مؤتمر فتح يدعو للتحقيق في وفاة عرفات.. واقتراح بحل أزمة مشاركة غزة «عبر التعيين»

قيادة الحركة في القطاع تهدد بإجراءات.. وفتح باب الترشح لعضوية «المركزية» و«الثوري»

أعضاء في فتح يشاركون في أعمال المؤتمر السادس للحركة في بيت لحم أمس (أ.ف.ب)
TT

بعد يوم من المشاحنات والمناكفات السياسية والصدامات الكلامية وحتى الاعتداءات الجسدية، استأنف مؤتمر حركة فتح أعماله أمس، لليوم الثالث، باتخاذ أول قرار سياسي حظي بإجماع جميع المؤتمرين. فقد أقر المؤتمر المنعقد في مدينة بيت لحم جنوب الضفة الغربية، والمتوقع أن يستمر حتى يوم غد السبت وربما الأحد، أن تستمر اللجنة المركزية الجديدة للحركة في التحقيق في أسباب وفاة الرئيس الفلسطيني زعيم الحركة ياسر عرفات، الذي انعقد هذا المؤتمر في عيد مولده الثمانين. ودعا المؤتمر حسب ما نقلته مصادر من داخل المؤتمر لـ«الشرق الأوسط» اللجنة المركزية الجديدة إلى السعي لتشكيل لجنة تحقيق دولية في أسباب الوفاة التي يشك غالبية الفلسطينيين في أن تكون وفاة طبيعية.

ويأتي هذا القرار حسب مصادر في فتح ردا على اتهامات فاروق القدومي (أبو اللطف) أمين سر الحركة قبل بضعة أسابيع، للرئيس محمود عباس (أبو مازن) ومحمد دحلان وزير الدولة للشؤون الداخلية في أول حكومة يترأسها أبو مازن في عهد عرفات، بالتنسيق مع رئيس الوزراء الإسرائيلي الأسبق في التخطيط لتصفية عرفات، وهي اتهامات وصفها أبو مازن بالسخيفة التي لا تستحق حتى الرد عليها.

وشكل المؤتمر لجنة انتخابات من 15 عضوا من غير المرشحين لعضوية المجلس الثوري للحركة ولجنتها المركزية. وتم فتح باب الترشيح في الجلسة المسائية، على أن يُغلق في جلسة اليوم وذلك لكثرة المرشحين. ويتوقع أن تُجرى عملية الانتخاب غدا في حال سارت الأمور من دون مشاكل وتعقيدات كما في الأيام السابقة.

ويبلغ عدد أعضاء اللجنة المركزية الحاليين 21 عضوا، وهناك اقتراح برفع العدد إلى 23 وربما 25. أما المجلس الثوري الذي يعتبر السلطة الثانية بعد المؤتمر العام فيبلغ عدد أعضائه 120 عضوا، وثمة اقتراح برفعه إلى 150.

ومن الأسماء المعروفة التي تنوي ترشيح نفسها إلى عضوية اللجنة المركزية التي يتوقع أن يزيد عدد المرشحين إليها على 100، أبو مازن ومحمد غنيم (أبو ماهر)، وهما من القيادات التاريخية للحركة، وأحمد قريع (أبو علاء) والطيب عبد الرحيم، وجميعهم أعضاء حاليون في اللجنة، وعزام الأحمد رئيس كتلة فتح البرلمانية، وهو عضو مراقب في اللجنة، وصائب عريقات رئيس دائرة المفاوضات في منظمة التحرير الفلسطينية، وناصر القدوة وزير الخارجية الأسبق وابن شقيقة عرفات، وتوفيق الطيراوي مدير المخابرات العامة السابق، وعثمان أبو غربية عضو المجلس الثوري، ومحمد دحلان مدير الأمن الوقائي الأسبق في غزة، وجبريل الرجوب مدير الأمن الوقائي الأسبق في الضفة الغربية رئيس اتحاد كرة القدم الفلسطيني الحالي، وحسام خضر النائب السابق في المجلس التشريعي الذي أفرجت عنه إسرائيل في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي بعد فترة اعتقال ثانية استمرت 6 سنوات، والنائب الأسير مروان البرغوثي. وحتى يوم أمس لم يتمكن المؤتمر من حل قضية مشاركة أعضاء الحركة من قطاع غزة. وقد تفجر النقاش حول مشاركة أبناء الحركة من القطاع من دون نتيجة، في الجلسة الصباحية، وكان مفترضا أن يستأنف النقاش بشأن القضية في الجلسة المسائية، باقتراحات تقدمها اللجنة المركزية لفتح. إلا أن قيادة فتح في غزة تجد نفسها غير ملزمة بما يقرره المؤتمر، وقد هددت باتخاذ إجراءات صعبة إذا تقرر إهمال طلبها بتأجيل انتخاب «حصة» غزة في اللجنة المركزية والمجلس الثوري. وتطالب قيادة الحركة في غزة بعقد مؤتمر تكميلي لانتخاب أعضاء المجلس الثوري والمركزية، كما تطالب بالاحتفاظ «بحصتها» في اللجنة المركزية، وتريد 6 مقاعد، وفي المجلس الثوري تريد 30 مقعدا. وعلى الرغم من أن الناطق الرسمي باسم فتح أحمد عبد الرحمن أعلن رفض المؤتمر عقد مؤتمر تكميلي لانتخاب قيادة الحركة من قطاع غزة، فإن مصادر فتح قالت لـ«الشرق الأوسط» إن المؤتمر لم يقرر بعد، والمسألة صعبة للغاية. وقال عبد الرحمن في بيت لحم إن العمل يجري لإيجاد صيغة يتم خلالها تمثيل قطاع غزة في المؤتمر العام إثر منع حركة حماس «سفر أعضاء القطاع للمشاركة في المؤتمر». وأضاف: «المؤتمر سيد نفسه، وهناك انتخابات ديمقراطية، وغزة لن تغيب عنها وليست مستثناة، لكن يجب مراعاة التوازن الضمني في أي قائمة تقدم للمؤتمر العام بحيث تكون مرضية لكوادر الحركة سواء في غزة أو الضفة». وأكد عبد الرحمن أن مطلب عقد مؤتمر استكمالي خاص بقطاع غزة «رُفض»، مضيفا أن «هذا المؤتمر مركزي لحركة فتح وينتخب قيادة مركزية للحركة، وهي تمثل كل حركة فتح أينما وجدت».

وأكد على هذا التوجه نبيل عمرو، الناطق الإعلامي باسم المؤتمر، الذي قال في مؤتمر صحافي إن فتح كلها ستترشح، وفتح كلها ستنتخب، مشددا على أنه «لا مجال ولا يجب أن يكون هناك تغيير في عملية الترشيح والانتخابات». وأضاف «الكوتة ودعت إلى غير رجعة» ورفضت قيادة فتح في القطاع أن يترك للمؤتمر تحديد آلية انتخاب وترشيح أعضاء غزة، وقال فيصل أبو شهلا، عضو المجلس التشريعي عن فتح، إن «أهل غزة ادرى بشعابها». وتساءل أبو شهلا: «كيف سننتخب وسنترشح ومتى، إذا كان سيتم الترشح اليوم (أمس)؟ متى سيتم ترتيب ذلك، عن طريق الهاتف والإيميل؟! هذا ينتهك السرية والشفافية، وغير عملي أبدا». وأضاف: «هل سننتظر حتى نقرر أسماء مرشحي غزة؟ هل سيقرأون لي أسماء 700 مرشح للمركزية والثوري من أجل اختيار عدد منهم؟ كم سيستغرق ذلك، وما هي الضمانات بعدم التلاعب؟». وقال أبو شهلا أيضا «إن أبناء غزة يشعرون بأن من حقهم أن يؤخذ ظرفهم الاستثنائي بعين الاعتبار». وتابع: «نحن لسنا مسؤولين عن هذه الأزمة، بل قيادة الحركة، وهم قالوا إنه من دون غزة لا يوجد مؤتمر، فإذا لم يستجيبوا لطلبنا الآن بعقد انتخابات تكميلية، فلا داعي للمؤتمر».

وقالت مصادر مطلعة لـ«الشرق الأوسط» إن اللجنة المركزية لفتح اقترحت أنه في حال لم تستطع غزة المشاركة عبر آليات الاتصال المختلفة، فإنه سيكون للمركزية الحق في اختيار أعضاء غزة تعيينا، إضافة إلى من يمكن انتخابهم من غزة في المؤتمر، بما يضمن حصول غزة على الثلث في اللجنة المركزية والمجلس الثوري.

ومن جهته، أكد عضو الهيئة القيادية العليا لحركة فتح في قطاع غزة إبراهيم أبو النجا، أن تحديد آلية انتخاب وترشيح أعضاء غزة في اللجنة المركزية والمجلس الثوري لحركة فتح ستتم من خلال التعاون مع مصر وهيئة العمل الوطني.

وأكد أبو النجا في بيان مكتوب أن المقاعد المخصصة لغزة ستبقى شاغرة في اللجنة المركزية والمجلس الثوري، مشيرا إلى أنه سيتم الحديث مع المصريين والفصائل في غزة للخروج بصيغة مضمونة لاستكمال العملية الديمقراطية التي بدأت في بيت لحم.

من ناحيته نفى الدكتور محمود الزهار عضو المكتب السياسي لحركة حماس أن يكون قد أدلى بأي تصريحات تدل على تدخل حركته في أعمال المؤتمر السادس لحركة فتح. وقال الزهار في تصريحات صحافية أمس إن منع حماس أعضاء فتح في غزة من المشاركة في المؤتمر لم يكن من أجل فوز شخص أو منع فوز شخص آخر. وكانت تقارير نسبت إلى الزهار قوله إن حماس رفضت السماح بمشاركة أعضاء حركة فتح في قطاع غزة في المؤتمر العام للحركة في بيت لحم، من أجل عدم تعزيز فرص النائب محمد دحلان في الفوز بمقعد في اللجنة المركزية للحركة.