رئيس جهاز المخابرات الصومالي: خطف الفرنسيين مؤامرة.. واعتقلنا 12 على خلفية الحادث

شيخ حسن لـ «الشرق الأوسط»: تحريرهما عملية صعبة.. وأي تدخل عسكري سيؤدي لخسائر

TT

قال الجنرال محمد شيخ حسن رئيس جهاز المخابرات الصومالي إن الاتصالات الجارية بين الحكومة الصومالية وخاطفي خبيري الأمن الفرنسيين اللذين تحتجزهما حركة الشباب المتشددة، على وشك الانقطاع. وأكد في حوار أجرته معه «الشرق الأوسط» عبر الهاتف، هو الأول له منذ تعيينه في أبريل (نيسان) الماضي، رفضه لقيام فرنسا بعملية عسكرية لتحرير المخطوفين على الرغم من أن رئيس الوزراء الصومالي عمر عبد الرشيد شارماكي قال إنه لا يمانع إذا أرسلت السلطات الفرنسية قوات كوماندوز لتحرير الرهينتين. وكشف محمد شيخ حسن عن أنه تم إلغاء خطة كانت موضوعة للتدخل العسكري لاستعادة الرهينتين، وقال: «كان الطريق صعبا علينا وعدلنا عنها». ونفى أن يكون جهاز الاستخبارات الصومالي تم اختراقه من قبل حركة الشباب، وقال إن الجهاز اعتقل 12 شخصا على صلة بهذا الحادث بينهم عناصر في ميليشيات تنظيم المحاكم الإسلامية الحليف للسلطة الانتقالية التي يقودها الرئيس الصومالي الشيخ شريف. يشار إلى أن محمد شيخ حسن، 55 سنة، كان انضم عام 1975 إلى أكاديمية الاستخبارات في مقديشو وترقى إلى رتبة ملازم ثاني، ثم انتقل في عام 1986 للعمل الدبلوماسي في مكتب وزير الدولة للشؤون الخارجية برتبة عقيد، حتى انهيار نظام حكم الرئيس السابق محمد سياد برى عام 1991. وبعدها سافر إلى إثيوبيا وكينيا خلال الحرب الأهلية. وفي سبتمبر (أيلول) 2005 وبعد تشكيل البرلمان المؤقت في العاصمة الكينية نيروبي، أصبح مديرا لمكتب رئيس البرلمان الصومالي شريف حسن شيخ آدم. وبعد انتخاب الشيخ شريف رئيسا للصومال مطلع العام الحالي أصبح مديرا لمكتبه. وفي 19 أبريل (نيسان) الماضي صادق مجلس الوزراء الصومالي على تعيينه كرئيس لجهاز الاستخبارات الصومالي. وفي ما يلي نص الحوار:

* ما آخر معلوماتكم بشأن المخطوفين الفرنسيين؟

ـ حتى الآن لا توجد أي أخبار. كانت هناك محاولات للاتصال بهما، لكنها الآن على وشك الانقطاع لأن الجماعات الخاطفة تصارعت وهناك أنباء متضاربة كثيرة، لكن لا ننوي القيام بأي عملية عسكرية لأنها ستؤدي إلى خسائر فادحة.

* لكن رئيس الوزراء قال إنه لا يمانع في تدخل عسكري فرنسي؟

ـ نعم هذا موقف الحكومة.

* لكن أنت تشك في قيام فرنسا بعمل عسكري؟

ـ أنا لا أرى أن هذا التدخل سيكون مفيدا، كنا أعددنا خطة لإطلاق سراحهما بالقوة لكن الطريق كان صعبا علينا وعدلنا عن تنفيذ تلك الخطة، ولا نعلم مدى إمكانية تدخل الفرنسيين للإفراج عن المخطوفين.

* هل ثمة اتصالات؟

ـ القبائل التي تسيطر هي قبائل الهبرجدر، خاصة قبيلة العير والسليمان، لكن حركة الشباب تسيطر عليهم جميعا، كان هناك دور في السابق للحزب الإسلامي لكن دوره تضاءل فيما بعد. الجماعة الأولى التي خطفتهما كانت مرتبطة بالقراصنة الذين حولوا الآن عملياتهم من البحر إلى البر، لكن الآن الوضع سيكون في يد «الشباب».

* هل تتوقعون الإفراج عنهما؟

ـ المسألة معقدة ويمكن أن تستغرق وقتا طويلا ومن الممكن أن يفرج عنهما قريبا، لكنى لا أستطيع التكهن.

* هل أرسلت الحكومة الفرنسية وفدا لمتابعة الموضوع إلى مقديشو؟

ـ لا، لم يأت أي وفد فرنسي إلى الصومال. لدينا اتصالات مع المجتمع الدولي، خاصة الحكومة الفرنسية المعنية بهذا الوضع.

* من كان صاحب اقتراح إقامة المخطوفين في الفندق على أنهما صحافيين؟

ـ كان هناك ضباط في الجهاز أنا كلفتهم بهذا الأمر، وهم اقترحوا إنزالهما في هذا الفندق حتى يكونا في مأمن وأنا كنت موافقا رأيهم.

* هل يعنى حادث الاختطاف أن الأمن ليس بالكفاءة المطلوبة، أم حدثت خيانة؟

ـ هما نزلا في «فندق الصحافي» وهو أكثر الفنادق أمنا في العاصمة مقديشو، وكان يقيم فيه نحو عشرة وزراء من الحكومة ونحو عشرين من أعضاء البرلمان، وهو على بعد عشرة أمتار من مقر قوات حفظ لسلام التابعة للاتحاد الأفريقي، ومن الناحية الأخرى على بعد عشرة أمتار أيضا من مقر المباحث الجنائية للشرطة الصومالية، والفندق عنده حراسة قبلية مشددة، لكن حصل نوع من المؤامرة.

* من أطراف تلك المؤامرة؟

ـ حتى الآن لم تتضح الأبعاد كافة، لكن أولا كان هناك طرف هو نفسه من الحكومة، (ثم إن) قوات المحاكم الإسلامية التي انضمت للحكومة والتي تسمى بـ«الدراويش» استعملت سيارة من أجل تنفيذ عملية الاختطاف، ما شكك الشرطة في ما تفعله بشأن هذه السيارة، هم حسبوا وظنوا أن هذه السيارة جاءت إلى الفندق لكي تقل بعض الوزراء أو أعضاء البرلمان المقيمين في الفندق، وبالتالي لم تكن هناك أية شبهة.

* تعنى أنه تمت عملية خداع؟

ـ نعم، وهذا كان أول عامل. والعامل الثاني أن حراس الفندق كانوا على صلة بالخاطفين، وفى الوقت نفسه نحن كهيئة استخباراتية عملنا بحثا وحجزنا هذه السيارة ومعها عشرة جنود واثنين من حراس الفندق. هم جميعا الآن في قبضة الحكومة، وهكذا حدثت العملية. الأمر كله بيد الله، لكنها كانت مؤامرة، ولعلك تعلم أنه في أميركا نفسها حيث أقوى جهاز مخابرات في العالم يمكن أن تحدث أشياء مفاجئة مثل هذا.

* هل اعترف أي من المعتقلين؟

ـ أربعة منهم عرفنا أنهم كانوا على علم بأن الاختطاف سيحدث، ولا يزال البحث جاريا، ورئيس الفرقة كان يعرف هذا، ومن يتولى إدارة الرشاش الكبير في السيارة كان يعرف، لكن مع هذا أعتقد أن هناك أياد خفية لا نعرفها حتى الآن.

* لا شك أن هذا يمثل تحديا شخصيا بالنسبة لك؟

ـ نعم، هذا ما حدث. وأنا أعلم أنه تحد لجهاز الاستخبارات خاصة، وللحكومة الصومالية عامة، لكن أنت تعرف أن الإرهاب الدولي يخترق بعض الأجهزة المهمة حتى في الدول الكبرى. القضاء والقدر مكتوب عند الله، وأميركا نفسها كأكبر دولة وعندها كل القدرات أحيانا تحدث فيها أشياء لا تتنبه إليها أجهزة المخابرات.

* هل يعنى هذا أن جهاز المخابرات مخترق من حركة الشباب؟

ـ لا حتى الآن، الجهاز ليس مخترقا من هؤلاء العناصر الذين تتحدث عنهم، لكن أولا عندما جئنا للمرة الأولى إلى العاصمة مقديشو وقبل أن نرتب الأمور دخلنا في مواجهات مع المعارضة مما أبطأ عملية التسريع في إعادة هيكلة العملية الأمنية.

* تريدون القول إن جهازكم مجني عليه ولا يتلقى دعما؟

ـ نعم تلك حقيقة، فجهاز الأمن القومي أو الاستخبارات الصومالية هو في أمسّ الحاجة إلى الدعم الدولي، خاصة تدريب الكوادر والدعم المادي وبالطرق الحديثة لجمع المعلومات. تعرف أننا منذ عشرين عاما نعيش حربا أهلية طاحنة وليس لدينا ما يمكن أن يساعدنا في العمل الاستخباراتي، والعقلية الموجودة الآن في الصومال هي عقلية قبلية تعصبية لا ترى (أبعد) من الصومال، لكن العالم الآن في كرة أرضية واحدة، بمعنى أن تحديات الأمن موجودة في كل مكان في العالم، ولا بد من التعاون مع الأجهزة الأخرى للتشاور وتبادل المعلومات، لكن لسوء الحظ، فإن الحكومة الصومالية وليدة ولا تستطيع أن تقدم لهذا الجهاز أي دعم مادي، لكن نأمل أن نستفيد مما يحدث الآن في العالم الذي بات يكافح المناطق التي بها إرهاب، ونحن الآن في أمس الحاجة إلى كل الدعم الممكن لمكافحة الإرهاب.

* هل هناك اتصالات مع أجهزة مخابرات عربية ودولية؟

ـ أنا الآن مع حكومتي التي تتطلع إلى الدعم الدولي والعربي والأفريقي.

* إذا كانت الحال كذلك، ما الذي دفعكم لقبول المنصب على الرغم من هذا الوضع؟

ـ أنا لم أطلب هذه المسؤولية، والرئيس الشيخ شريف هو من كلفني بهذه المسؤولية، وأشعر أن أي مسؤولية الآن صعبة في الصومال على من يتولاها، وأكثر صعوبة عندما يتعلق الأمر بالأمن والاستخبارات.

* شكرا، هل لديكم ما تضيفونه؟

ـ نعم، أريد أن أنتهز الفرصة لأقدم الشكر إلى الدول والهيئات والشخصيات العربية التي تتابع موضوع الصومال عن كثب، وأنتهز هذه الفرصة لطلب الدعم المادي والسياسي والمعنوي والعسكري للحكومة الصومالية الانتقالية، لأنها مهددة من قبل العناصر التي أتت من الشرق والغرب، وهى عناصر إرهابية مطلوبة دوليا، وأرجو أن تنتبه الدول العربية إلى ما يجرى للشعب الصومالي المسكين الذي لا يستطيع أن يواجه هذا الإرهاب الدولي.