دعوة لدمج الإسلاميين المعتدلين في الحياة السياسية في مصر

الإخوان قللوا من شأنها.. ومقاتلون سابقون بأفغانستان شككوا فيها

TT

حركت محاولات أطلقها إسلاميون بمصر لدمج معتدلين منهم في الحياة السياسية بالدول التي يقيمون فيها، كبديل عن العنف، المياه الآسنة لدى تيارات سياسية عديدة. فرغم تقليل جماعة الإخوان من شأنها، كون القيادي الإخواني السابق أبو العلا ماضي، أحد مطلقي هذه الدعوة، ورغم تشكيك مقاتلين سابقين بأفغانستان في التجربة الديمقراطية بالعالم العربي برمتها، بحسب ما قاله نبيل عبد الرحمن (أبو مسعود المصري) لـ«الشرق الأوسط»، يستعد أحد محامي الإسلاميين، ممدوح إسماعيل، للتقدم مجددا بطلب لتأسيس حزبه «الشريعة»، فيما ينتظر ماضي ترخيصا من لجنة شؤون الأحزاب المصرية لحزبه «الوسط الجديد»، قبل نهاية شهر أغسطس (آب) المقبل.

وقال مسؤول في لجنة شؤون الأحزاب: «إن الفيصل في منح الرخصة الالتزام بالدستور والقانون، وهما يحظران ممارسة العمل السياسي على أساس ديني». ودعا ماضي الإسلاميين المعتدلين من الإخوان والجماعة الإسلامية والجهاد وغيرهم، للانخراط في العمل السياسي، قائلا لـ«الشرق الأوسط»: «لدينا خطاب موجه لدمج الإسلاميين المعتدلين، ومشروع حزبنا لا يقبل أي متطرف أو من استعمل العنف، لأن المسافة بيننا وبينه ستكون بعيدة جدا.. كل مجموعة إسلامية لا تستخدم العنف يمكن أن تقلدنا وتقترب منا ومن تجربتنا».

وتقدم ماضي الذي كان نائبا بالبرلمان عن جماعة الإخوان، ومسؤولا عن الأقسام المركزية للجماعة، للمرة الرابعة بطلب لتأسيس حزب ذي طابع ليبرالي مستند على خلفية إسلامية، ويضم في قيادته العليا أقباطا ونساء. وقال: «نحن نقدم مثالا للإسلاميين.. (ونقول لهم) إذا كنتم تريدون الاندماج في الحياة السياسية اعملوا مثلنا.. ونقول للدولة.. إذا أردت أحدا يساعدك في عملية الدمج هذه فنحن هنا لتقديم المساعدة».

وحول ما يعنيه بـ«الإسلاميين المعتدلين»، وشرائحهم الكثيرة، ومن ضمنهم جماعة الإخوان والجماعة الإسلامية وجماعة الجهاد، والقيادات العائدة من أفغانستان في تسعينات القرن الماضي، وغيرهم من جماعات إسلامية.. أوضح: «أقول إن كل هؤلاء وغيرهم، بمن فيهم الإسلاميون المستقلون غير المنضمين لجماعات.. أقول إن خطابنا موجه لدمج الإسلاميين المعتدلين»، مشيرا إلى الجماعة الإسلامية بقوله إنها، بالمراجعات التي تخلت فيها عن العنف «اقتربت كثيرا من رؤية سلمية ما زالت تحتاج لإنضاج، لكن هذا لا يمنع، لو أن لديهم أفرادا حققوا هذا النضج، وقبلوا بمشروعنا، فنحن نرحب بهم في حزب الوسط الجديد».

وشدد ماضي أيضا على وقوف حزبه (تحت التأسيس) مع التيار المعتدل الذي قال إنه التيار الرئيسي في الدول العربية.. «وهذا تيار ينحاز للقضايا العربية في فلسطين والعراق.. حزبنا يدعم المقاومة، لكن في نفس الوقت نميز بين المقاومة، وبين الدور السياسي لبعض فصائل المقاومة.. أقبلُ دور حزب الله وحماس في مقاومة إسرائيل، لكن قد أختلف معهما في مواقفهما الداخلية.. كثير من هذه المنظمات أثبتت أنها كمقاومة حركة ناجحة، وكأحزاب سياسية فاشلة». ويصل عدد مؤسسي «حزب الوسط الجديد» لنحو 1200 مؤسس، منهم 38% سيدات، وأقباط كثيرون، بينهم ثلاث نساء وقبطيان في الهيئة العليا للحزب المكونة من 24 قياديا. وتعليقا على دعوة ماضي، شددت جماعة الإخوان المسلمين، على لسان الدكتور محمد حبيب، نائب مرشدها العام، على ضرورة وجود المناخ السياسي الملائم أولا، لكي تتقدم الجماعة بطلب للحصول على رخصة حزبية، وأضاف حبيب: «لا علاقة للإخوان بحزب الوسط، ونرجو له ولحزبه تحت التأسيس التوفيق والسداد، ونؤكد أن المشكلة لا تكمن في تشكيل حزب ولكن في حالة الانسداد السياسي وتعطيل الحياة الحزبية في البلاد».

ويعتزم إسلاميون مقربون من الجماعة الإسلامية والجهاد، منهم محامي الإسلاميين ممدوح إسماعيل، معاودة التقدم للجهات الرسمية بطلب الحصول على رخصة لحزب الشريعة، الذي يضم في صفوفه قيادات إسلامية، بعد إجراء تعديل على برنامجه الذي يعود لعام 1999. وقال إسماعيل إن السلطات المختصة بمنح تراخيص للأحزاب ترفض ما تقول إنها أحزاب على أساس ديني، مثل حزب الشريعة وحزب الإصلاح، إضافة إلى حزب الوسط الجديد، وجميعها سبق رفضها في السنوات العشر الأخيرة، محذرا من مخاطر منع الإسلاميين من الوجود في الحياة السياسية، قائلا إن «عدم فتح قنوات للتعبير معناه لجوء الشباب المتحمس إلى طرق أخرى»، في إشارة إلى خيار العنف، خاصة بعد اعتقال خمس خلايا تقول السلطات إنها تنظيمات متطرفة. لكن إسماعيل استطرد قائلا: «رغم كل هذه الأوضاع فإننا ندرس التقدم مجددا بطلب الترخيص لحزب الشريعة، بناء على رغبة قيادات من مؤسسيه الإسلاميين». الأمر ليس بمثل هذه السهولة بالنسبة لإسلاميين آخرين، إذ قال المقاتل الإسلامي السابق في أفغانستان، نبيل عبد الرحمن (الذي عرف بلقب أبو مسعود المصري)، في اتصال أجرته معه «الشرق الأوسط»، إن الذين يحاولون تأسيس أحزاب للإسلاميين مجرد أناس أرهقتهم السجون، في إشارة إلى فترة الثمانينات والتسعينات التي تعرض فيها الآلاف من عناصر التيارات الإسلامية للاعتقال والحبس لفترات طويلة. وأضاف أبو مسعود من مدينة مرسى مطروح شمال غربي مصر: «تجربة الديمقراطية في الوطن العربي والإسلامي تجربة فاشلة، حتى يثبت العكس». ومن جانبه أوضح عضو في لجنة شؤون الأحزاب المصرية أن الفيصل في الموافقة على منح أي حزب جديد الترخيص من عدمه، هو الالتزام بالدستور والقانون، وهما يحظران ممارسة العمل السياسي على أساس ديني، إضافة إلى شرط أن يكون برنامج الحزب الجديد مميزا عن برامج الأحزاب القائمة بالفعل التي يبلغ عددها 24 حزبا، مشيرا إلى أن الحزب الذي لا يحصل على ترخيص أمامه فرصة الطعن على قرار اللجنة أمام القضاء.