هولبروك: الإعلام سيحدد شرعية الانتخابات الأفغانية

الممثل الأميركي لأفغانستان وباكستان يكشف عن فريقه المتكامل لتنفيذ استراتيجية أوباما

TT

قبل أسبوع من إجراء الانتخابات الأفغانية، كشف الممثل الأميركي لأفغانستان وباكستان ريتشارد هولبروك عن فريقه المتكامل للتعامل مع القضية الأولى للسياسة الخارجية الأميركية، ليظهر التناغم بين وزارات الخارجية والدفاع والزراعة والمالية، بالإضافة إلى وكالة الاستخبارات المركزية (سي آي إيه) ومكتب المباحث الأميركية (إف بي إيه) في تنفيذ استراتيجية الرئيس الأميركي باراك أوباما.

وشدد هولبروك على أهمية الانتخابات الأفغانية المقبلة، ليس فقط من حيث النتيجة، بل من حيث النزاهة والشرعية. وأقر هولبروك بصعوبة إجراء «انتخابات مثالية» في الوضع الحالي في أفغانستان، لكنه اعتبر أن الأمر المهم أن تكون الانتخابات «مقبولة من قبل الشعب الأفغاني». وردا على سؤال من سيحدد شرعية الانتخابات، أجاب «الإعلام»، موضحا أن «الجميع يتخذ القرار (حول الشرعية) بناء على ما يعتقد أنه يعلم عن الأحداث، وذلك يأتي من الإعلام»، مشيرا إلى أن الانتخابات في إيران وزيمبابوي ونيجيريا في الفترة الأخيرة نتائجها كانت مبنية على تصوير الإعلام لها. إلا أن إحدى مساعدات هولبروك، جين ماريوت، سارعت لتوضح أن «اللجنة العليا للانتخابات هي التي ستعلن الفائز».

واظهر هولبروك إيمانه بأهمية الإعلام، معتبرا أن «كل ما نفعله في أفغانستان يعتمد في النهاية على التواصل»، موضحا أن كسب تأييد الشعب الأفغاني وتغير تصور الصراع الحالي من «صراع بين الولايات المتحدة والمسلحين إلى صراع بين الشعب والمسلحين أمر في غاية الأهمية». وشرح هولبروك أن التركيز على الإعلام و«التواصل الاستراتيجي» من أبرز السياسات التي يتبعها فريقه في كسب الحرب في أفغانستان.

وجاءت تصريحات هولبروك في اجتماع عقده «مركز تقدم أميركا» (كاب) للكشف عن الاستراتيجية المتكاملة للحكومة الأميركية، بين الجهود المدنية والعسكرية في أفغانستان. واصطحب هولبروك عشرة من مستشاريه ليوضح استراتيجيته وعمله في ما يخص أفغانستان. ويأتي ذلك في وقت دارت فيه تساؤلات حول عمله وما إذا كان قادرا على إحداث تغيير في حرب تزداد صعوبة للولايات المتحدة. واعتبر رئيس «مركز تقدم أميركا» جون بوديستا، رئيس الموظفين في البيت الأبيض خلال رئاسة بيل كلينتون، أن هذه «أكثر مرة في تاريخ الحكومة تشترك فيها جميع الدوائر والوزارات في جهد واحد».

وتزامن المؤتمر الذي عقده هولبروك أمس مع نشر صحيفة «واشنطن بوست» خبرا أن السفير الأميركي في كابل الجنرال المتقاعد إيكنباري يطالب بتخصيص المزيد من الأموال للسفارة، بالإضافة إلى الحاجة إلى المزيد من القوات في أفغانستان. وامتنع هولبروك عن الخوض في الحاجة إلى المزيد من القوات في أفغانستان، مشيرا إلى أن هذه مسألة يتحدث فيها القادة العسكريون.

وكرس هولبروك الجزء الأكبر من المؤتمر ليتحدث أعضاء فريقه عن عملهم، مركزين على استراتيجية مساعدة المزارعين الأفغان والتصدي لزراعة الأفيون من خلال تطوير القطاع الزراعي. وقال المستشار الأعلى للزراعة لهولبروك، وهو موظف في وزارة الزراعة الأميركية، أوتو غونزاليس، إن «8 من كل 10 أفغان مزارعون، والقطاع الزراعي أساسي لجهودنا»، مشيرا إلى ضخ أموال لذلك القطاع بدلا من ضخ الأموال لحرق حقول الأفيون، وهي السياسة التي اتبعتها الولايات المتحدة في السابق.

وشدد هولبروك على أن الإطار الدولي في غاية الأهمية لإنجاح الاستراتيجية في أفغانستان، قائلا إنه ينسق مع 25 من نظرائه من دول أخرى، مشيدا بقرار السعودية ومصر والإمارات بتعيين ممثلين لأفغانستان وباكستان أخيرا. لكنه أكد عدم وجود نظير إيراني له، موضحا: «لا يوجد لنا أي تواصل مباشر مع الإيرانيين ولكننا نعترف بالواقع الجغرافي» للحدود بين إيران وأفغانستان. وأضاف: «إيران لديها دور شرعي لحل الأوضاع في أفغانستان، ونحن على علم تام بالعامل الإيراني». وامتنع مستشار الدفاع الرفيع لهولبروك، فيكرام سينغ، عن الخوض في تفاصيل الدور الإيراني في العنف في أفغانستان، قائلا: «لا توجد لدي أحدث المعلومات عن هذا الأمر»، لكنه أضاف: «ما نعلمه في السابق أن إيران زودت أسلحة لمجموعات في أفغانستان.. ولكن لا نرى ذلك تهديدا كبيرا».

وتحدث في المؤتمر المستشار الأعلى لوزارة المالية الأميركية لهولبروك، رامي شاي، الذي قال إن «الدعم المالي الخارجي لطالبان من دول الخليج ودول أخرى يعتبر مشكلة أكبر من الدعم الداخلي» الذي يأتي من عمليات تجارة المخدرات والخطف والتهديد. وأضاف: «نحارب على جبهتين، العسكرية والعمل على وقف التمويل لطالبان»، موضحا أن «العمل الأساسي هو تحسين قدرة الحكومة الأفغانية على تحديد مصادر التمويل وخرقها ومنعها». وتتطلع الولايات المتحدة إلى إجراء الانتخابات الأفغانية ونجاحها من أجل تقوية الحكومة الجديدة. ولفت هولبروك إلى قراره تقليل دور الشركات الخاصة والعقود الخاصة في أفغانستان التي حصدت الملايين من الأموال المخصصة لإعادة إعمار أفغانستان. وقال هولبروك: «في السابق، أقل من 10 في المائة من الأموال المخصصة لأفغانستان كانت توزع من خلال وزاراتها. سنقلص دور المتعاقدين من أجل تقوية الحكومة الأفغانية». وأضاف أن أكبر مشكلة تواجه أفغانستان هي تقوية الشرطة، قائلا: «في أي حالة من مكافحة التمرد أو المسلحين، لا يمكن النجاح من دون الشرطة وعملها لأخذ مكان الجيش».

وأنهى هولبروك تصريحاته أمس بالتشديد على أنه لم يعقد المؤتمر للإعلان عن نجاحات معينة أو الإعلان عن من يفوز بين الولايات المتحدة والقاعدة، بل لإظهار ما يقوم به من أجل إحداث التغيير في أفغانستان وإنجاح الاستراتيجية الأميركية. وقال: «لقد كشفنا للمرة الأولى ما ندخله من عمل، وسنعلن لاحقا ما نحصده من تلك العملية». ويتوجه هولبروك غدا إلى باكستان ثم أفغانستان ليتابع عمله، كما أنه سيحضر اجتماع تركيا لمجموعة «أصدقاء باكستان ديمقراطية» قبل أن يعود مجددا إلى أفغانستان حيث سيراقب الانتخابات يوم 20 أغسطس (آب).