هاجس «الوحدة والانفصال» يهيمن على لقاء البشير مع الجالية السودانية في مصر

الرئيس السوداني قال إن القوات الأميركية خلفت مليوني قتيل في العراق.. بسبب «كذبة»

TT

سيطر هاجس الانفصال، وقضية الوحدة بين شمال السودان وجنوبه، على لقاء تم مساء أول من أمس بين الرئيس السوداني عمر البشير والجالية السودانية في مصر، حيث أكد البشير «أن السودان مقبل على مراحل حاسمة خلال الفترة المقبلة، من بينها الانتخابات، والفترة التالية من الفترة الانتقالية هي حق تقرير المصير في الجنوب وهي جزء مهم نركز عليه».

وشدد الرئيس السوداني على «أن أي انقسام هو ضعف للبلاد ويفتح شهية الانفصال في عدد من المناطق بل في كل أفريقيا»، وقال «إننا على قناعة أن كثيرا جدا من إخواننا في الحركة الشعبية مع الوحدة، والتي هي في الحقيقة تحتاج إلى عمل كثير من كل الأطراف». وأضاف: إننا مقتنعون بأن وحدة السودان هي مصلحة لنا جميعا ولكل أبناء وشعب السودان.

وتحدث البشير الذي حضر مع الرئيس مبارك صباح أمس حفل تخريج في الكلية الحربية، عن «قوى تريد أن تشغلنا عن هدف تحقيق الوحدة، التي هي القضية المهمة والأساسية لنا خلال العامين القادمين». وأوضح أن هدف الحملة الانتخابية لحزب المؤتمر الوطني سيكون «العمل من أجل وحدة البلاد»، مشيرا إلى «إنشاء صندوق لدعم الوحدة يتم تمويله من أموال البترول في منطقة كردفان 50% من حصة الحكومة و25% من حصة حكومة جنوب السودان».

ومضى يقول: «سنركز خلال العامين القادمين على تنفيذ مشروعات في جنوب السودان لدعم الوحدة»، مشيرا إلى أنه تمت دعوة كافة المستثمرين من الدول العربية لإقامة المشروعات، موضحا أن مصر كانت أول من استجاب للاستثمار وإقامة المشروعات في جنوب السودان، وأضاف: «نذكر في هذا الصدد الزيارة التاريخية للرئيس حسني مبارك لمدينة جوبا»، مضيفا «نريد أن نتفق مع الإخوة في الحركة الشعبية على قانون الاستفتاء لأننا في النهاية نشجع على أن تكون النتيجة النهائية هي وحدة السودان». وحذر الرئيس السوداني من الحرب بشكل عام قائلا «إن كل الحروب.. كارثة على الشعوب حتى الحروب المكللة بأبهى حلل الانتصار».. مؤكدا أن السودان يحتاج إلى مزيد من الاستقرار والسلام، وقال: «نحن حريصون على اتفاقية السلام الشامل لنصل بها إلى نهايتها».

وتحدث الرئيس السوداني خلال اللقاء طويلا عن «العلاقة الاستراتيجية بين مصر والسودان، وأن كليهما يشكل عمقا أمنيا واستراتيجيا للآخر»، مشيدا بمواقف الدعم الذي تقدمه مصر حكومة وشعبا ورئيسا للسودان، ولفت إلى العلاقة الوثيقة التي تربط البلدين، وخصوصا العلاقات العسكرية، وأشار إلى «الروابط الجغرافية والتاريخية والعرقية والثقافية والاجتماعية والوجدانية والدينية بين شعبي السودان ومصر». وأضاف البشير أن العلاقات بين مصر والسودان شهدت تقلبات نظرا للظروف السياسية.. وقال إنه لم يشعر بالغربة في الفترات التي عاش فيها في مصر، حيث قضى في مصر تسعة أشهر في مدرسة المظلات في أنشاص وعاصر الضباط والقوات المسلحة المصرية في دورات مختلفة وتدرب عمليا على الهبوط في مناطق مختلفة.. وقال إنه كان له الشرف أن أتيحت له الفرصة في أن يشارك في حرب أكتوبر عام 1973 كما خدم في الجبهة في حرب الاستنزاف عام 1968. وأشار إلى أن عددا كبيرا من الضباط السودانيين تدربوا في المعاهد العسكرية المصرية، موضحا أنه في حفل التخرج الأخير في الكلية الجوية المصرية كان هناك 9 ضباط سودانيين ضمن الخريجين.

واستعرض الرئيس السوداني عمر البشير جذور العلاقات التاريخية التي تربط بين مصر والسودان، ثقافيا وجغرافيا ووجدانيا واجتماعيا والمصير المشترك.. مشيرا إلى أنه لا توجد أسرة في السودان لم يتعلم أحد أفرادها في مصر، وقال «حتى أن أسرة البشير نفسه قد تعلمت في مصر، فالدكتور عبد الله البشير خريج جامعة الإسكندرية».

وقال البشير «مهمتنا كحكومات إزالة العوائق وتحقيق حركة انتقال السلع والمواطنين بين مصر والسودان، وكل الاتفاقيات التي نوقعها مع الشقيقة مصر نعتبرها أطرا ونظما من أجل إزالة العوائق ومن هنا جاءت اتفاقيات الحريات الأربع».

من جهة أخرى، أشار الرئيس السوداني إلى أن بلاده واجهت تحديات كبيرة، منوها بأن رفع العقوبات عن السودان تم بدعم من الأشقاء في مصر ومصداقيتها لدى الآخرين، وقال «كتبت مصر رسميا في مجلس الأمن، أن السودان أوفى بكل تعهداته وكان ذلك مباشرة بعد أحداث 11 سبتمبر (أيلول) 2001، كما كان لمصر ومندوبها لدى الأمم المتحدة دور مهم في مواجهة القرار 1906، والذي كان سيضع السودان تحت وصاية الأمم المتحدة»، مؤكدا أن علاقة السودان مع مصر هي علاقة مهمة، وأن زيارته لمصر تأتي في هذا الإطار.

واتهم مجلس الأمن بأنه ليس مؤسسة عادلة وقال «إنما هي مؤسسة سياسية تكيل بمكيالين، فالقوات الأميركية دخلت إلى العراق ـ ونحن قد عارضنا ذلك ـ مخلفة مليوني قتيل بكذبة». وقال «إننا نريد أن تخرج البلاد من مشاكلها والوصول إلى ممارسة سياسية تقوم على الحوار الوطني ونحن لا نحتكر السلطة».. مشيرا إلى أن السلام والاستقرار هو مفتاح لحل كل مشاكل السودان، مضيفا «إننا نريد أن نوحد السودانيين في القضايا الوطنية.. والسودان يستوعب الجميع».

وقال الرئيس السوداني عمر البشير «إننا نريد تداولا حقيقيا للسلطة ونحن لا ندعي أننا الأفضل والأحرص على السودان من غيرنا، ولكننا نريد أن نزيل الحساسيات»، مضيفا أننا لن نحكم للأبد، ومن الضروري أن نرجع إلى صناديق الانتخابات وبحرية كاملة ونرحب بأي جهة كانت تريد أن تراقب الانتخابات في السودان.

وأعرب البشير عن سعادته الجمة بهذا اللقاء مع أبناء الجالية السودانية المقيمة في مصر، مشيرا إلى أنه أول لقاء من نوعه يتم بينه وبين أبناء الشعب السوداني في مصر.