توتر دبلوماسي مغربي ـ نرويجي بسبب طفلي الأولمبي خالد السكاح

البطل الأولمبي يتهم السفير باختطاف الطفلين والسفارة تؤكد أنهما هربا من والدهما

السكاح يعترض على سؤال من طرف أحد المراسلين الأوروبيين خلال ندوته الصحافية في الرباط (تصوير: عبد اللطيف الصيباري)
TT

قال خالد السكاح، البطل الاولمبي المغربي السابق، إنه سيقاضي سفير النرويج في الرباط أمام محاكم دولية، بتهمة اختطاف طفليه طارق وسلمى (13 و16 سنة) قبل أسبوعين من شقته في الرباط. وكان السفير بجورن ولاف بلوكس نفى في وقت سابق أن يكون «خرق مهامه الدبلوماسية» عندما ساعد في خروج ابني السكاح من البلاد، بيد أن الخارجية المغربية التي استدعت السفير قالت إن ما قام به يخالف الأعراف الدبلوماسية، وهو ما أدى إلى توتر في علاقات البلدين. وقالت السلطات النرويجية أن طفلي السكاح هربا من منزلهما في الرباط ولجآ إلى منزل السفير في العاصمة المغربية بسبب سوء معاملتهما من طرف والدهما، الذي دحض الليلة قبل الماضية في ندوة صحافية هذه المزاعم، وقال إن لا أساس لها من الصحة. وقال السكاح إن السفير النرويجي «ارتكب جملة مخالفات قانونية ولا أخلاقية وانتهك الأعراف الدبلوماسية وقام بتدبير عملية تشبه تصرفات المافيا لتهريب مغربيين قاصرين بطرق غير شرعية من دون اعتبار لعواقب ذلك على سلامتهما وأمنهما الشخصي». واتهم السكاح، السفير النرويجي بتحويل «خلاف أسري تقليدي إلى قضية رأي عام، ونزاع دبلوماسي بين المغرب والنرويج». وزعم أن السفير سبق له أن حاول اختطاف الطفلين من مدرستيهما، كما كان يقوم بابتزازه، وزاره في منزله مرات عديدة بحجة تفقد أحوال الطفلين. كما قال السكاح أيضا إن أشخاصا نرويجيين هاجموا منزله في 21 يونيو (حزيران) الماضي، وحطموا باب شقته في محاولة لاختطاف طفليه، مشيرا إلى أن سلطات الأمن المغربية لديها محاضر تثبت هذه الواقعة.

ونفى السكاح أن يكون سبب الخلاف بينه وبين طليقته النرويجية آنه سيسيليا هوبستوك، مرده إلى اختلاف ديني وثقافي، مؤكدا أن سبب خلافاتهما مالية بالدرجة الأولى، بعد أن قامت بتحويل عقار إلى ملكيتها، كان اشتراه من والدتها وسدد أقساطه ما بين عامي 1999 و2001 وفقا لما قاله.

وعرض السكاح على الصحافيين عدة وثائق من بينها نسخ من النتائج المدرسية التي تظهر تفوق طفليه في دراستهما، وأخرى تثبت من وجهة نظره، صحة أقواله، وتنفي ما روجته الصحافة النرويجية على لسان طليقته وطفليه. وكانت هذه الصحف نشرت عدة روايات تقول إن السكاح كان يسيء معاملتهما ويمنعهما من الحديث باللغة النرويجية. وعرض السكاح ملصقات كبيرة تضم صورا مختلفة لطفليه داخل المنزل وخارجه يبدوان فيهما بصحة جيدة ويمرحان ويستمتعان بأوقاتهما للدلالة على أنهما كانا سعيدين أثناء الإقامة في المغرب. وبخصوص حضانة الأطفال قال السكاح إن محكمة نرويجية أصدرت حكما ابتدائيا يمنح الحق لطليقته في حضانة طفليها، إلا انه لم يتوصل بحكم نهائي كتابي يطلب منه تسليم طفليه لأمهما، بينما أصدرت محكمة مغربية حكما مؤقتا لصالحه «لأني الوحيد الذي يستطيع التكفل بالأطفال» على حد قوله. وقال السكاح إن القضاء النرويجي أصدر مذكرة بحث دولية في حقه عند نشوب الخلاف مع طليقته حول حضانة الأطفال، مشيرا إلى أن المذكرة تصفه بأنه «شخص خطير ومجرم» وذلك استنادا على تهم ملفقة، حسب رأيه، مؤكدا أن طفليه اختارا عدة مرات أمام قاضي الأحداث الإقامة معه. ونفى السكاح أن يكون هدد موظفي السفارة النرويجية في الرباط بناء على ما جاء في بيان للخارجية النرويجية. وبدا حذرا في الإجابة حول أسئلة الصحافيين التي تطرقت إلى جوانب سياسية في القضية. وظل يردد أنه يتحدث فقط بناء على اعتبارات إنسانية لأنه أب اختطف طفلاه، كما تجنب توجيه انتقادات للسلطات المغربية التي لم تكتشف عملية تهريب طفليه مع أمهما خارج المغرب، خصوصا أن هناك روايتين حول الموضوع حيث تفيد الرواية الأولى التي أشار إليها بيان وزارة الخارجية المغربية أن العملية تمت عبر ميناء ترفيهي شمال المغرب دون تحديد اسم هذا الميناء، بينما تقول رواية أخرى إن الطفلين خرجا عبر مدينة سبتة المحتلة شمال المغرب بجوازات سفر نرويجية وكانت ترافقهما أمهما التي جاءت إلى المغرب بعد انتقالهما إلى منزل السفير، أما السكاح فأكد أن جوازات سفر أبنائه ما زالت بحوزته، ورفض الجواب عن سؤال حول إمكانية تخليه عن جنسيته النرويجية بعد هذه القضية وقال «هذه مسألة شخصية ولا أريد الحديث عنها».

وعن إمكانية الصلح بينه وبين طليقته وحل القضية وديا، قال إن تطور القضية جعل عملية الصلح تبدو صعبة حاليا، وتمنى لو تم التوصل إلى حل ودي من دون تجريم الأب أو الأم.

إلى ذلك رفض مسؤول إعلامي في السفارة النرويجية بالرباط التعليق على تصريحات السكاح، وقال في اتصال هاتفي مع «الشرق الأوسط»: «ليس لدي أي تعليق حول هذه القضية، لأن التعليقات وكذا البيانات الصحافية حول هذا الموضوع من اختصاص وزارة الخارجية بالعاصمة النرويجية في أوسلو، ويمكن الاطلاع عليها عبر الموقع الالكتروني للوزارة».

يذكر أن وزارة الخارجية المغربية كانت استدعت سفير النرويج بالمغرب من أجل تقديم توضيحات حول خروج طفلي السكاح، بعد أن أقاما بمنزل السفير بالرباط، ونددت الخارجية المغربية بهذا «التورط الصريح للسفارة النرويجية في هذا الخروج (الطفلين) غير المشروع من البلاد» وقالت إن السفير «انتهك القوانين المغربية والتزاماته الديبلوماسية» وأوضحت أن النزاع يجب أن يعرض على المحاكم المغربية، وليس من حق السفير أن يتدخل في شأن عائلي وشخصي. وأشارت إلى أن طفلي السكاح قاصران ولا يمكنهما عبور الحدود إلا بموافقة الأب طالما أنهما يحملان الجنسية المغربية.

وكان نسب إلى سفير النرويج قوله إنه بعد لجوء الطفلين إلى منزله سلمهما إلى والدتهما ولم يكن يعرف أنها ستخرج بهما من المغرب إلى النرويج. وقال إن الطفلين يحملان الجنسية النرويجية وطلبا الحماية من السفارة، وبما أنهما قاصران قدمت لهما السفارة الحماية، في حين قال محامي طليقة السكاح النرويجي إن الطفلين كانا يقيمان مع والدهما من دون رغبتهما مدة سنتين ونصف. وطبقا لمصادر نرويجية فإن الطفلين غادرا شقة والدهما عبر نافذة حيث صعدا إلى سطح العمارة ثم تسلقا حائطا للهبوط إلى ساحة العمارة، واتصلا بعد ذلك بوالدتهما في النرويج عن طريق هاتف شخص غريب، وقامت هي بدورها بالاتصال مع السفارة حيث سمحا للقاصرين بدخول مبانيها ثم انتقلا بعد ذلك إلى مسكن السفير، الذي قال إنه لم يكن في المغرب عندما تمت هذه العملية.

يشار إلى أن هذه القضية شغلت المغاربة كثيرا وأصبحت مثار اهتمام الجميع، خاصة أن السكاح كان عداء مشهورا في سبــاقات عشرة آلاف متر وفاز بــالميدالية الذهبية الاولمبية عـام 1992.