وزير خارجية إسبانيا يدعو في أصيلة إلى التخلي عن التصنيفات التقليدية التي تقسم العالم

رئيس البرلمان البيروفي: العلاقات بين أميركا الجنوبية وأفريقيا ضعيفة.. ونافذتنا لا تطل إلا على قارتنا

ميغيل أنخيل موراتينوس، وزير خارجية إسبانيا، يتوسط خايمي غاما، رئيس البرلمان البرتغالي، وزينب هوا بنغورا، وزيرة خارجية سيراليون، وبدا محمد بن عيسى، أمين عام مؤسسة منتدى أصيلة على يمين الصورة (تصوير: أسامة محمد)
TT

دعا ميغيل أنخيل موراتينوس، وزير خارجية إسبانيا، إلى التخلي عن التصنيفات التقليدية التي تقسم العالم إلى شمال وجنوب وشرق وغرب. وقال موراتينوس، الذي كان يتحدث مساء أول من أمس في الجلسة الثانية من ندوة «التعاون العربي الأفريقي الإيبيرولاتينوأميركي: الحكومات والمجتمع المدني»، أولى ندوات موسم أصيلة الحادي والثلاثين، إنه يلزم «أن تكون لنا نظرة جديدة إزاء ذلك انطلاقا من القيم الجديدة للحكامة والحكم الرشيد والمساواة، ذلك أن مفهوم الشمال تغير عما كان عليه قبل القرن الحالي»، قبل أن يضيف أن الشمال ذاته تخلى من جانبه عن مركب القوة، واستوعب أن عليه مواكبة الحركية الجدية، ويسعى من أجل إقرار التوازن بين مختلف القوى في العالم.

وأدار موراتينوس الجلسة، حيث أخذت المداخلات والنقاش من الوقت أكثر من ثلاث ساعات، ألقي خلالها 12 عرضا، لم يتبعها نقاش، مما جعل الجلسة تتسم بالهدوء في تناول الإشكالات المثارة، إذ حرص أغلب المتدخلين على إبراز وجهات نظرهم، سواء كانوا ممثلين لحكومات بلادهم أو معبرين عن حساسيات فكرية وأكاديمية، أو يعكسون مواقف أحد أضلاع الندوة، أي المجتمع المدني.

ومن جهته استعرض لويس بوصادا، رئيس البرلمان في دولة البيرو، الجهود التي بذلتها بلاده في السنوات الأخيرة، وخصوصا في المجال الاقتصادي وجلب الاستثمارات الخارجية، مما أدى إلى عقد اتفاقيات تجارية بين بلاده ومجموعة من الدول، بينها الصين الشعبية والهند والاتحاد الأوروبي. وبموازاة ذلك، يقول بوصادا إن بلاده صممت على تعميق الاختيار الديمقراطي، وتبني سياسة عدم التدخل والوحدة والسلام.

ولاحظ بوصادا أن العلاقات بين أميركا الجنوبية وأفريقيا ضعيفة، لأن «نافذتنا لا تطل إلا على قارتنا»، مضيفا أنه إذا كان الاتحاد الأوروبي يضم نحو 30 دولة، ومجلس وزراء وبرلمانا، فإن التكامل بين دول أميركا الجنوبية يشكل ضربا من الكمال، مشيرا إلى أن المنظمات القائمة في أميركا الجنوبية يوجد بينها تضارب في الأهداف، وعدم انسجام بخصوص وسائل العمل.

ودعا مختار أووان، وزير خارجية دولة مالي، إلى تنسيق السياسات الأفريقية المشتركة ودعم التعاون الإقليمي لمواجهة تحديات البيئة والهجرة والأوبئة، متمنيا أن تكون بلاده ضيف إحدى دورات موسم أصيلة الثقافي.

وأعربت زينب هوا بنغورا، وزيرة خارجية سيراليون، عن أسفها لكون أفريقيا توجد في آخر الصف مع أنها قارة غنية وثرية لم تستغل ثرواتها بشكل كافٍ. وشددت هوا بنغورا على أن تعي أفريقيا إمكاناتها في مجال التعاون جنوب ـ جنوب، مبرزة أن بلادها رغم الصعاب التي عرفتها تحاول أن تحذو حذو البرازيل وجنوب أفريقيا اللتين نجحتا، من وجهة نظرها، في التعامل مع الأزمات وتطوير اقتصادهما.

وسار ممثل دولة رأس الأخضر على نفس نهج وزيرة خارجية سيراليون، إذ قال إنه على الرغم من أن بلاده هي الأصغر مساحة، فإنها حسنت على مدى 35 سنة ظروفها الاقتصادية، مسجلا أن الحوار القديم ضمن إطار مجموعة 77، على سبيل المثال، لم يثمر عن النتائج التي تمنتها بلاده، لأنه ببساطة تعاون اعتمد على الغير وليس على أساس الشراكة المتوازنة، مما يعني أن العلاقات ظلت على النمط الاستعماري، لكنه مقتنع أن أوروبا ستضطر إلى ربط علاقات مع دول الجنوب في غضون القرن الحالي، مشددا على أهمية الرؤية المتماسكة على اعتبار أن التنمية لا تعني المال والنقد فقط. ومن جهته اقترح أحمد ماهر، وزير الخارجية المصري السابق، عقد ما أسماه «قمما مدنية إقليمية»، تجنبا للخلط الذي يقع أحيانا بين الحكومات والشعوب، على أن تتولى تلك القمم التي اقترح أن يشارك فيها ممثلو المجتمع المدني، في توجيه الحكومات وتحفيزها على اتخاذ مواقف جدية.

وفي سياق الحديث عن التعاون بين أفريقيا وأوروبا، طلب رئيس الجلسة من مساعده في وزارة الخارجية الإسبانية أن يقدم توضيحات بخصوص سياسة الاتحاد الأوروبي حيال القارة الأفريقية، لكنه اكتفى بالحديث عن الخطة الاستراتيجية التي اعتمدتها بلاده في مجال التعاون مع الخارج، مبرزا أن حكومة بلاده قامت بتشخيص مشكلات علاقة إسبانيا مع الخارج وأهمية التفاهم الإقليمي في هذا المجال الذي يعتبره مدخلا لمواجهة كافة التحديات.

وأبرز رفايل طوجو، مستشار رئيس كينيا، من جهته، أهمية تشخيص العناصر المكونة للتعاون والمبادلات العمودية بين دول الجنوب، ملاحظا أن الحكومات تحسن إقامة العلاقات الرسمية مع أن الهدف هو الإنسان، سواء بالنسبة إليها أو إلى المجتمع المدني.

وركز يوسف العمراني، وكيل وزارة الخارجية المغربية، تدخله على كون الساحات المحلية زاخرة بالثروات التي يمكن الاستفادة منها، مقرا بوجود مشكلات، داعيا إلى اعتماد ما أسماه «الشراكة الأفقية» بين الدول والتوافق في الآراء في أفق الفائدة المشتركة. وختمت الجلسة بالعرض المختصر الذي شارك به نور الدين عيوش، الفاعل المغربي في المجتمع المدني، الذي اعترف بالفضل للفترة التي قضاها في إحدى دول الجنوب الفقيرة جدا، بنغلاديش، ومنها استوحى مشروعه لإحداث مؤسسة مختصة في منح القروض الصغرى بالمغرب، متأثرا في ذلك بأفكار الاقتصادي محمود يونس، الحاصل على جائزة نوبل.