عشرات القتلى والجرحى في تفجيرين انتحاريين بجاكرتا

اتهامات لـ «الجماعة الإسلامية» بتنفيذ الاعتداءين

خبراء البحث الجنائي يفحصون آثار التفجير الانتحاري داخل فندق «ريتز كارلتون» في جاكرتا أمس (إ.ب.أ)
TT

قتل ما لا يقل عن تسعة أشخاص وأصيب 41 بجروح، بينهم الكثير من الأجانب صباح أمس، في تفجيرين انتحاريين دمرا فندقين فخمين في جاكرتا، سبق أن استهدف أحدهما بعملية إرهابية عام 2003. ووقع الانفجاران قبيل الساعة 8:00 (1:00 بتوقيت غرينتش) واستهدفا فندقي ريتز كارلتون، وماريوت، الواقعين في حي الأعمال كونينغان بوسط العاصمة الإندونيسية. وصرح رئيس الشرطة الوطنية بامبانغ هندارسو دانوري، في مؤتمر صحافي، «استنادا إلى المعلومات التي جمعناها ميدانيا خلصنا إلى أن العمليتين هجومان انتحاريان». ففي فندق ماريوت الذي استهدف أولا تجاوز الإرهابي المفترض الحراس الأمنيين في الفندق كزبون، قبل أن يفجر العبوة في مقهى في الطابق الأرضي. وعثر على جثة منفصلة عن الرأس في مكان الانفجار، الذي أدى إلى مقتل سبعة أشخاص بحسب الشرطة.

بعد دقائق انفجرت عبوة ثانية في مطعم في فندق الريتز كارلتون المجاور أدت إلى مقتل شخصين. وأظهرت صور كاميرات المراقبة في الفندق، التي بثها التلفزيون، رجلا يدخل بخطى مترددة إلى صالة المطعم قبيل الانفجار. وكان يحمل كيسا وحقيبة.

وعثر على مواد متفجرة وعبوة أخرى في غرفة في فندق ماريوت في أثناء عمليات التفتيش، التي تمت بعد الانفجارين. وتم تفكيك العبوة. وقال الناطق باسم الشرطة الوطنية نانان سوكارنا: «نحقق للكشف عن هوية الشخص الذي نزل في الغرفة».

وقال المتحدث باسم الشرطة نانان سويكارنا، إن «عدد القتلى وصل إلى تسعة، قتل ثمانية منهم في موقعي التفجيرين، فيما توفي آخر في المستشفى» مضيفا، «هناك 41 جريحا بينهم 14 أجنبيا».

وبعد ساعتين أعلن في جاكرتا عن انفجار آلية في حي تجاري، غير أن الشرطة أوضحت أن هذا الانفجار الثالث لم ينتج عن قنبلة كما أفادت وسائل الإعلام المحلية، بل عن عطل في بطارية شاحنة صغيرة، وقد أدى إلى مقتل شخص كان فيها. ويعود آخر اعتداء استهدف العاصمة الإندونيسية إلى التاسع من سبتمبر (أيلول) 2004، وقد أدى إلى مقتل عشرة أشخاص أمام السفارة الأسترالية. وقبل سنة من ذلك استهدف اعتداء فندق ماريوت في الخامس من أغسطس (آب) 2003 وأوقع 12 قتيلا. ونسبت الاعتداءات السابقة، وبينها اعتداءات دامية في مطلع العام 2000، إلى الجماعة الإسلامية، التي تضم متطرفين إسلاميين يسعون لفرض نظام الخلافة على جزء من جنوب شرقي آسيا. ووقع الانفجار الأول قبيل الساعة 8:00 في مقهى يقع في طبقة تحت الأرض من فندق ماريوت، وبعد دقيقتين دمر الانفجار الثاني فندق ريتز كارلتون، في وقت كان النزلاء فيه يتناولون الفطور. وروى تشو اين سانغ، وهو كوري جنوبي في الخمسين من العمر كان في فندق ريتز كارلتون، ونقل إلى المستشفى إثر إصابته بجروح في ذراعيه وساقيه «انهار السقف فجأة وسمعنا جلبة قوية». وكان الحطام يكسو الأرض. ووقع الاعتداءان قبل يومين من وصول لاعبي نادي مانشستر يونايتد البريطاني الشهير لكرة القدم، لخوض مباراة ودية مقررة مساء الاثنين ضد منتخب من اللاعبين الإندونيسيين، وكان من المتوقع أن ينزلوا في فندق ريتز كارلتون. كما وقع الاعتداءان بعد أسبوع على الانتخابات الرئاسية التي أسفرت بحسب نتائج جزئية عن إعادة انتخاب الرئيس سوسيلو بامبانغ يودويونو. وأعدم ثلاثة إسلاميين في نوفمبر (تشرين الثاني) 2008 لإدانتهم بالمشاركة في اعتداءات أوقعت 202 قتيل معظمهم من السياح في منتجع ساحلي في بالي في 12 أكتوبر (تشرين الأول) 2002. وسددت إندونيسيا ضربات قاسية إلى الجماعة الإسلامية فاعتقلت المئات من عناصرها ومناصريها، غير أنه ما زال من المتعذر العثور على عدد من قادتها ومنهم الماليزي نور الدين محمد توب، المتهم بالتخطيط لاعتداءين استهدفا فندقي ماريوت في جاكرتا وبالي. قالت الشرطة الإندونيسية أمس، إن الإرهابي الذي يشتبه بأنه نفذ الاعتداء على فندق ماريوت في جاكرتا ادعى أنه ضيف للدخول إلى الفندق. وشرح قائد الشرطة في جاكرتا واهيونو للصحافة «أن منفذ العملية دخل الفندق بصفته مدعوا، الأمر الذي مكنه من الدخول إلى مقهى الفندق حيث فجر العبوة التي كانت بحوزته». وعثر على جثة مفصولة الرأس في موقع الانفجار، ما يعزز فرضية أن تكون العملية انتحارية. وتم العثور على مواد متفجرة وقنبلة أخرى في غرفة في فندق ماريوت تم تفكيكها. وقال متحدث باسم الشرطة نانان سويكارنا، «إن التحقيقات جارية لاكتشاف هوية الشخص الذي استأجر هذه الغرفة». وصرح الرئيس الإندونيسي سوسيلو بامبانغ يودويونو، أن التفجيرين اللذين استهدفا الفندقين «عمل إرهابي».

وقال يودويونو في مؤتمر صحافي بثه تلفزيون محلي: «إنني واثق من أننا قادرون على اعتقال ومعاقبة مرتكبي هذا العمل الإرهابي وفق القانون». وأضاف أن المهاجمين «لا يملكون أي شعور بالإنسانية ولا يهتمون بالأضرار التي تسببوا بها لبلدنا بهذا العمل الإرهابي، الذي ستكون له آثار كبيرة على اقتصادنا وتجارتنا وسياحتنا وصورتنا في العالم». وأكد الرئيس الإندونيسي أنه أمر «بتشديد القانون لمعاقبة أي شخص متورط في هذا العمل الإرهابي بمعزل عن خلفيته السياسية». وفي براغ، نددت وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون أمس بالاعتداءين اللذين استهدفا الفندقين، واعتبرتهما «أعمال عنف عبثية». وقالت كلينتون في بيان صدر في براغ، حيث توقفت طائرتها للتزود بالوقود في طريقها إلى الهند، إن وزارة الخارجية تعمل على «مساعدة مواطنين أميركيين أصيبوا في التفجيرين». وفي سيدني رجح خبير أسترالي في شؤون مكافحة الإرهاب أمس، أن تكون عناصر متشددة من منظمة الجماعة الإسلامية هي التي نفذت تفجيرات العاصمة الإندونيسية جاكرتا.

وقال كارل أونجيرر، مدير المعهد الأسترالي للسياسة الإستراتيجية، إنه «كانت هناك مؤشرات على مدار الأشهر القليلة الماضية على أن هذه العناصر المتشددة داخل صفوف الجماعة الإسلامية لم تتأثر بتراجع حملة التفجيرات في السنوات الأخيرة، ومن الواضح أنها كانت عازمة على ارتكاب فعلة ما». وذكر أونجيرر، أنه بعد تفجيرات بالي عام 2002، ألقت السلطات القبض على حوالي 400 من عناصر الجماعة الإسلامية، التي تتألف من 4 آلاف شخص، وأودعتهم في السجون، ولكنهم الآن تم إخلاء سبيلهم، وتعهد بعضهم بمواصلة أنشطة العنف. من جهتها دعت السلطات الأسترالية أمس، رعاياها إلى تجنب السفر إلى إندونيسيا عقب وقوع التفجيرات. وقالت وزارة الخارجية والتجارة الأسترالية في تحذير لها: «ننصحكم بإعادة النظر في ضرورة السفر إلى إندونيسيا بما في ذلك (جزيرة) بالي في هذا الوقت بسبب وجود تهديد خطير بشأن وقوع هجوم إرهابي». ونصحت الحكومة النيوزيلندية كذلك رعاياها من السفر إلى إندونيسيا لأسباب غير ضرورية في أعقاب وقوع هجمات جاكرتا أمس. وأدان الاتحاد الأوروبي التفجيرات التي استهدفت العاصمة الإندونيسية جاكرتا أمس. وأصدرت الرئاسة السويدية للاتحاد الأوروبي بيانا في ستوكهولم جاء فيه، «رئاسة الاتحاد الأوروبي تدين تفجيرات جاكرتا التي قتلت وأصابت أمس الكثير من الأبرياء».

ومن خلال بيان صدر ببروكسل عاصمة المجموعة الأوروبية الموحدة، عبرت الرئاسة السويدية الحالية للاتحاد عن مساندة دول ومؤسسات التكتل الأوروبي الموحد لإندونيسيا، في هذا الوقت الذي وصفته بالصعب. وفي بيان منفصل، عبر الممثل الأعلى للأمن والسياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي خافيير سولانا، عن «الصدمة لوقوع إندونيسيا، مرة جديدة ضحية الإرهاب». واعتبر سولانا أن هجوم جاكرتا يعتبر «هجوما على الشعب الإندونيسي الذي أظهر تمسكا بالديمقراطية»، مشددا على «وقوف الاتحاد الأوروبي إلى جانب الحكومة والشعب في إندونيسيا، في عملها على مكافحة الإرهاب»