جواسيس غربيون يحاولون التغلب على فجوة خبرات الأجيال

الرهان على جيل الشباب «الرقمي»

TT

باتت مجموعة متنامية من المجندين الشباب ممن يتميزون بمهارات فائقة بمجال الشبكة العنكبوتية وأساليب فكرية متميزة اكتسبوها من خلال تفاعلهم معها بمثابة اختبار لقدرة وكالات التجسس الغربية على اختبار فجوة خبرات الأجيال بهذا المجال، وذلك في إطار محاولاتها التكيف مع التحول الذي طرأ على طبيعة التهديد الإرهابي.

وقال تقرير لـ«رويترز» إنه حال اندماج المجموعة الجديدة بصورة ملائمة مع رفاقهم الأكبر سنا، فإن «الجيل الرقمي» الجديد المؤلف من قرابة 20 جاسوسا ومحللا سيعزز معرفة وكالات التجسس الغربية بالجماعات المسلحة النشطة على نحو متنام على شبكة الإنترنت وعبر الحدود، حسبما قال الخبير الأمني كيفين أوبريان.

الملاحظ أن تحسين مستوى أداء الوكالات الاستخباراتية شكل أولوية أولى أمام الغرب منذ هجمات 11 سبتمبر (أيلول) 2001 وغزو العراق عام 2003، وهما حدثان يجري النظر إليهما على نطاق واسع باعتبارهما ينطويان على إخفاقات بمجالات جمع المعلومات والتنسيق والتحليل. جدير بالذكر أن العديد من الوكالات الاستخباراتية الغربية شهدت توسعا منذ 11 سبتمبر (أيلول) 2001، بهدف جعل قوة العمل بها أكثر شبابا وتنوعا، وأكبر مهارة في معرفة اللغات ومهارات الحاسب الآلي، بما يجعلها قادرة على التقييم والتحرك بسرعة بناء على تدفق متنام من المعلومات التي يأتي الكثير منها من مصادر معلنة. من ناحيته، يرى أوبريان، الذي يعمل مستشارا لعدد من الحكومات حول قضايا الأمن والاستخبارات، أن نجاح تجربة الاستعانة بأبناء الجيل الجديد من مواليد الثمانينات وأوائل التسعينات يعتمد على تناول الفجوة القائمة بين الأجيال على صعيد الاستخبارات، مثلما الحال على الأصعدة الأخرى. وأضاف «هذا الأمر قائم بالتأكيد. إنه قضية مهمة»، في إشارة إلى المصاعب التي تنشأ من وقت لآخر فيما يتعلق بمجال خبرات الحاسب الآلي، والفجوة القائمة بين أساليب تفكير جيلي الضباط الأقدم سنا والمجندين الشباب.

وأشار إلى أن جهود التدريب والمنتديات التي يتم عقدها على شبكة الإنترنت تساعد في تحقيق انسجام بين المهارات المختلفة للجيلين، «لكن سيبقى دوما هناك أفراد من كلا الجيلين لا تشعر تجاههم بارتياح فحسب، ويفتقرون إلى القدرة على تفهم ما يقوله الآخر». وقال أوبريان: «هناك حاجة واضحة لضمان تفهم الجيل الأكبر سنا وانسجامه مع وسائل الإعلام الجديدة، مثلما الحال مع أقرانهم الأصغر سنا، وهو أمر ينبغي العمل على ضمانه عبر خطط التنمية المهنية المستمرة داخل الوكالات».

من وجهة نظر بعض المراقبين، باتت الفجوة بين الأجيال واضحة على نحو مثير للحرج، عندما نشرت زوجة أحد المرشحين لرئاسة وكالة الاستخبارات البريطانية صورا غير مؤمنة لزوجها وأفراد الأسرة والأصدقاء على موقع «فيس بوك»، مما أثار صدمة الخبراء الأمنيين وأثار دعاوى لإجراء تحقيق حول الأمر. الواضح أن مجال التجسس يعاني من فجوة بين الأجيال بالحدة نفسها التي عليها الحال بجميع المجالات المهنية الأخرى، حيث يتوقع الجواسيس الأكبر سنا العمل لدى وكالة الاستخبارات لعقود، علاوة على اعتيادهم العمل في ظل هيكل هرمي ويستشيطون غضبا حال وقوع إخفاقات بمجال تكنولوجيا المعلومات. أما العملاء الأصغر سنا فيبدون انبهارا أقل بالرتب، واعتيادا أكثر على العمل التعاوني، علاوة على أنهم أكثر صبرا في التعامل مع تعطل البرامج ولا يتوقعون الاستمرار في وظيفتهم مدى الحياة.

وتتكشف الفجوة كذلك في اختلاف القدرات على التعامل مع مهام محددة، مثل تشغيل جهاز يرتبط بتكنولوجيا المعلومات أو التفكير على نحو نقدي. وفي إطار مقال وضعه عام 2008 لحساب «المركز الدولي لدراسة التحول إلى الراديكالية والعنف السياسي»، ومقره لندن، أعرب أوبريان عن اعتقاده أن مشاركة قوة العمل الشابة من أبناء الثمانينات ومطلع التسعينات يمكن أن تشكل التحدي الأكبر أمام وكالات الاستخبارات. واستطرد أن أسلوب استيعاب هذا الجيل ومعالجته للمعلومات من المحتمل أن يسلط الضوء على «اختلافات خطيرة بين الأجيال وتباينات بين المنظور الإدراكي للمدراء والمحللين». وأضاف أوبريان أن قصر مدة انتباه وتركيز الجيل الأصغر تعد «محل قلق»، لكن هذا الأمر يمكن علاجه بالتدريب والمراقبة. وقال: «ربما يبدو الأمر أشبه بشأن إداري، لكن عندما تصارع في مواجهة مشكلات استخباراتية معقدة تنطوي على احتمالية إفراز نتائج تتعلق بالأمن العام أو فقدان أرواح، يتضح أن هذا الأمر يحمل دلالات أخطر مما يمكن تخيله».