مصادر إماراتية لـ«الشرق الأوسط»: أبوظبي تحدد كوتا للوافدين من غير العرب

الحكومة تدرس رفع الحد الأدنى للدخل 150% للسماح للمقيم باستقدام عائلته

TT

كشفت مصادر إماراتية مطلعة لـ«الشرق الأوسط»، أن الحكومة الاتحادية أقرت تحديد كوتا للجنسيات غير العربية العاملة في الدولة، وسيتم تنظيم استقدام هذه العمالة وفقا لجنسياتها، بحيث لا تطغى جنسيات محددة على أخرى، كما هو حاصل حاليا.

وقالت المصادر إن الهدف من خلف هذا القرار، القاضي بتحديد حصص لتوظيف الجنسيات غير العربية تبعا للأقاليم الجغرافية التي تنتمي إليها، هو «الحفاظ على مبدأ التنوع الثقافي على مستوى الدولة». وتهيمن العمالة الوافدة، خاصة الآسيوية منها، على تركيبة سوق العمل الإماراتية، خاصة لدى مؤسسات القطاع الخاص وشركاته بنسبة تفوق الـ90 في المائة من إجمالي القوة العاملة في الدولة نهاية عام 2006، حيث تسيطر العمالة التي تنتمي إلى دول آسيوية وحدها على 87.1 في المائة من سوق العمالة، في حين تبلغ نسبة العمالة من كل الجنسيات الأخرى، بما فيها العربية 12.9 في المائة.

وبحسب المصادر، فإن هذا القرار الاتحادي سيكون ضمن حزمة قرارات تتخذها الحكومة الإماراتية، لتنظيم سوق العمالة الوافدة المهيمنة على سوق العمل الإماراتية، التي تصل نسبة المقيمين فيها من إجمالي السكان إلى نحو 80 في المائة، وفقا للإحصاءات الرسمية. وتقول المصادر إن الحكومة تدرس حاليا زيادة الحد الأدنى للدخل الذي يسمح للوافد باستقدام عائلته، من 4 آلاف درهم إماراتي (1100 دولار) شهريا إلى 10 آلاف (2600 دولار)، للذين لا يحصلون على سكن من الشركة أو المؤسسة التي يعملون فيها، و8 آلاف درهم للأفراد الذين يتمتعون بسكن من المؤسسة، وهو ما يعني رفع نسبة الدخل لاستقدام عائلات المقيمين بنسبة تصل إلى 150 في المائة. وتضيف المصادر أن الحكومة تدرس أيضا، عن طريق وزارة العمل، وضع خطة تنمية شاملة للدولة تحت مظلة اتحادية، «بما يحقق الطموحات الاقتصادية التي تتناسب مع طبيعة وإمكانيات تلك الطموحات وتركيبة الدولة في الحدود الآمنة والمستقبلية».

وبالإضافة إلى هذه القرارات التي اتخذتها الحكومة، وهي في طور التطبيق خلال الفترة المقبلة، قالت المصادر ذاتها إن الحكومة تدرس حاليا تغيير نمط التنمية الاقتصادية الحالية «التي تتطلب عمالة كثيفة، والتركيز على نمط التنمية القائم على اقتصاد المعرفة والقيمة المضافة».

وتؤرق أعداد العمالة الوافدة في الإمارات الشارع الإماراتي بأطيافه كافة. وكشفت اللجنة المؤقتة للعمالة الوافدة في المجلس الوطني الاتحادي (البرلمان) أن عدد الوافدين المقيمين في الدولة بلغ نحو 5.5 مليون نسمة من إجمالي عدد السكان البالغ 6.3 مليون نسمة نهاية العام الماضي، منهم 3.1 مليون مسجلون بوزارة العمل و2.4 مليون لدى وزارة الداخلية، فيما يبلغ عدد المواطنين 900 ألف نسمة، علما أن هذه الأرقام تزيد عن الأرقام الرسمية للحكومة.

وتقول اللجنة إن الزيادة في عدد العمالة الوافدة وعائلاتهم القادمين للإمارات «تدل على عدم وجود نظام فعال يحدد أعداد العمالة المستقدمة من الخارج وعلاقة ذلك التحديد بالتركيبة السكانية والتوطين»، مشيرة إلى أن الآثار المهمة لموطن الخطر السكاني ترتبط بعوائل العمالة الوافدة والبالغة مليونا و970 ألفا من الأطفال والنساء «بافتراض أن كل من بلغ سن 20 إلى 59 عاما يمثل عمالة فعلية».

وحذرت اللجنة هذه من الآثار الاقتصادية لما سمته بهيمنة العمالة الأجنبية، مؤكدة أن استمرار معدلات تزايد هيمنة العمالة الوافدة سيؤدي إلى «سيطرة الأجانب جزئيا على بعض قطاعات الاقتصاد الوطني، خصوصا في الاستثمار العقاري، والوساطة المالية، وقطاع الإنشاءات والمقاولات، واستنزاف جزء من الدخل القومي بشكل أجور مدفوعة ومحولة إلى الخارج».

وكان المجلس الوطني الاتحادي في الإمارات قد أوصى في مايو (أيار) 2008 بألا تتجاوز مدة إقامة العمال الأجانب غير المهرة، ست سنوات لتجنب «الاستحقاقات» التي قد تتوجب على الدولة بسبب إقامتهم المطولة. وأوصى المجلس بـ«عدم السماح بتمديد إقامة العاملين الخاضعين لأحكام قانون العمل وكذلك خدم المنازل ومن في حكمهم وعمال الزراعة أو المراعي لأكثر من ست سنوات متصلة».

يذكر أن القمة الخليجية التي عقدت في المنامة عام 2004 قد نظرت في مشروع قرار خليجي يوصي بخفض عدد الأجانب في بلدان المجلس المقدر عددهم بنحو 17 مليونا، أغلبهم من آسيا يحولون إلى بلدانهم أكثر من 70 مليار دولار سنويا، غير أن القمة لم توافق على توصية وزراء العمل حينذاك وفضلت تأجيل اتخاذ القرار عبر دراسته مجددا. وتقول المصادر إن الاجتماع الوزاري للمجلس التعاوني، الذي يضم وزراء الخارجية، عاد لمناقشة الموضوع في اجتماع دوري عقد نهاية العام الماضي 2008، غير أن تحفظات من بعض وزراء الخارجية، أثارت جدلا حول الموضوع، وهو ما استدعى إزالة الفقرة الخاصة بتحديد بقاء العامل في الدول الخليجية.