الشرطة الصومالية: جماعة أويس تحتجز الفرنسيين المختطفين.. وبوادر نزاع حول مصيرهما

قالت إن حركة الشباب تصر على تسلمهما وقتلهما.. والحزب الإسلامي يرفض.. وباريس تلتزم الصمت وترفض كشف هويتهما

TT

قالت الشرطة الصومالية إن جماعة الحزب الإسلامي، وهي حركة متمردة متشددة، هي التي احتجزت رجلي أمن فرنسيين أول من أمس بعد أن تسلمتهما من خاطفين على صلة بالحكومة.

وقال عبد القادر أودويني، وهو ضابط شرطة رفيع، لـ«رويترز»، إن مسلحين من فصيل إسلامي داخل قوات الأمن التابعة للحكومة الصومالية أخذت الرجلين أول من أمس من فندق في العاصمة مقديشو وسلمتهما إلى الحزب الإسلامي الذي يتزعمه أويس حيث يتم التفاوض بشأن مصير الرهينتين الآن مع جماعة متشددة أخرى هي حركة الشباب التي يعتبرها الغرب وكيلا لـ«القاعدة» في الصومال الغارق في الصراعات منذ عام 1991.

وأضاف أودويني «الشباب تريد أن تأخذ الفرنسيين من الحزب الإسلامي. إنهما على وشك الاقتتال». وأضاف «تريد الشباب قتل الفرنسيين ويرفض الحزب الإسلامي ذلك. الوضع ليس جيدا». وأدى القتال اليومي الدائر بين المتمردين الإسلاميين والقوات الحكومية إلى جعل مقديشو واحدة من أخطر مدن العالم. واشتهرت المدينة بخطف الأجانب خاصة عمال الإغاثة والصحافيين. وفي العادة يطلق سراح المخطوفين مقابل فدية.

وقالت الحكومة الصومالية إن الفرنسيين كانا متنكرين في هيئة صحافيين أثناء عملهما كمستشارين للأمن لتدريب الحرس الأمني الرئاسي. واقتحم مسلحون فندقا في مقديشو أمس وفتشوه غرفة غرفة حتى وجدوهما. وقال أودويني إن وزيرا له صلات مقربة بالمتمردين وراء الخطف. وكرر سكان في مقديشو ومنظمة غير حكومية بارزة المزاعم نفسها.

ولم ترد الحكومة على وجه الخصوص على هذه الاتهامات. وتعهدت ببذل كل ما في وسعها لضمان الإفراج السريع عن الرهينتين. وقال وزير الدفاع الصومالي، محمد عبدي جاندي، لراديو فرنسا الدولي، إن الدوافع وراء الخطف مالية.

وقال «لا نعرف أسماءهم. لكننا نعرف انتماءهم ونعرف جماعتهم.. هؤلاء الناس مسلحون يقومون بالخطف ليطلبوا فدى لكنها ليست عمليات اختطاف سياسية».

وأضاف «هناك اتصال مباشر واتصال غير مباشر وسوف نحاول استخدام وسائل متعددة». وقال جان فرانسوا جويار رئيس منظمة «مراسلون بلا حدود»، ومقرها باريس، إنه لو ثبت أن رجلي الأمن الفرنسيين تنكرا في صفة صحافيين فسوف يصبح الأمر فضيحة. وقال لـ«رويترز» «لو تأكد ذلك فالأمر صادم لأنهما ضابطان رسميان في مهمة للحكومة الفرنسية واستخدما صفة الصحافي للتغطية».

وأضاف «هناك صحافيون أجانب يتعرضون للخطف كل شهر تقريبا ولا حاجة لإضافة المزيد. الصحافيون بالفعل على خط النار في الصومال». وأثارت فكرة استخدام رجلي الأمن الفرنسيين لصفة صحافيين حفيظة المراسلين الأجانب في المنطقة. ويسافر عدد قليل من الصحافيين إلى الصومال ويستأجرون عشرات الحراس عندما يعملون هناك.

إلى ذلك التزمت باريس لليوم الثاني على التوالي الحذر الشديد وامتنعت عن الكشف عن تفاصيل إضافية خاصة بـ«المستشارين» الأمنيين اللذين اختطفا من فندقهما في المنطقة المحمية في مقديشو صباح الثلاثاء. وبررت الخارجية الفرنسية موقفها بالدواعي «الأمنية» والمحافظة على سلامة المخطوفين.

وحتى مساء أمس، بقي العديد من علامات الاستفهام من غير إجابات واضحة، إذ لم يعرف بعد الجهاز الأمني الذي ينتمي إليه الرجلان وما إذا كانا من العسكريين أم من المدنيين ولا المهمة الحقيقية التي كانا يقومان بها في مقديشو. كذلك لم يعرف إذا كان لهما رفقاء آخرون في العاصمة الصومالية. كذلك امتنعت الخارجية عن الحديث عن الجهة الخاطفة أو عن الاتصالات التي قد تكون جرت مع الخاطفين أو عن مطالبهم. واكتفت الخارجية الفرنسية أمس، في المؤتمر الصحافي الإلكتروني، وإزاء سيل الأسئلة التي انهالت عليها، بالتأكيد مجددا أن الرجلين «كانا في مهمة رسمية لمساعدة الحكومة الصومالية» وأن مهمتهما «تندرج في سياق السياسة العامة الفرنسية الهادفة إلى دعم حكومة الشيخ شريف في المجال الأمني». وكانت باريس وعدت الصومال بتأهيل وتدريب فرقة من 500 رجل على الأراضي الجيبوتية حيث تملك فرنسا أكبر قاعدة عسكرية لها في أفريقيا وهي بحرية وبرية وجوية وتضم حوالي 3 آلاف رجل. وإزاء سيل الاحتجاجات على المعلومات التي تم تداولها والتي تقول إن الخبيرين الأمنيين سجلا نفسيهما كصحافيين في فندق «الصحافي الدولي» في مقديشو وانتحلا الهوية الصحافية كغطاء لنشاطات غير صحافية ما من شأنه أن يهدد أمن الصحافيين في بلد هو الأخطر بالنسبة إليهم، سعت باريس إلى استيعاب التهمة بالقول إنه «لا يتوافر لديها دليل» يؤكد مثل هذا الأمر وأن المستشارين «كانا في مهمة رسمية وبالتالي فإن صفتهما كانت هي أيضا الرسمية» مما يعني أنهما لم يكونا بحاجة لهوية أخرى. وكانت منظمة «صحافيون بلا حدود»، التي مقرها باريس، قد احتجت رسميا مشيرة إلى أن تصرف الخبيرين الأمنيين الفرنسيين «يعرض الصحافيين للخطر في منطقة هم فيها في خطر».

وفي بيان رسمي، قالت المنظمة المذكورة إن الصومال هو أكثر البلدان الأفريقية خطورة ودموية بالنسبة لمهنة الإعلام حيث يمسك بالرقم القياسي لجهة خطف الصحافيين والعاملين في الحقل الإنساني وأنه يحتل الموقع الـ 153 (من أصل 173 بلدا) لجهة احترام حرية الصحافة لعام 2008.