مساعد وزيرة الخارجية الأميركية لـ«الشرق الأوسط»: ما زال هناك وقت لإنجاح الدبلوماسية مع إيران.. لكن قد تكون دبلوماسية شديدة

فيلتمان: علاقاتنا مع سورية تخرج من الجمود العميق.. وهي واعدة ولكن بها مشاكل

جيفري فيلتمان («الشرق الأوسط»)
TT

تشهد العلاقات السورية ـ الأميركية تطورات ملموسة منذ تولي الرئيس الأميركي باراك أوباما منصبه في يناير (كانون الثاني). ووصف جيفري فيلتمان المساعد المرشح لوزيرة الخارجية لشؤون الشرق الأدنى، العلاقات الحالية بين البلدين بأنها «واعدة وبها مشاكل»، موضحا في حوار مع «الشرق الأوسط» أنها تخرج من «الجمود العميق» الذي كانت عليه منذ اغتيال رئيس الوزراء اللبناني السابق رفيق الحريري. ولدى فيلتمان خبرة عميقة في العلاقات الأميركية ـ السورية واللبنانية، إذ خدم كسفير أميركي في بيروت وأصبح أول وأبرز مسؤول أميركي يزور سورية بعد دخول أوباما البيت الأبيض. وفي ما يلي نص الحوار:

* كيف تصفون العلاقات الأميركية مع سورية اليوم؟

ـ إنها واعدة وفي الوقت نفسه بها مشاكل، فهي واعدة من ناحية لأن هناك مجالات كثيرة يمكن لسورية والولايات المتحدة العمل سويا فيها من أجل تحقيق أهداف ذات مصالح مشتركة، وقد اتخذت خطوات عدة من السوريين والأميركيين سعيا لبعث الدفء في العلاقة بعد سنوات عدة من علاقة كانت في جمود عميق. ولكن بعض القضايا الرئيسية التي أسهمت بتجميد العلاقات ما زالت تشكل مشاكل، فنحن ببساطة لا نتفق مع سورية على طبيعة حزب الله وإذا كان حزب الله عاملا إيجابيا أو سلبيا في التأثير على أمن المنطقة. سورية تدافع عن حزب الله، ونحن نرى حزب الله على أنه منظمة إرهابية، هذا أمر جدي جدا، لدينا وجهات نظر مختلفة حوله. ولكن لا أريد أن أركز على السلبيات، لأنه مثلما قلت هناك قضايا عدة، أؤمن أن هناك إمكانية تعاون حقيقي حول قضايا تصب في مصلحة سورية والولايات المتحدة.

* ما هي التطورات الأهم التي أدت إلى خروج العلاقات من حالة الجمود، مثلما تصفها؟

ـ يمكن النظر إلى الأمر بالنظر إلى الأسباب التي أدت إلى سحب سفيرنا من سورية. نحن سحبنا سفيرنا من دمشق في فبراير (شباط) 2005، بعد أيام من اغتيال رئيس الوزراء (اللبناني الأسبق) رفيق الحريري وكان ذلك بعد مرور 6 أشهر على قرار مجلس الأمن 1559 الذي طالب بانسحاب القوات السورية من لبنان، بالإضافة إلى أمور أخرى. لننظر للوضع الآن، هناك محكمة خاصة للبنان تتعامل مع ملف اغتيال رفيق الحريري وهذا ليس أمرا للعلاقات الأميركية ـ السورية الثنائية. علينا جميعا العمل لدعم المحكمة الخاصة ولكن هذا ليس أمرا للعلاقات الثنائية. السوريون انسحبوا من لبنان في أبريل (نيسان) 2005 بعد التظاهرات الكبيرة في بيروت، وقد أجريت انتخابات في لبنان تعترف بها سورية والولايات المتحدة ودول إقليمية ودولية أخرى على أنها عادلة وشرعية وحرة. القضايا التي أدت إلى سحب السفير إما يعالجها آخرون أو قد تم حلها وانتقلنا إلى صفحة جديدة. نحن نؤمن الآن بأنه من المهم أن يكون هناك سفير للولايات المتحدة في دمشق من أجل محاولة تحقيق ما وصفته بالاحتمالات الواعدة للعلاقة الثنائية.

* إشارة إلى السفير الجديد، ما هو الإطار الزمني للإعلان عن اسمه ووقت استلامه مهامه في دمشق؟

ـ ليس لدي إطار زمني، لقد أبلغنا السوريين قرار الرئيس إرسال سفير، وقد اتصلت بالسفير السوري هنا. هكذا تم تبليغ حكومة سورية. ولكن الرئيس لم يرشح أحدا بعد، وطبعا هذا الترشيح سيعتمد على موافقة السوريين ومن ثم مصادقة مجلس الشيوخ عليه. وهناك العطلة الصيفية لمجلس الشيوخ، فأنا لا أتوقع أن تسمعوا شيئا خلال الأسبوعين المقبلين، أتوقع ذلك خلال الشهرين المقبلين.

* هل سيكون السفير مرشحا سياسيا أم دبلوماسيا مخضرما، مع أهمية هذا المنصب؟

ـ أنت محقة في التركيز على أهمية المنصب، وبغض النظر عما إذا كان المرشح من الدبلوماسيين المخضرمين أم لا، يجب أن يكون شخصا قادرا على لعب دور قوي مع السوريين، ولديه أرضية صلبة ليس فقط في السياسات الحالية ولكن أيضا لديه هاجس حول كيفية المضي قدما سويا ويستطيع أن يرى الفرص كلما تطرح نفسها، بسبب مدى البرود السابق مع سورية. من الصعب التكهن أين ستكون الفرص حول العمل الثنائي ولهذا نحتاج شخصا على واقع الأرض يستطيع أن يرى الفرص ويسعى إليها.

* الدور السوري في العراق أحد العوامل في تحديد العلاقات الأميركية ـ السورية، كيف تقيمون هذا الدور اليوم، خاصة بعد زيارة وفد القيادة الوسطى الأميركية إلى سورية؟

ـ هذا سؤال جيد لأنك محقة في أن القرارات التي تتخذها سورية تجاه العراق ستؤثر على تطور العلاقات السورية ـ الأميركية، من دون شك. لقد كان لي الشرف بزيارة سورية مرتين في 7 مارس (آذار) و7 مايو (أيار) الماضيين وطبعا كنت أيضا عضوا في وفد (مندوب الولايات المتحدة للسلام) السيناتور جورج ميتشل. وفي الزيارتين ورغم أننا لا نفصح عن تفاصيل المحادثات الدبلوماسية، سأقول إن التصريحات السورية حول أهدافهم للعراق تتماشى إلى درجة ملموسة مع أهدافنا للعراق. وأؤمن من لقاءاتي هناك ولقاءاتي مع السفير السوري (عماد مصطفى) هنا، أن السوريين يريدون أن يروا عراقا مستقرا وناجحا وموحدا وآمنا، وهذا ما نريد أن نراه. وقد قضينا وقتا طويلا نتحدث مع السوريين حول العراق لسببين، أولا أننا نؤمن بأن هناك شبكات مقاتلين أجانب استغلت أراضي سورية من أجل إطلاق الهجمات على العراق. لقد انخفض ذلك العدد، ولكن ما زالت هناك شبكات موجودة. فأحد الأسباب لقضائنا وقتا نتحدث مع السوريين عن هذه القضية أننا نريد أن يقف سفك الدماء في العراق باستخدام كل الآليات الممكنة ونحن نرى منطقة مشتركة يمكننا تحقيق هدف مشترك مع السوريين في قضية ذات أهمية عالية لنا وللشعب العراقي والمنطقة. فالسبب الأول الذي يدفعنا أن نتعاون مع سوريين حول العراق هو لمصلحة العراق، ولكن السبب الثاني أكثر حول العلاقات السورية ـ الأميركية، فكل منا قد اتخذ خطوات لمحاولة تدفئة علاقة مجمدة بعمق. السوريون سمحوا لنا بإعادة فتح مركز اللغة التابع لنا، لقد استقبلوا وفودنا، وأرسلنا زوارا، والرئيس أعلن نيته إعادة السفير إلى سورية. هذه خطوات متماشية، وبالإضافة إلى هذه الخطوات سيكون رائعا إذا كان بالإمكان لنا أن نعمل يدا بيد على مناطق ذات اهتمام مشترك، والعراق يجب أن يكون إحدى هذه المناطق، إذا كان بإمكاننا تصور ظرف يعمل الأميركيون والسوريون فيه على كشف وتعطيل ووقف شبكات مقاتلين أجانب التي تهدد أمن العراق، من الطبيعي أن ذلك سيؤثر على علاقاتنا الثنائية لأننا سنعمل سويا من جديد بطريقة لم تكن موجودة خلال السنوات الأربع الماضية؟

* هل تعتقدون أن السوريين بدأوا يرون هذه الشبكات تشكل خطرا عليهم ولذلك يريدون العمل على مواجهتها؟

ـ السوريون كانوا ضحايا لتنظيم القاعدة ومتطرفين آخرين مشابهين لـ«القاعدة»، كانت هناك تفجيرات داخل سورية، وسوريون قتلوا بهذا النوع من التطرف. وأعتقد أن السوريين يعرفون أن التهديد أوسع من العراق، وعندما أتحدث عن شبكات مقاتلين أجانب يستغلون الأراضي السورية، لا أتهم السوريين أبدا، بل أقول إن كلنا لدينا مصالح مشتركة في منع هذه الهجمات داخل العراق وخارجه؟

* إلى أية درجة يشعر بعض السياسيين اللبنانيين، وخاصة من مجموعة 14 آذار، بقلق من تحسن العلاقات بين واشنطن ودمشق، هل تطمئنونهم حول ما تقومون به؟

ـ نحن نحاول أن نتعامل بشفافية مع اللبنانيين، وقد أعدنا تأكيد التزامنا بسيادة لبنان واستقلاله بطرق عدة، ولكن لا نرى تدفئة العلاقات مع سورية على أنها تتناقض مع دعم سيادة واستقلال لبنان، على الأقل ليس من الضروري أن تتناقض المسألتان. ما نحاول فعله في تحسين علاقاتنا مع سورية، لا يأتي على حساب لبنان. لقد كان لي الشرف أن أعمل مع اللبنانيين لـ3 أعوام ونصف العام، وبالتأكيد أفهم أن هناك بعض الشكوك والمخاوف من المؤامرة من بعض الناس ولكن الكثير من السياسيين المنتبهين قد استمعوا إلينا ونحن نشرح كيف نريد تحسين العلاقات وقد عبروا عن دعمهم لذلك. نعم، يريدون أن يتأكدوا من أننا لا نقوم بذلك على حسابهم، ولكنهم يرون أن علاقات إيجابية بين الولايات المتحدة وسورية ستقدم حماية بشكل مختلف في وقت مختلف عما كان ضروريا قبل 3 أو 4 أعوام. كما أنني لا أستطيع التفكير بسياسي لبناني واحد قال لي علنا أو بشكل خاص أنه يريد أي شيء غير علاقة جيدة مع سورية، هناك رغبة داخل لبنان لعلاقة طبيعية ولكن إيجابية مع سورية، علاقة مبنية على الاحترام المتبادل واعتراف سيادة كل دولة ولقد رأينا خطوات في ذلك الاتجاه مثل خطوة سورية لقيام العلاقات الدبلوماسية وتعيين السفراء. هذه كلها علامات إيجابية.

* كان هناك تكهن حول إمكانية زيارة الرئيس أوباما إلى دمشق وترحيب الرئيس السوري بشار الأسد بذلك، هل هذا مؤشر إلى زيارة محتملة؟

ـ الرئيس أوباما تحدث عن ذلك، وقد أكد التزامنا بالحوار ولكن لفت إلى أننا نجد جوانب من السياسة الأميركية الخارجية تشكل مشاكل. لا يمكنني التعليق على سفر الرئيس ولكن ليس لدي علم بأي أمر يتم التجهيز له، غير أنني لا أستطيع تصور ذلك مع جدول الرئيس. وأؤكد مجددا أنه ليس من مسؤوليتي التعليق على وجهات سفر الرئيس.

* قال الرئيس أوباما إن هناك جوانب قلق بسبب سورية، وأشرت أنت إلى قضايا تشكل مشاكل، فما هي العوامل تحديدا التي تؤدي إلى هذا القلق؟.

ـ مرة أخرى، لا أريد أن أبدو سلبيا تجاه سورية، فالسوريون يرون أجزاء من سياستنا الخارجية على أنها تشكل مشاكل بالنسبة لهم. هذه مسألة علينا أن نعمل عليها بشكل ثنائي وإقليمي. ولكن على سبيل المثال، «قرار محاسبة سورية» الذي يصدره الكونغرس الأميركي.. يصدر بناء على دعم سورية لمنظمات إرهابية، كما أن السبب الآخر كان الاحتلال العسكري السوري للبنان الذي انتهى الآن، ولكن دعم سورية لمنظمات إرهابية ما زال قائما. ولمعالجة بعض عوامل «قرار محاسبة سورية»، علينا أيضا معالجة أسباب إصدار هذا القانون. سورية ستكون جزءا من السلام الشامل وعندما نتحدث عن هدف الرئيس للتوصل إلى سلام شامل، فمن الضروري أن يشمل ذلك سورية. نحن نفهم أن سورية لديها بعض التوقعات من السلام الشامل، مثلما هناك توقعات إسرائيلية يجب تحقيقها. فعندما نسعى إلى سلام شامل مع مسار سوري، نفعل ذلك ونحن على علم أن ذلك ليس أمرا سهلا، أن كل طرف لديه توقعات ولكن من مصلحتها السعي لذلك. في النهاية، عندما نصل إلى حل دولتين؛ إسرائيلية وفلسطينية، ستكون هناك حاجة لبعض التنازلات. ولا أعلم طبيعة هذه التنازلات وشكل التسوية النهائية لم يحدد بعد، ولكن من الممكن أن تكون هناك بعض الأفكار عن التنازلات، ونأمل في أن السوريين، مع نفوذهم مع حماس واستضافتهم لقادتها وغيرها من الجماعات الفلسطينية، ستساعد على تهيئة الأجواء لبعض التنازلات. فنحن أيضا ننظر إلى التعاطي بين سورية وحماس وغيرها من الجماعات الفلسطينية، فلا نرى تناقضا في السعي لسلام إسرائيلي ـ فلسطيني، وإسرائيلي ـ سوري، بل يجب أن يدعم كل مسار الآخر. ونأمل أن سورية سترى أنها لا يمكن أن تكون آلية لإضعاف المسار الإسرائيلي ـ الفلسطيني.

* أين يتجه مسار المفاوضات بين الأطراف المختلفة من أجل التوصل إلى مفاوضات مباشرة في عملية السلام، هل سيتحقق ذلك هذا العام؟

ـ أتوقع أن يكون ذلك هذا العام، أملي أن يكون في موعد أبكر بكثير من نهاية العام. ما يقوم السيناتور ميتشل به الآن بدعم الرئيس ووزيرة الخارجية هو خلق الأجواء كي تكون المفاوضات ناجحة عند بدئها. لا نريد أن يكون هناك حدث يؤدي إلى فشل المحادثات لأن الاستعدادات لم تكن صائبة. عندما نسمع السيناتور ميتشل يتحدث مع الإسرائيليين حول التزاماتهم السابقة بموجب خريطة الطريق أو الحديث مع العرب للتعامل بموجب روح مبادرة السلام العربية، وعندما يتحدث مع الفلسطينيين حول التزاماتهم السابقة، كل ذلك في إطار محاولة تحقيق بيئة إيجابية وتحرك إيجابي يدفع المفاوضات إلى الأمام عندما تبدأ.

* أشرت إلى الالتزامات الإسرائيلية وهنا نتحدث عن المستوطنات، لقد صدرت تقارير إسرائيلية صحافية تشير إلى التوصل إلى اتفاق حول المستوطنات، هل هناك أية صحة لهذه التقارير؟ هل تغير الموقف الأميركي حول هذه القضية؟

ـ لم يتم التوصل إلى أي اتفاق، كانت هناك مفاوضات بناءة وطرح الإسرائيليون أفكارا على الطاولة، ولكن موقفنا ما زال أن على الأطراف تنفيذ الالتزامات المكتوبة تجاه بعضهم البعض، وخريطة الطريق واضحة، بالنسبة للإسرائيليين، ذلك يعني تجميد المستوطنات بما فيها النمو الطبيعي لها، وهناك التزامات للفلسطينيين أيضا، نريد أيضا أن يعمل العرب بروح المبادرة العربية. ولكن لم نتوصل إلى اتفاق يضعف الالتزامات الموضوعة بخريطة الطريق.

* تقول إنكم تريدون أن يعمل العرب بروح مبادرة السلام، ولكن العرب قدموا مبادرة السلام ولم يتم الانتباه إليها لسنوات، وطرحوا رؤيتهم للسلام، ما هو المطلوب منهم في وقت لم تعبر إسرائيل بعد عن التزامها بالسلام؟

ـ الأمر الذي يمكنهم فعله هو مساعدة التأكيد من أن الشعوب العربية مستعدة لتسوية مبنية على التنازلات. على سبيل المثال، إذا يقبل الفلسطينيون بتبادل الأراضي وإذا كان ذلك ضمن الحل النهائي، أتوقع أن يقبل العرب بذلك رغم أنه ليس في مبادرة السلام العربية التي تطالب بالعودة إلى حدود 1967. لا أقول إن تبادل الأراضي جزء من الحل ولا أعرف كيف سينتهي الأمر، لكنه مثل على أن روح مبادرة السلام العربية جيدة ولكن يجب ألا ينظر إلى تفاصيلها على أنه يجب إما القبول بها كلها أو تركها كلها. الأمر الآخر يتعلق بالسلطة الفلسطينية، فيجب أن تتحلى السلطة بصفات الدولة لأننا نريد حل الدولتين، وهذا ليس الوقت المناسب للسماح بتضاؤل السلطة الفلسطينية. في شرم الشيخ في مارس (آذار) أعلنا عزمنا إعطاء نحو 200 مليون دولار إلى ميزانية السلطة الفلسطينية لدعم برامجها الإنسانية ونريد أن نرى توسيع الدول العربية دعمها للسلطة الفلسطينية للتأكد من أن السلطة تتمتع بأقصى قوة لاستلام السيادة التي ستمنح لها بعد السلام. ولكن هناك مشكلة في أوساط الفلسطينيين والإسرائيليين وهي أنهم يشعرون بالخيبة من عملية السلام. فنحن نطالب كلا الطرفين؛ العربي والإسرائيلي، أن يجد طرقا لاتخاذ قرارات تعطي للطرف الآخر مؤشرا إلى جديته (تجاه السلام)، بأن هناك بيئة جديدة والتزاما جديدا. على سبيل المثال، أحد الأسباب أننا نركز على قضية المستوطنات مع الإسرائيليين، وليس هذه القضية فقط، إنها جزء من التزامات خريطة الطريق، بل لأن الكثير من الفلسطينيين والعرب قالوا لنا إن تجميد المستوطنات أمر مهم لإرسال رسالة للشعوب العربية بأن الأمور بدأت تتغير. ولكن الشعب الإسرائيلي أيضا بحاجة إلى إشارة مماثلة، فهم يشعرون بالإحباط ويريدون أن يعرفوا أنه في حال قبلوا ببعض التنازلات من وجهة نظرهم أن هناك شركاء حقيقيين في الجهة الأخرى. الشعب الإسرائيلي يرى أن الانسحاب من غزة لم يقدم أمنا أفضل لإسرائيل، والانسحاب من لبنان عام 2000 لم يجعل حزب الله حزبا سياسيا فقط، فهم يريدون إشارة إلى أن هذه المرة ستكون الأمور مختلفة. لهذا نطلب من العرب أن ينظروا إلى ما يمكن أن يقوموا به لإظهار التزامهم بحل الدولتين.

* ننتقل إلى إيران، إلى أية درجة تشعرون بالقلق من أن جميع الخطوات الأميركية لم تؤد إلى رد إيجابي من إيران؟

ـ الرئيس وضع طريقا، أملنا أن تتبعه إيران ويقودها إلى لعب دور مهم دولي وأن تكون جزءا مسؤولا في المجتمع الدولي. حتى الآن، لم يظهروا أية إشارات بأنهم مستعدون لتقبل مسؤولياتهم وحقوقهم واتباع هذا الطريق. فرصة إيران أن تلعب دورا يتناسب مع تاريخ وثقافة وديانة إيران، ولكن أيضا يتماشى مع القانون الدولي. نحن نأمل أن تتخذ إيران هذا الطريق، لكننا لا ننتظر فقط ونراقب إذا كانت إيران ستقبل ذلك، بل نعمل أيضا مع شركائنا الدوليين حول الحوافز الأخرى والضغوط والإجراءات التي يمكن أن نعتمدها لإقناع قيادة الجمهورية الإسلامية الإيرانية بأن عليهم اتباع الطريق الذي عرض عليهم.

* ولكن الانتظار إلى متى، فعلى سبيل المثال في مجال البرنامج النووي، الوقت عامل مهم؟

ـ بالطبع، نحن على علم بالوقت الذي يمر بسرعات مختلفة. وأنت محقة أن هناك شعوار بأن هذا أمر يتطلب عملا عاجلا. لكن نحن نؤمن بأنه ما زال هناك وقت لإنجاح الدبلوماسية. ونأمل أنها ستكون الدبلوماسية المبنية على الحوار والشفافية والاحترام الدولي، غير أنه من الممكن أن تصبح دبلوماسية أشد بكثير، فالولايات المتحدة وبعض حلفائنا تقود إجراءات أخرى لإقناع إيران بأنه ليس من مصلحتها البقاء على هذا الخط.

* في ما يخص العراق، رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي يأتي إلى واشنطن الأسبوع المقبل، ما هي الرسالة التي سيجدها من الإدارة الأميركية الجديدة؟

ـ هناك عدة رسائل، الأولى أنه من خلال زيارة رئيس الوزراء المالكي، الشعب العراقي سيرى التواصل الأميركي المستمر مع العراق على أعلى المستويات، وسيرى أن هذه الإدارة ما زالت ملتزمة بالشراكة مع العراق ما دام الشعب العراقي يريد هذه الشراكة. والجزء الثاني من الرسالة هو إظهار التزامنا بالاتفاقيات التي وقعناها مع العراق. في ما يخص الاتفاقية الأمنية كان هناك سحب للقوات القتالية من المدن العراقية في 30 يونيو (حزيران). ولكن الجزء الآخر هو اتفاقية الإطار الاستراتيجي، وهي الاتفاقية الأكثر إثارة خلال الأيام المقبلة، فهي اتفاقية العمل على التعليم والتنمية والعلوم والصحة وجملة من الجوانب المدنية. فالاتفاقية الاستراتيجية تظهر الانتقال إلى الجانب المدني والكثير من المحادثات التي سترونها في اجتماعات رئيس الوزراء المالكي لدفع المبادرات في الاتفاقية، من الاستثمار وخلق فرص العمل والاقتصاد.

* تأتي هذه الزيارة بعد إطلاق القوات الأميركية المعتقلين الإيرانيين الخمسة في بغداد، ونعلم أن ذلك جاء تنفيذا لبنود الاتفاقية الأمنية بين البلدين ولكن ما هي الأهمية السياسية لهذه الخطوة؟

ـ الأهمية السياسية لهذه الخطوة هي تنفيذ الاتفاقية الأمنية التي وقعناها مع العراقيين، هذا الإطلاق يتماشى مع بنود الاتفاقية التي وقعناها مع العراقيين نهاية العام الماضي.