بغداد تحقق في مزاعم توقيع بروتوكول بين الأميركيين وفصائل مسلحة من دون علمها

متحدث باسم «علماء المسلمين» لـ «الشرق الأوسط» : البعثيون لهم قيادة الجهاد.. وأهداف «القاعدة» لا علاقة لها بالمقاومة

TT

قالت وزارة الخارجية العراقية إنها تتحقق من صحة تقارير تحدثت عن عقد بروتوكول بين الجانب الأميركي وأطراف من «المقاومة العراقية» من دون علم الحكومة العراقية، لضمهم إلى العملية السياسية والمشاركة في الانتخابات التشريعية المقبلة المزمع إجراؤها في يناير (كانون الثاني) المقبل.

وتناقلت وسائل إعلام محلية وثائق قالت إنها سرية تتحدث عن قيام الجانب الأميركي بإبرام بروتوكول مع ما يسمى بـ«المجلس السياسي للمقاومة العراقية»، مما حدا ببعض الكتل البرلمانية بتقديم استفسارات للحكومة ووزارة الخارجية العراقية للتحقق من الأمر.

وقال وكيل وزارة الخارجية العراقية، لبيد عباوي: إن «وزارة الخارجية لم تصل بعد لمعلومات حول هذا الموضوع حتى الآن، وهي بصدد التحقق منه من خلال اتصالات تجريها مع الجانب الأميركي، ولا يمكن إثبات الأمر لأنه حتى الآن مجرد خبر إعلامي تناولته وسائل الإعلام فقط، وهو أمر لا يمكن الاستناد إليه، لكننا نتحقق من الجهات أو الأطراف المعنية».

وعن ماهية الإجراءات التي ستتخذها الخارجية العراقية في حال ثبوت صحة هذه المعلومات، قال عباوي لـ«الشرق الأوسط»: «علينا أولا التأكد منه، وإذا ثبت ستتخذ الخارجية إجراءات للتعامل مع هذا الموضوع، ولكن طالما أن الأمر غير مؤكد فلا يمكن اتخاذ أي إجراء».

ومن جانبها، اكتفت السفارة الأميركية في بغداد بالرد على استفسار «الشرق الأوسط» حول صحة تلك المعلومات من عدمها بالقول «لا تعليق لدينا».

ولم تتضمن الوثيقة، التي لم يتم التأكد من صحتها، أي تفاصيل حول الاتفاق الأميركي مع الجماعة المزعومة، بل آليات لتنظيم جلسات التفاوض بين الطرفين.

وتفيد الوثيقة، التي من المفترض أنها وقعت في مدينة اسطنبول التركية في 6 مارس (آذار)، أن المجلس السياسي للمقاومة وممثلي الحكومة الأميركية سيقومون بالاتفاق على «تسليم أسماء 15 ممثلا، وهم قادة سياسيون، ضمن فريق التفاوض للجانب الأميركي، وفي حالة تعرض الوفد المفاوض للاعتقال أو مشاكل أثناء التنقل داخل العراق، أو خلال مغادرته العراق، ستقوم الحكومة التركية بإبلاغ السلطات الأميركية التي ستقوم بحل المشكلة، وفي حال اعتقال هذا الوفد المفاوض من قبل القوات العراقية داخل العراق سيبذل الجانب الأميركي والأتراك جهودهما مع الحكومة العراقية لإطلاق سراحهم».

كما اتفق الطرفان على تحديد مستوى التمثيل في فريق التفاوض قبل مدة من عقد الجلسة بالتنسيق مع الجانب الأميركي، وأن مكان انعقاد جلسات التفاوض يكون بالاتفاق عليه قبل عشرة أيام، على أن لا تتجاوز مدة انعقادها نهاية يونيو (حزيران) 2009. كما اتفق الجانبان على إن يكون الجانب التركي طرفا وسيطا وضامنا طوال فترة المفاوضات، وأن من حق «المقاومة العراقية» طلب أطراف ضامنة أخرى.

وقال النائب العراقي حميد المعلة، عن الائتلاف العراقي لـ«الشرق الأوسط» إنه إذا ثبتت صحة تلك الأنباء « فسيكون لنا كلام في حينها»، مضيفا أنه «على الرغم من الغموض الذي يكتنف تفاصيلها وطبيعة الأطراف التي أبرمتها، فإنه لم يتم نفيها لغاية الآن».

وأكد المعلة، القيادي في المجلس الأعلى الإسلامي العراقي، بزعامة عبد العزيز الحكيم، أنه «على الحكومة العراقية تبيان ما هو البروتوكول وماهية بنود الجلسات التفاوضية، وهل هي محاولة من قبل الأميركيين لإرجاع الإرهاب للعراق. ونحن ننتظر ردود الحكومة على هذه التساؤلات».

وقال إن المعلومات تشير إلى أن مجلس المقاومة العراقية يمثل جماعة عزة الدوري، نائب الرئيس العراقي الأسبق صدام حسين، مضيفا: «إنهم جماعة إرهابية، وإن هناك من يرى أن هذه المحاولة هي بهدف نزع سلاح هذه المجموعات والزج بهم داخل العملية السياسية».

وكان الدوري قد حرم الدم العراقي ودعا إلى وقف العمليات المسلحة التي تستهدف العراقيين، حتى أولئك الذين يعملون في صفوف الجيش والشرطة والحكومة العراقية، إلا دفاعا عن النفس. وتستهدف الجماعات المسلحة في الغالب تلك العناصر لاتهامها بـ«الخيانة» والعمل مع الأميركيين.

وقال المعلة إن القوى السياسية «تطالب بموقف واضح من قبل الجهات المعنية لمعرفة انعكاسات مثل هذا الأمر، خاصة أن الدستور العراقي واضح في تعامله مع الجماعات التي تحمل السلاح، كما أن هناك إجماعا لدى القوى السياسية على ضرورة وضع حد لتدخل الأجندات الخارجية في الشأن العراقي الداخلي، وعدم السماح لهذه الأجندات أو للمال السياسي بحرف نتائج الانتخابات والتشويش عليها، كون الساحة الحقيقية للدخول في المعترك السياسي هي الانتخابات وفق ما يحدده قانون الانتخابات من مواصفات للمرشح والناخب، وبما يقره الدستور من طبيعة القوى التي يسمح لها بالمشاركة في الانتخابات».

إلى ذلك، أكد محمد بشار الفيضي، المتحدث باسم هيئة علماء المسلمين المحظورة في العراق، أن هناك 100 فصيل لـ«المقاومة» في العراق، وأن أربعة منها فقط شكلت «المجلس السياسي للمقاومة العراقية»، وهي «حماس العراق»، و«الجيش الإسلامي»، و«الجبهة الإسلامية للمقاومة العراقية (جامع)»، و«أنصار السنة والهيئة الشرعية». وأضاف أن أطرافا أخرى من المقاومة تضم تشكيلات وتسميات أخرى منها 13 فصيلا للمقاومة العراقية خولوا قبل فترة الشيخ حارث الضاري (الأمين العام لهيئة علماء المسلمين) للتحدث عنهم في الأمور السياسية.

وحول ما إذا دخلت هيئة علماء المسلمين في حوار مع الجانب الأميركي لدخول العملية السياسية، قال الفيضي لـ«الشرق الأوسط» إنه «لم يكن هناك أي حوار مع المحتل، وإن الحديث يجري الآن حول المجلس السياسي للمقاومة الذي يتفاوض مع الأميركيين».

وفيما إذا كانت هناك نوايا لتوحيد صفوف المقاومة وماهية أهدافها المعلنة، قال الفيضي: إن «أهداف المقاومة بشكل عام، إخراج المحتل وإلغاء العملية السياسية لأنها تحت كنفه، وبناء عراق موحد بتعددية سياسية مع المحافظة على الهوية العراقية، وبخصوص توحيد صفوف المقاومة فهذا لا يمكن أمنيا وسياسيا، لأن الفصائل كل تعمل منفردة أو مجتمعة أحيانا من الشمال إلى الجنوب، ولا يمكن توحيد عملها وسياساتها لأن هناك مقاومة في كل شبر من العراق».

وفيما إذا اعتبرت تنظيمات «البعث» أو «القاعدة» جزءا من هذه الفصائل، قال الفيضي: إن «البعثيين لهم قيادة الجهاد والتحرير، وهم يعملون ضمنها منفردين، أما (القاعدة) فلها أهداف كونية لا علاقة لها بالمقاومة».