تجميد قرار إسرائيلي بطرد نحو 3000 طفل أجنبي من اللاجئين السودانيين والإريتريين

من أصل 300 ألف أجنبي بعضهم حضروا إليها بشكل شرعي

TT

أمام موجة الاستنكار الشعبية الواسعة، التي انضم إليها رئيس الدولة وعدد من الوزراء، اضطر وزير الداخلية الإسرائيلي، إيلي يشاي، إلى تجميد قراره بطرد مجموعات من اللاجئين الأجانب، بمن فيهم نحو 3000 طفل من ذريتهم، ولدوا في إسرائيل خلال السنوات الأخيرة.

وتقرر وبشكل مؤقت، وقف عمليات الترحيل للاجئين، الذين يوجد لهم أطفال ولدوا في إسرائيل، على أن تبحث الحكومة ولجانها الأمنية والسياسية هذه القضية، وتتخذ بشأنها قرارات مدروسة. المعروف أن في إسرائيل نحو 300 ألف أجنبي، عدد منهم حضروا إليها بشكل شرعي كعمال أجانب، وانتهت فترة تصاريحهم الرسمية وأصبحوا ساكنين غير شرعيين، أو أنهم تسللوا إلى إسرائيل بشكل غير شرعي. غالبية هؤلاء قادمون من دول آسيا القصوى (الصين والفلبين وتايلاند والهند وسريلانكا وغيرها)، وعدد من أوروبا الشرقية ومن أفريقيا. ويبرز بين الأفارقة نحو 20 ألف لأجئ من السودان «في البداية قدموا من منطقة دارفور، وطلبوا حق اللجوء السياسي، ثم قدمت مجموعات أخرى من مناطق سودانية أخرى» ومن إريتريا. وحسب قانون الجنسية الإسرائيلي، لا يحق لأي من هؤلاء الحصول على جنسية إسرائيلية، باعتبار أن إسرائيل تمنح الجنسية لمواطنين في الخارج فقط إذا كانوا يهودا. ولكن يحق لوزير المالية أن يمنح الجنسية أو الإقامة الدائمة في إسرائيل لمواطن أجنبي، في حالة موافقة السلطات الأمنية (المخابرات). ومنذ تولي إيلي يشاي، رئيس حزب «شاس» لليهود الشرقيين المتدينين، وزارة الداخلية، وهو يسعى للتخلص من أكبر قدر من هؤلاء اللاجئين، خصوصا العرب منهم. ومع أنه يفعل ذلك في الظاهر لدوافع «يهودية وطنية»، إلا أن مصادر سياسية في إسرائيل تتهمه بدوافع اقتصادية. وتقول إن المستفيد الوحيد من قراراته هي الشركات العاملة في استيراد العمال الأجانب، حيث إن هناك قرارا بإحضار 20 ألف عامل أجنبي جديد إلى إسرائيل. وكل واحد من هؤلاء العمال يدفع 8000 دولار أميركي، ما يعني أن هناك صفقة ضخمة بقيمة 160 مليون دولار.

وقد قرر يشاي في حينه، إبعاد هؤلاء العمال الأجانب عن مركز البلاد ونقلهم للعيش والعمل (إذا وجد عمل) في المناطق الريفية شمالي مدينة الخضيرة وجنوبي مدينة جديرا. وأثار قراره هذا معارضة شديدة وواسعة، أولا من سكان الريف، الذين اعتبروا العمال الأجانب مصدر ضيق لهم. ثم من منظمات حقوق الإنسان، التي تطالب بالتعامل معهم بمساواة. وعندما أعلن يشاي عن حملة لطرد هؤلاء خارج البلاد، تجندت أوساط واسعة لمنع الطرد، خصوصا فيما يتعلق بالأولاد والأطفال الذين كانوا قد ولدوا في إسرائيل ولا يعرفون بلادا أخرى.

وتجند رئيس الدولة، شيمعون بيريس، إلى هذه الحملة وبعث، أمس، برسالة غاضبة إلى يشاي يطالبه فيها بإيجاد وسيلة أخرى لمعالجة هذه المشكلة تكون أكثر إنسانية. وكتب قائلا: «لا يعقل لشعب تعرض للتنكيل والعسف مثل شعبنا اليهودي أن يقوم بالتنكيل بأطفال كهؤلاء. فأنا أعرف بعضهم، التقيتهم في مناسبات كثيرة. سمعت لغتهم العبرية الطليقة. أخبروني بأنهم معنيون بالتجنيد للخدمة العسكرية في الجيش الإسرائيلي. فكيف يمكن أن نطرد أناسا مثلهم؟». وقالت مصادر مقربة من يشاي، إن رسالة بيريس أغضبته. وأنه سمع يقول: «حضرته (أي بيريس) طرد مئات ألوف الفلسطينيين وقتل عشرات الألوف منهم، والآن يعمل من نفسه مدافعا عن هؤلاء السودانيين؟».