بارزاني يدعو إلى القبول بنتائج الانتخابات ويشدد على إعادة المناطق «المستقطعة» من كردستان

استطلاع أولي يشير إلى تقدم «الكردستانية» في معاقل «التغيير» * إقبال لم يرق إلى مستوى 2005 * رئيس الإقليم يرتكب خرقا.. والمفوضية تتلقى عشرات الشكاوى

كردي يدلي بصوته في انتخابات كردستان بمركز انتخابي بالسليمانية أمس (تصوير: جمال بنجويني)
TT

كان الرئيس العراقي جلال طالباني أول من أدلى بصوته في إحدى محطات الاقتراع بمدينة السليمانية في الساعة الثامنة من صباح أمس، بالتوقيت المحلي، مع عقيلته هيرو إبراهيم أحمد. ورغم كثافة المقترعين للتصويت فإن الإقبال لم يرق إلى مستوى انتخابات عام 2005.

ودعا طالباني جميع المواطنين إلى المشاركة في التصويت وقال «هذا اليوم هو عيد حقيقي بالنسبة لشعب كردستان وأرجو أن يمارس الجميع حقه في الحرية والديمقراطية والذي هو من أهم الحقوق لانتخاب ممثليهم في هذه الانتخابات الحرة التي تجرى بحرية للمرة الثالثة في الإقليم»، مضيفا أن نتائج الانتخابات وبغض النظر عن طبيعتها لا شك أنها ستؤثر على بقية أرجاء العراق.

وفي التوقيت ذاته، كان نائبه السابق نوشيروان مصطفى، رئيس قائمة التغيير، أشد القوائم المنافسة للقائمة الكردستانية التي تضم الرئيس العراقي ورئيس الإقليم مسعود بارزاني، يدلي بصوته في مركز آزادي للاقتراع والقريب من مسكنه الكائن في حي آزادي وسط المدينة.

ووصف مصطفى، في تصريح مقتضب، عملية الانتخابات بـ«الحدث التاريخي في سفر شعب كردستان السياسي»، وقال «إنها خطوة باتجاه التغيير وأرجو أن تنتهي العملية بهدوء بعيدا عن العنف»، وأضاف «نحن في قائمة التغيير سنقبل بنتائج الانتخابات مهما كانت طبيعتها».

فيما وصف الدكتور برهم صالح، رئيس القائمة الكردستانية ـ الذي وقف في طابور الناخبين وصوت في الساعة العاشرة والنصف صباحا بالتوقيت المحلي بصحبة والدته، روناك رؤوف، في مركز اقتراع قريب من منزله الكائن في حي آشتي بمدينة السليمانية ـ عملية الانتخابات بأنها «عرس بهيج وغير مسبوق في تاريخ الإقليم»، وقال إن «التنافس محموم، وقد أبدى الناخب في الإقليم نضجا ووعيا كبيرين وأنا متفائل بمستقبل هذه العملية الديمقراطية وأتشرف أن أكون مساهما وممارسا لحقي كمواطن والإدلاء بصوتي لصالح مستقبل هذا الإقليم ومستقبل العملية الديمقراطية في العراق».

وفي منتجع صلاح الدين بمحافظة أربيل، أدلى مسعود بارزاني رئيس الحزب الديمقراطي الكردستاني والرئيس الحالي للإقليم بصوته. وقال في مؤتمر صحافي عقده في مركز الاقتراع أن «مسألة كركوك، قضية دستورية وينبغي أن تحل وفق الدستور العراقي الذي صوت له أغلبية الشعب العراقي»، مشددا على ضرورة حل المشكلات والخلافات القائمة مع بغداد وقال «إنها قابلة للحل كما أن استمرارها بلا حلول سيكون ذا نتائج غير محمودة».

وأضاف بارزاني «بلا شك نحن منصاعون لإرادة شعب كردستان وسنلتزم بنتائج الانتخابات مهما كانت ونهنئ من يفوز فيها».

وأكد بارزاني أن «من أولى أولوياته في الماضي والمستقبل هي تحريم وتجريم إراقة الدماء الكردية بأيد كردية وتعزيز وحدة الصف الكردي وإقامة النظام المؤسساتي والدستوري وضمان وتكريس الأمن والاستقرار في الإقليم إضافة إلى السعي لتحقيق الحقوق الدستورية الممنوحة للكرد في الدستور الاتحادي للبلاد، وفي مقدمتها إعادة المناطق المستقطعة عن إقليم كردستان».

وخاطب بارزاني الشعب العراقي قائلا «نحن إخوة وشركاء في هذا الوطن ومستعدون للدفاع والذود عن البصرة والرمادي وبغداد والنجف كما ندافع عن مدن كردستان، وفي كل الأحوال علينا أن نحتكم إلى الدستور العراقي لحلحلة الخلافات بين الإقليم وبغداد». كما أدلى نيجيرفان بارزاني، رئيس حكومة إقليم كردستان المنتهية ولايته، بصوته في مدينة أربيل بصحبة عقيلته. وقال في كلمة مقتضبة له «إن هذه الانتخابات حدث مهم جدا وتعكس إرادة شعب كردستان وستكون خطوة باتجاه حل المشاكل العالقة بين الإقليم وبغداد وينبغي القبول بنتائجها مهما كانت طبيعتها».

ويبلغ عدد الناخبين الأكراد أكثر من مليوني ناخب في إقليم كردستان، ووقف ناخبون في طوابير طويلة منذ ساعات الصباح الأولى وقبل أن تفتح محطات الاقتراع أبوابها في مدينة السليمانية وضواحيها للإدلاء بأصواتهم، في ثالث انتخابات نيابية وأول انتخابات رئاسية تجرى في الإقليم منذ عام 1992 لاختيار ممثليهم في البرلمان الكردستاني المؤلف من 111 مقعدا بينها 11 مقعدا مخصصا للقوميات والطوائف غير الكردية في الإقليم مثل التركمان والأرمن والكلدان والآشوريين ويتنافس عليها 507 مرشحين ضمن 19 كيانا وخمسة ائتلافات سياسية. وكذلك لانتخاب رئيس للإقليم من ضمن خمسة مرشحين أبرزهم بارزاني، الرئيس الحالي للإقليم، الذي تشير التوقعات إلى أنه سيحصل على معظم أصوات الناخبين. إلى ذلك، شهدت العملية الانتخابية إقبالا لم يرق إلى مستوى الإقبال في انتخابات عام 2005 لانتخاب البرلمان الكردستاني ومجالس المحافظات أو الاستفتاء على الدستور العراقي.

ولم تتجاوز نسبة الإقبال 40% حتى الساعة الواحدة من ظهر أمس، حسب التوقيت المحلي، لكنها ارتفعت وتجاوزت 60% بعد ساعات الظهيرة اللاهبة، بحسب مصدر مسؤول في المفوضية العليا. وأكد عبد الرحمن خليفة المدير العام لدائرة الاتصال الجماهيري في المفوضية العليا أنه «لا يمكن إطلاقا التنبؤ بنتائج الانتخابات قبل الفرز الأولي للأصوات، الذي سيبدأ في الساعة الثامنة من مساء اليوم (أمس) بتوقيت بغداد، لأن التصويت يتم بطريقة سرية تامة، والناخبون يدلون بأصواتهم في كبائن مغلقة ومحكمة تخلو حتى من النوافذ».

وأضاف خليفة، الذي يشرف على مراكز التصويت في السليمانية، لـ«الشرق الأوسط»، أن «المفوضية تلقت حتى الآن العشرات من الشكاوى التي رفعتها القوائم المتنافسة على خروقات حدثت هنا وهناك، وأن المفوضية تتوقع مزيدا من الشكاوى في الساعات المتبقية والأيام الثلاثة القادمة التي يحق لجميع الأطراف تقديم شكاواهم فيها».

وأكد خليفة أن عقد المؤتمرات الصحافية داخل مراكز ومحطات التصويت من قبل المسؤولين خرق واضح لتعليمات المفوضية العليا.

وكانت قوائم عديدة قد تقدمت بشكاوى ضد رئيس الإقليم بسبب عقده مؤتمرا صحافيا مطولا داخل المركز الانتخابي الذي صوت فيه بمنتجع صلاح الدين القريب من أربيل. وقال مسؤول في المفوضية إنه سيتم فرض عقوبات على القائمة الكردستانية «ما لم يتم تقديم اعتذار رسمي فإنه سيتم فرض عقوبات على القائمة».

ورغم التدقيق والمتابعة التي اتبعتها المفوضية العليا في ترتيب أسماء الناخبين فإن المئات منهم حرموا من التصويت في الكثير من مناطق إقليم كردستان بسبب عدم ورود أسمائهم في سجلات الناخبين لأسباب فنية بحتة أو بسبب أخطاء في توزيع الناخبين على مراكز الاقتراع، لذلك قررت المفوضية تمديد فترة التصويت لساعة واحدة. وبحسب استطلاع أولي للناخبين في مركز انتخابي بالسليمانية، فقد تقدمت القائمة الكردستانية، بزعامة الحزبين الرئيسيين، على منافستها الرئيسية، قائمة التغيير، برئاسة نوشيروان مصطفى، كما ذكر مراقبون أن «الكردستانية» تقدمت في ضواحي السليمانية ومناطق كرميان، التي تعتبر معقل حركة التغيير.

لقطات

* أدلى الرئيس العراقي جلال طالباني بصوته في الانتخابات بصحبة عقيلته هيرو أحمد، كما اصطحب رئيس حكومة الإقليم، نيجيرفان بارزاني عقيلته إلى المركز الانتخابي، وكذلك، نوشيروان مصطفى رئيس قائمة التغيير مع عقيلته شعلة علي. بينما حضر برهم صالح، نائب رئيس الوزراء العراقي بصحبة والدته، فيما حضر رئيس الإقليم مسعود بارزاني بمفرده.

* قال حسين كرمياني، أحد المرشحين لرئاسة الإقليم، إنه سار بصحبة زوجته مسافة 5 كيلومترات إلى المركز الانتخابي للإدلاء بصوته، لأنه قدم طلبا متأخرا للحصول على تصريح لاستخدام سيارته الخاصة أسوة ببقية المرشحين والكيانات السياسية.

* وقف نائب رئيس الوزراء العراقي ورئيس القائمة الكردستانية برهم صالح في طابور بانتظار الإدلاء بصوته أسوة ببقية الناخبين.

* تفقد نائب الرئيس العراقي عادل عبد المهدي عددا من المراكز الانتخابية في السليمانية واطلع عن كثب على سير عملية الاقتراع واختبر بنفسه الحبر المستخدم فيها.

* رفع حظر التجوال على السيارات في مدينتي أربيل والسليمانية قبيل انتهاء موعد إغلاق صناديق الاقتراع وذلك لتسهيل وصول الناخبين إلى المراكز الانتخابية.