فرنسا ومصر تريدان إطلاق مبادرة سلام لوضع الجميع أمام مسؤولياتهم في الشرق الأوسط

ساركوزي ومبارك يدعوان الإدارة الأميركية لممارسة الضغوط من أجل دفع الأطراف إلى طاولة المفاوضات

الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي يرحب بالرئيس المصري حسني مبارك لدى وصوله الى قصر الاليزيه في باريس أمس (إ ب. أ)
TT

ما بين قصر الإليزيه حيث التقى الرئيسان الفرنسي والمصري على غداء عمل بحضور وزراء ومستشارين، والخارجية الفرنسية، عقد الوزير برنار كوشنير مؤتمرا صحافيا مطولا، حضرت قضايا الشرق الأوسط أمس بقوة في العاصمة الفرنسية، لتتناول بشكل رئيسي الجهود الهادفة لاستئناف مفاوضات السلام ووقف الاستيطان الإسرائيلي كمقدمة لاستئنافها، وجهود التوفيق بين الفلسطينيين والوضع الداخلي في إيران الناتج عن الانتخابات الرئاسية والحال في الجنوب اللبناني بعد الاعتداء الذي استهدف قوات اليونيفل الأسبوع الماضي.

وقالت المصادر الرئاسية الفرنسية عقب غداء العمل الذي شارك فيه وزيرا خارجية فرنسا ومصر ووزيرا الإعلام والتجارة والسفيران المصري والفرنسي ومستشارو الرئيسين، إن ساركوزي ومبارك توصلا إلى قناعة مفادها أن هناك «حاجة لمبادرة سياسية قوية وعلى مستوى رفيع في الشرق الأوسط من أجل تحريك الأمور». وانطلاقا من ذلك، قالت المصادر الرئاسية الفرنسية إن الرئيسين توصلا إلى تفاهم تعمد بموجبه فرنسا ومصر و«أطراف أخرى بالتعاون مع الولايات المتحدة الأميركية» إلى «إطلاق مبادرات قوية من أجل دفع الأطراف إلى العودة إلى طريق المفاوضات».

وترى باريس والقاهرة أن انعقاد الجمعية العامة للأمم المتحدة في شهر سبتمبر (أيلول) القادم يمكن أن يشكل فرصة من أجل أن تشرح باريس والقاهرة معنى تحركهما والمبادرات التي قد تلجآن إلى إطلاقها. والأهم من ذلك، فإن ساركوزي ومبارك «يستشعران الحاجة للتحدث إلى الولايات المتحدة الأميركية من أجل تشجيعها على الضغط على الطرفين الإسرائيلي والفلسطيني للقيام بالبادرات اللازمة التي من شأنها أن تتيح العودة إلى المفاوضات والتوصل إلى اتفاق سلام». ومجددا عاد الرئيس الفرنسي إلى طرح فكرة مؤتمر دولي للسلام «عالي المستوى» قالت عنه المصادر الرئاسية إن غرضه «إخراج محادثات السلام» من الطريق المسدود الذي آلت إليه و«إطلاق دينامية سلام» جديدة تكون قادرة على «تحريك الأمور» كما أنها ستكون قادرة على «وضع الجميع أمام مسؤولياتهم». واعتبرت مصادر الإليزيه أن مؤتمرا «قريبا جدا قد يغدو ضروريا» بسبب الوضع القائم في المنطقة ومراوحة الجهود مكانها ونقلت هذه المصادر عن الرئيس الفرنسي قوله إنه «حان الوقت للحد من إضاعة الوقت الذي يلعب لصالح المتطرفين» داعيا إلى التحرك السريع. واتفق الرئيسان على أهمية أن توقف إسرائيل الاستيطان بكل أشكاله وعبرا عن رغبتهما في أن تقوم الحكومة الإسرائيلية بـ«التدابير ذات الصدقية» في هذا الاتجاه. غير أن كلام الرئيسين يبدو من باب التمنيات بعد رفض إسرائيل الاستجابة للطلبات الأميركية والدولية. وقال وزير الخارجية الفرنسي برنار كوشنير أمس في مؤتمر صحافي إن الخارجية استدعت السفير الإسرائيلي لإبلاغه رسالة في موضوع الاستيطان خاصة بالخطط الإسرائيلية في القدس الشرقية. وكان الرئيس المصري الذي التقى مساء الاثنين رئيس الوزراء الفرنسي فرنسوا فيون اكتفى بكلام مختصر للغاية للصحافة في باحة قصر الإليزيه. وجاء مبارك على ذكر المواضيع التي تناولها مع ساركوزي «القضية الفلسطينية استأثرت بغالبية الوقت والمشاكل القائمة في الخليج» مشيرا إلى «المبادرات التي نفكر بها» من أجل المنطقة. وأوحى الرئيس المصري في رد له على سؤال عن الجهود المصرية للتوفيق بين حماس وفتح بأنه لا يعتقد بحصول اتفاق سريع بين الجانبين مشيرا إلى وجود «خلافات» وإلى أن مصر تسعى لـ«تضييق الفجوة بينهما» خالصا إلى القول إنهم «سيأتون في أغسطس (إلى القاهرة) لنرى ماذا سيعملون». وجاءت الدعوة الفرنسية ــ المصرية الموجهة للولايات المتحدة الأميركية حول الحاجة للضغط على الطرفين الفلسطيني والإسرائيلي وحملهما على العودة إلى المفاوضات لتعكس، وفق أحد المصادر الفرنسية، نوعا من «فقدان الصبر» من الجانبين إزاء تردد واشنطن حتى الآن في الكشف عما تنوي فعله في المنطقة. ونفى الرئيس المصري أن يكون تناول مع الرئيس ساركوزي موضوع تشكيل الحكومة اللبنانية باعتبار أن هذا الموضوع «لا علاقة لنا به» غير أنه أضاف أنه ينتظر «ليرى كيف ستتضح صورة الوضع» في لبنان. وفي مؤتمره الصحافي، سئل كوشنير عن التطورات في الجنوب اللبناني حيث أصيب بعض الجنود الفرنسيين العاملين في اليونيفل بجروح في الاشتباك مع مناصرين لحزب الله الأسبوع الماضي.

وما لم يقله كوشنير، قالته مصادر فرنسية أعربت عن «قلقها» واصفة ما حصل في خربة سلم بأنه «لا يمكن قبوله». واعتبرت هذه المصادر أنه إذا كان الغرض من الحادث «التهويل والتخويف» على اليونيفل، فإن هذه الغاية «لن تتحقق لأن اليونيفل تعمل بتفويض دولي وهي تحظى بالثقة». ونفت باريس اعتبار أن يكون ما حصل «موجها ضد فرنسا» تاركة تحديد أمر ذلك للتحقيق الذي تجريه اليونيفل. وأعربت المصادر الفرنسية عن «دهشتها» لاستهداف القوة الدولية التي تنفذ انتدابا أعطاها إياه مجلس الأمن وأحد وجوهه «حماية المواطنين في جنوب لبنان». وتوقعت باريس أن يجدد مجلس الأمن انتداب القوة الدولية من غير تغيير لا في مهماتها ولا في قواعد الاشتباك التي تلتزم بها. وفي أي حال، أعربت باريس عن تعجبها لإثارة موضوع هذا التغيير الذي لم نتلق أي طلب بشأنه من أية جهة. وفي مؤتمره الصحافي، أدان كوشنير الحادث الذي حصل في الجنوب ملقيا مسؤوليته على حزب الله وأنصاره. ووصف الوزير الفرنسي ما حصل بأنه «مدان ولا يجب أن يتكرر» لكنه في الوقت عينه رفض إقامة علاقة بينه وبين الملف اللبناني الداخلي وتحديدا تشكيل الحكومة.. ورغم الحادث، قال كوشنير إن باريس تدعم التمديد للقوة الدولية من غير تغيير في انتدابها مضيفا أنه «ليس هذا الحادث هو الذي سيدفعنا إلى تغيير الانتداب».

وما لم يقله كوشنير، قالته مصادر فرنسية أعربت عن «قلقها» واصفة ما حصل في خربة سلم بأنه «لا يمكن قبوله». واعتبرت هذه المصادر أنه إذا كان الغرض من الحادث «التهويل والتخويف» على اليونيفل، فإن هذه الغاية «لن تتحقق لأن اليونيفل تعمل بتفويض دولي وتحظى بالثقة». ونفت باريس اعتبار أن يكون ما حصل «موجها ضد فرنسا» تاركة تحديد أمر ذلك للتحقيق الذي تجريه اليونيفل. وأعربت المصادر الفرنسية عن «دهشتها» لاستهداف القوة الدولية التي تنفذ انتدابا أعطاها إياه مجلس الأمن وأحد بنوده «حماية المواطنين في جنوب لبنان». وفي الموضوع الحكومي اللبناني، توقع كوشنير قيام حكومة وفاق وطني من غير الثلث المعطل مؤكدا أن الرئيس الأسد شاركه في هذه القناعة. واستبعد كوشنير معاودة المفاوضات غير المباشرة السورية ــ الإسرائيلية سريعا معتبرا أن الشعور الذي عاد به من جولته الأخيرة في المنطقة لا يدل على أن هذه المحادثات ستعود في القريب العاجل أو أن سورية «متعجلة» لمثل هذه المفاوضات.