ولاية ثانية للرجل الذي قال: برنامجنا النووي بلا فرامل

يتولى مهامه رسميا غدا.. والحوار مع أميركا والاقتصاد على رأس أولوياته

TT

عندما يقسم الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد غدا اليمين الدستورية لولاية رئاسية جديدة من 4 سنوات، فإن الكثيرين في الغرب سيكونون قلقين مما يمكن أن يحدث في علاقات الغرب مع إيران. فالرئيس الإيراني يحمل مشاعر استياء من الدول الغربية بسبب انتقاداها لطريقة معاملة المتظاهرين في الشارع الإيراني. وقد تعهد نجاد بأن يكون أكثر تشددا حيال الغرب خلال ولايته الثانية، مشددا على أنه لا تنازل عن حقوق إيران النووية وأنه لا وقف لتخصيب اليورانيوم.

ويقدم الرئيس الإيراني نفسه على أنه مدافع عن الفقراء والقيم الإسلامية لكن الغرب يعتبره مصدر تهديد بسبب خطابه العدائي. وسيتولى أحمدي نجاد مهامه الرسمية غدا لولاية جديدة وسط مقاطعة النخبة الإصلاحية في إيران. وقد أغرق إعلان فوزه في الانتخابات البلاد في أخطر أزمة سياسية منذ إعلان الجمهورية الإسلامية في 1979، إذ جرت تظاهرات هائلة لأنصار مرشحين هُزموا في الاقتراع وتحدثوا عن تزوير انتخابي. وقالت السلطات إن نحو ثلاثين شخصا قُتلوا في هذه التظاهرات. ونددت الدول الغربية بالقمع ضد المتظاهرين، مما يجعل علاقاتها مع الحكومة الجديدة تبدأ على أرضية رخوة. ويزيد الأمور تعقيدا أن إدارة باراك أوباما قلقة من أن تطور إيران سلاحا نوويا في ظل غياب رقابة وكالة الطاقة الذرية على عمليات تخصيب اليورانيوم في إيران. وأحمدي نجاد الذي شبه البرنامج النووي الإيراني بـ«قطار بلا فرامل ولا يمكن العودة به إلى الوراء»، يجسد رفض النظام الإيراني لتعليق هذا البرنامج على الرغم من الضغوط الدولية. كما أثار نجاد استياء الغرب عندما أطلق تصريحاته الشهيرة التي طالب فيها بـ«شطب إسرائيل من الخارطة» معتبرا أن محرقة اليهود مجرد «خرافة». أما على الصعيد الاقتصادي فقد انتقد الكثير من الاقتصاديين سياسته الاقتصادية التي تتسم بالهدر وبإعادة توزيع كثيفة للعائدات النفطية متسببة في وصول التضخم إلى 23% دون أن تؤدي مع ذلك إلى خفض معدل البطالة والفقر.

وُلد أحمدي نجاد لأب يعمل حدادا في 28 أكتوبر (تشرين الأول) 1956 في قرية أرادان الفقيرة الواقعة على بعد تسعين كلم جنوب شرق العاصمة. وقد نشأ في طهران وحاز شهادة دكتوراه في إدارة وسائل المواصلات في المدن. وعند قيام الثورة الإسلامية في 1979، انضم مع غيره من الطلاب الإسلاميين إلى صفوفها قبل أن ينتسب إلى الحرس الثوري، الجيش العقَدِي للنظام. وقد تولى في ما بعد أول منصب سياسي شغله في حياته إذ عُين حاكما لمحافظة أردبيل شمال غربي إيران. وفي 2003 دخل معترك الحياة السياسية الإيرانية من أوسع أبوابه مع توليه رئاسة بلدية طهران، المنصب الذي ساعده لاحقا في الوصول إلى سدة الرئاسة في يونيو (حزيران) 2005.

وخلال حملته للفوز بولاية رئاسية ثانية، حرص على إبراز صورته كرجل من الشعب. وقد أكد في إحدى مناظراته التلفزيونية الأخيرة إنه يعيش فقط من مرتبه كأستاذ. ويثير أسلوبه الشعبوي الإعجاب وتحديدا في الأوساط الشعبية في المدن والقرى. ويأخذ عليه خصومه خطابه العدواني ويعتبرونه رجلا لا يمكن التنبؤ بمواقفه، بينما يرى فيه مؤيدوه «نصيرا للفقراء». وفي ولايته الرئاسية الأولى، اعتمد أحمدي نجاد أسلوبا جديدا في الحكم. فقد جمع مجلس وزرائه كل أسبوعين أو ثلاثة أسابيع في مدن مختلف المحافظات حتى «يتعرف بشكل أفضل على المشكلات اليومية للشعب»، على حد قوله. وقد تلقى على مدى أربع سنوات عشرين مليون رسالة وشكّل مكتبا خاصا يتولى الرد على كل منها حرصا منه على الاحتفاظ بقاعدته الانتخابية الشعبية.

ومع إعادة انتخابه بحصوله على 62% من الأصوات وفقا للنتائج النهائية التي أعلنتها وزارة الداخلية، بقي أحمدي نجاد الذي يحظى بدعم من المرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية آية الله علي خامنئي، صاحب القرار بشأن عرض الحوار الذي تقدم به الرئيس الأميركي باراك أوباما. وكان أوباما قرر «مد يده» إلى القادة الإيرانيين. ولم يستبعد أحمدي نجاد أن تتجاوب طهران مع هذه البادرة لكنه طلب من واشنطن أن تغير سياستها «عمليا». وسيكون الوضع الاقتصادي في إيران والحوار مع أميركا على رأس جدول أعمال أحمدي نجاد الذي يريد أن يقلل من حجم انتقادات المحافظين المعتدلين والإصلاحيين ضده باتخاذ سياسات براغماتية تحسن أوضاع بلاده وتخفف التوترات بينها وبين الغرب.