الصومال: إقالة 3 جنرالات في جهاز الاستخبارات.. وترقب عملية عسكرية لتحرير الفرنسيين

طلائع قوات أفريقية تتجه إلى مقديشو.. والأمم المتحدة تتحدث عن فرار 223 ألفا

طفلة صومالية تحمل اخاها وهي تنتظر مساعدات غذائية في معسكر للنازحين قرب مقديشو أمس (رويترز)
TT

أقال الرئيس الصومالي شريف الشيخ أحمد ثلاثة مسؤولين كبارا في جهاز الاستخبارات الصومالي، في وقت تعززت فيه توقعات بقرب حدوث عملية عسكرية لتحرير الفرنسيين المخطوفين منذ الأسبوع الماضي، خصوصا بعد وصول بارجة حربية فرنسية قبالة سواحل العاصمة مقديشو.

وأكد مصدر في الحكومة الصومالية أن الرئيس أصدر مرسوما بإقالة رئيس جهاز الاستخبارات الجنرال محمد شيخ حسن، ونائبه الجنرال نور شيربو، ورئيس مصلحة الجوازات والجنسية الجنرال عبد الله غافو. ولم يكشف المصدر عن أسباب إقالة الجنرالات الثلاثة، لكن يعتقد على شكل واسع أن القرار له علاقة بحادثة اختطاف الخبيرين الأمنيين الفرنسيين، التي وقعت الأسبوع الماضي، وأحرجت الحكومة على اعتبار أن المخطوفين كانا في مهمة رسمية لتدريب عناصر من الأمن الصومالي. وذكرت مصادر أخرى أن نائب رئيس جهاز الاستخبارات كان هو الذي بادر بتقديم استقالته إلى الرئيس شيخ أحمد استباقا لقرار إقالته.

وفيما بدا أنه بمثابة استعداد للقيام بعملية عسكرية لتحرير الفرنسيين المخطوفين، قالت مصادر صومالية في مقديشو لـ«الشرق الأوسط» إن بارجة حربية فرنسية رست أول من أمس قبالة سواحل المدينة، فيما أقلعت طائرة هليكوبتر كانت على متنها باتجاه مدينة مركا التي يعتقد أن المتمردين الإسلاميين يحتجزون المخطوفين الفرنسيين بداخلها. وأوضحت المصادر أن بارجة فرنسية أخرى بالإضافة إلى بارجة أميركية مماثلة ينتظر وصولهما إلى سواحل ميناء مقديشو خلال الأيام القليلة المقبلة. وشوهت في سماء مقديشو أمس مروحيات حربية مجهولة الهوية أقلعت من البارجة.

وكان وزير الخارجية الفرنسي برنار كوشنير قد أكد أمس أن بلاده لا تستبعد تدخلا عسكريا لتحرير رهينتيها المخطوفين، وقال إن بلاده قد ترسل قوات خاصة إلى مقديشو للمساهمة في تحرير الفرنسيين اللذين يعملان لحساب المخابرات الفرنسية وكانا في مهمة لتدريب أفراد من القوات الحكومية الصومالية قبل أن يخطفهما مسلحون الثلاثاء الماضي. وأضاف: «يبدو أن الرجلين يوجدان في مكانين مختلفين ولدى جماعتين مختلفتين»، مشيرا إلى أن المعلومات التي تصل عنهما كثيرا ما تكون متناقضة ومتضاربة، وهو ما يحيط العملية بصعوبات.

وتضاربت المعلومات أمس بشأن مكان تواجد الفرنسيين، حيث قال مسؤول رفيع المستوى في الحكومة الصومالية لـ«الشرق الأوسط» إن المخطوفين لا يزالان داخل مقديشو، بعدما ترددت معلومات عن نقلهما إلى مدينة مركا خارجها. وأضاف: «الحزب الإسلامي لم يقم بتسليم الرهينة الفرنسي الثاني كما أشيع أخيرا إلى حركة الشباب التي تحتفظ بالمخطوف الأول»، لافتا إلى أن هناك جهودا حثيثة ومكثفة من قبل الحكومتين الفرنسية والصومالية. وتابع: «هناك مفاوضات تتم عبر وسطاء، شروط الخاطفين غير واضحة باستثناء أنهم يريدون فدية مالية كبيرة». ولفت إلى أن فرنسا تضغط على إريتريا باعتبارها تدعم الجماعة الخاطفة.

في هذه الأثناء وصل إلى العاصمة مقديشو أمس عشرات من الضباط العسكريين من الاتحاد الأفريقي من نيجيريا وسيراليون وجيبوتي، للتمهيد لوصول دفعة جديدة من قوات حفظ السلام الأفريقية إلى مقديشو، استجابة لقرارات الاتحاد الأفريقي المتعلقة برفع عدد قواته الموجودة في الصومال. وأفاد مصدر حكومي صومالي بأن نحو 40 ضابطا أفريقيا من نيجيريا وسيراليون وجيبوتي وصلوا علي متن طائرة خاصة تابعة للاتحاد الأفريقي قادمين من أوغندا التي تتولى قيادة قوات الاتحاد الأفريقي في الصومال حاليا. وقد عقد الضباط الأفارقة اجتماعات مع قادة قوات الاتحاد الأفريقي في مقديشو ومع المسؤولين الكبار في الحكومة الصومالية وقادة الجيش، كما قاموا بجولة ميدانية لمقرات قوات الاتحاد الأفريقي.

وكانت عدة دول أفريقية من بينها أوغندا وبوروندي ونيجيريا وبوركينا فاسو ومالاوي وجيبوتي وسيراليون، قد تعهدت بإرسال قوات إلى الصومال، لكن مشكلات تتعلق بالتمويل والإمداد وتردي الوضع الأمني أدت إلى تأجيل نشر هذه القوات. وكانت عملية زيادة قوات الاتحاد الأفريقي لحفظ السلام مطلبا أساسيا للحكومة الانتقالية التي وجهت نداء استغاثة لدول الجوار والمجتمع الدولي خوفا من وقوعها في قبضة الفصائل المتمردة.

إلى ذلك، ذكرت المفوضية العليا لشؤون اللاجئين التابعة للأمم المتحدة أن عدد الفارين من المعارك العنيفة التي تدور في مقديشو بين قوات الحكومة الصومالية والمقاتلين الإسلاميين منذ 7 مايو (أيار) الماضي ارتفع إلى أكثر من 223 ألف نازح.

وذكرت المفوضية أن نحو 22 ألف مدني فروا من ديارهم خلال الأسبوع الأخير، وهم يعيشون في الضواحي الغربية والشمالية للعاصمة حيث لا تتوافر هناك المرافق الأساسية للحياة، ولا يوجد منها إلا القليل. وعبرت المفوضية عن قلقها المتزايد إزاء تصاعد وتيرة العنف المتواصل في الصومال الذي يزيد من تردي الحالة الإنسانية للنازحين والمشردين الصوماليين. ومن جهتها ذكرت منظمة الصحة العالمية التابعة للأمم المتحدة أنه تم رصد أكثر من 43 ألف حالة إسهال في مخيمات النازحين خلال الأشهر الخمسة الماضية، وتعالج على أنها حالات اشتباه في الإصابة بالكوليرا، وأن 135 شخصا على الأقل توفوا بسبب الإسهال الحاد خلال تلك الفترة. وذكرت المنظمة أن هناك مخاوف من تفشي الكوليرا في مخيمات النازحين وعدة مناطق أخرى من جنوب ووسط الصومال، حيث إن الوضع مرشح للانفجار إذا لم يتم تقديم الدعم التمويلي اللازم.

من جهة أخرى، قال منسق الشؤون الإنسانية في الأمم المتحدة جون هولمز، إن وكالات المنظمة الدولية ستواصل تقديم مساعداتها الإنسانية إلى الصومال رغم التهديدات بإغلاق مكاتب بعض المنظمات. وقال هولمز: «نأمل في مواصلة العمليات الإنسانية في الصومال رغم كل تلك المصاعب». وأضاف هولمز أنهم علقوا نشاطاتهم في مدينة بيدوا بسبب قيام مسلحين من مقاتلي تنظيم الشباب المجاهدين بنهب مجمعين تابعين للأمم المتحدة هناك. وقال: «كان علينا بالطبع أن نوقف العمليات في بيدوا حيث هوجم المجمع وتعرض للنهب، لذا لا نستطيع الاستمرار هناك، على الأقل حتى نحضر معدات بديلة، إلا أن معنى ذلك ليس التراجع عن العمل في الصومال ووقف نشاطاتنا الإنسانية هناك بشكل نهائي، وهذه الصعوبات ليست بجديدة، حيث كانت قوافلنا المحملة بالمساعدات تتعرض للنهب، فضلا عن عمليات القتل والاختطاف والتهديد المتواصل الذي تعرض لها عمال الإغاثة في الصومال».

وذكر هولمز أنه تم الاتصال مع حركة الشباب، وقال «أجرينا بالتأكيد حوارا مع الممثلين المحليين لتنظيم الشباب في أماكن مختلفة لمحاولة تفسير ما نقوم به. سنواصل إجراء هذا الحوار في المستقبل لإقناع كل المعنيين بأنه ينبغي السماح لنا بمواصلة العمل لأن الحاجة إلى ذلك هناك هائلة وتتزايد يوما بعد آخر».

من جهتها، قالت المتحدثة باسم البرنامج الغذاء العالمي إيميليا كاسيلا إن برنامج الغذاء لا يزال يعمل في المناطق التي يسيطر عليها تنظيم الشباب علي الرغم من دخول المسلحين إلى مجمع واجد في إقليم بكول التابع للبرنامج.