيس الحكومة اللبنانية المكلفة تصريف الأعمال، فؤاد السنيورة، مجتمعا أمس في بيروت مع وفد من كبار ضباط الجيش اللبناني (تصوير: دالاتي ونهرا)
TT

أكد رئيس الحكومة اللبنانية فؤاد السنيورة أن «اللبنانيين نجحوا في منع إسرائيل من الانتصار في حرب تموز (2006) وتوجيه ضربات معنوية وعسكرية لها عبر وحدتهم الداخلية وتضامنهم». ودعا في بيان أصدره أمس لمناسبة الذكرى الثالثة للحرب الإسرائيلية على لبنان إلى «مراجعة تجربة العدوان من زاوية تعزيز القوة الوطنية والتضامن، وإزالة نقاط الضعف، والتنبه لتنامي غطرسة القوى المتطرفة الرافضة للحلول السلمية المبنية على المبادرة العربية للسلام»، مشددا على «تعزيز السلطة الوطنية الواحدة في ما يخص القرارات المصيرية».

وقال السنيورة في بيانه «إنه ومع مرور الذكرى الثالثة لهذه الحرب العدوانية التي شنتها إسرائيل لا بد من التوقف أمام جملة من المسائل من أبرزها: أولا: إن العلامة البارزة والفارقة الأساسية في هذه الحرب أن اللبنانيين، استطاعوا رغم التباين في بعض وجهات النظر في خصوص ذلك العدوان، أن ينجحوا في منع إسرائيل من الانتصار وأن يحبطوا مخططاتها وطموحاتها، وأن يوجهوا صفعات وضربات معنوية وعسكرية لهذا العدو عبر صمودهم وتضحياتهم ووحدتهم الداخلية والوطنية وتضامنهم واحتضانهم لبعضهم بعضا. وبناء على ذلك فلقد وضع اللبنانيون مع بدء العدوان تبايناتهم جانبا وأحلوا أولوية مبدأ مواجهة العدو محل أي شيء آخر وقدموه على أي اعتبار آخر لا سيما عندما يتعرض الوطن إلى خطر العدوان الخارجي من العدو الإسرائيلي. ثانيا: إن صون الوحدة الداخلية وحماية الصف الداخلي والانصراف إلى مواجهة العدو بكل الأشكال والوسائل تم برعاية الحكومة اللبنانية، بما كانت تشكله من نموذج للوحدة الوطنية.

ثالثا: إن لبنان نجح في إنجاز أكبر عملية إغاثة أثناء العدوان وأكبر عملية إعادة إعمار بعد العدوان، وها هي البنية التحتية اللبنانية والطرق ومعظم المؤسسات التي تعرضت للتدمير قد أعيد إعمارها كاملة، كما أن الحكومة، بالأموال التي أنفقتها من خزينتها ومن خلال المساعدات التي حصلت عليها من الدول العربية وبالجهد الذي أسهمت فيه العديد من الدول الصديقة، قد أعادت إعمار أغلب ما دمره العدوان، وما تبقى يسير لم يتحقق بسبب نقص في التمويل الذي لا شك في أن الحكومة العتيدة المقبلة ستعمل بعد انتظام الأمور على تأمينه.

رابعا: إن الموضوع الذي تسبب بتباين وجهات النظر بين اللبنانيين، تمثل في مسألة كيفية حماية لبنان والدفاع عنه، هذا الموضوع هو المدرج الآن، ولا يزال، على طاولة الحوار والذي لا يمكن معالجته إلا من خلال التواصل والتعاون بين اللبنانيين توصلا إلى اتفاق في ما بين اللبنانيين بشأنه. في المقابل هناك في جبهة العدو تنام لغطرسة القوة المتطرفة الرافضة للحلول السلمية».

أضاف السنيورة «لذلك فإننا اليوم، وأمام خطورة ما يفكر ويعد له العدو الإسرائيلي، وما تمر به المنطقة، مدعوون أكثر من أي وقت مضى لمراجعة تجربة العدوان من زاوية العمل والالتزام لتعزيز وتدعيم الإيجابيات ونقاط القوة الوطنية اللبنانية المبنية على التعاون والتضامن والعمل على تحجيم وإزالة نقاط الضعف، بما في ذلك العمل على تحصين دائرة القرار الوطني وتعزيز السلطة الوطنية الواحدة والجامعة في ما يخص القرارات المصيرية».

وأكد أن «أرواح شهداء لبنان، المدنيين والعسكريين والمقاومين، وهم أعز ما فقدنا، إلى جانب ما تحمّله لبنان من خسائر جسيمة من حاضر ومستقبل اللبنانيين، تنادينا لكي نتطلع بحكمة وتبصر إلى الوراء ونستعيد التجربة ودروسها، وننظر بعمق وبوضوح وبتنبه إلى الأمام، محاولين استكشاف معالم المستقبل، فلبنان وطننا لنا جميعا نحن اللبنانيين، لا يمكن ولا يجوز أن نتخلى عنه أو نسمح لعدونا أن ينتصر علينا فيه». وشدد السنيورة على أهمية العيش المشترك وعلى هذه الصيغة اللبنانية الفريدة.

بدوره أكد رئيس «اللقاء الديمقراطي» النائب وليد جنبلاط أن «الانتصار الذي حققته المقاومة الإسلامية في حرب تموز هو محطة انتصار جديدة تضاف إلى سجل الانتصارات التي حققها الشعب اللبناني طوال عقود في مواجهة الاحتلال الإسرائيلي». ودعا إلى «التيقظ والانتباه إلى أن إسرائيل لن تقبل أن تمر هزيمتها مرور الكرام، لا، بل هي قد تنتقم بشكل أو بآخر لضرب المقاومة والصمود اللبناني ومن خلاله الصمود العربي والإسلامي بعد انكسارها في عام 2006، وهذا ما حاولت فعله من خلال محاولة تحطيم الإرادة الفلسطينية عبر محرقة غزة». من جهته، رأى نائب رئيس المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى الشيخ عبد الأمير قبلان «أن عدوان تموز منعطف تاريخي تحدى فيه اللبنانيون العدو الإسرائيلي وسجلوا فيه انتصارا اعتز فيه لبنان بفضل بطولات جيشه وصمود شعبه وثبات وتضحيات مقاومته، فكانت الوحدة الوطنية متجسدة في الموقف اللبناني الذي شكل في أرضنا وعند شعبنا محطة بطولية للإرادة والعزيمة والمواقف الصلبة والقوية». وقال إن «إسرائيل كانت قبل تموز عدوا لا يقهر وبعد انتصار لبنان أصبحت عرضة للهزيمة بجيشها وآلتها الحربية لأن إرادة لبنان المتمثلة بجيشه ومقاومته وشعبه بددت مقولة الجيش الذي لا يقهر».

وللمناسبة عينها، دعا رئيس الحكومة السابق نجيب ميقاتي إلى «اعتماد قراءة واقعية للمواقف التي صدرت عن مسؤولين إسرائيليين في الذكرى الثالثة لعدوان تموز 2006 والتنبه خصوصا إلى ما يضمره العدو الإسرائيلي ضد لبنان، دولة وجيشا ومقاومة وشعبا».

وقال إن «من يقرأ ويسمع تصريحات المسؤولين الإسرائيليين والتي زادت وتيرتها خلال اليومين الفائتين يدرك أن الحرب الإسرائيلية على لبنان مستمرة وفق سيناريوهات متعددة، بعضها تهويلي والبعض الآخر تبريري، لكن القاسم المشترك هو وجود جهوزية كاملة تواكب تنامي رغبة الانتقام للهزيمة التي تكبدها جيش العدو قبل ثلاثة أعوام».

أضاف «حيال هذا الواقع الملتبس والخطير في آن واحد، وفيما نحيي ذكرى شهداء عدوان تموز، فإننا نعتبر أن الوفاء لهم يكون من خلال العمل على تعزيز وحدة الموقف اللبناني التي تبدو اليوم ضرورية لتحصين الساحة الداخلية من جهة، ولتوفير مقومات التصدي لأي عدوان إسرائيلي محتمل من جهة أخرى، وهذا ما يدعو إلى الإسراع في تشكيل الحكومة الجديدة وفق القواعد التي تعكس توافق اللبنانيين في ما بينهم».