أوباما يرى «تحركا بالاتجاه الصحيح» لتحقيق السلام.. ومبارك يحذر من إضاعة الوقت

أبلغ الرئيس المصري عزم واشنطن تقديم خطتها للسلام في سبتمبر

الرئيسان أوباما ومبارك خلال المحادثات الثنائية في البيت الأبيض أمس (رويترز)
TT

أنهى الرئيس المصري حسني مبارك زيارته إلى واشنطن أمس بلقاء مطول مع الرئيس الأميركي باراك أوباما، شددا في أعقابه على أهمية العمل على إحلال السلام في الشرق الأوسط. وبينما عبر الرئيس الأميركي عن تفاؤله إزاء «تحرك إيجابي» على الأرض بين إسرائيل والفلسطينيين، خاصة مع رفع بعض الحواجز الإسرائيلية وتحسين القدرات الأمنية الفلسطينية، حذر مبارك من أن «إضاعة الوقت» في تحقيق السلام سيؤدي إلى «عنف متصاعد» في المنطقة. وقال مبارك إنهما ركزا على القضية الفلسطينية «لأنها القضية الجوهرية، تؤثر على العالم والمنطقة والغرب والولايات المتحدة»، متعهدا بالعمل مع الولايات المتحدة لحل القضية. وقال أوباما إنه بحث مع مبارك «كيفية إطلاق عملية فعالة على جميع الجهات للتحرك من الوضع الراهن الذي لا يخدم الشعب الإسرائيلي ولا الشعب الفلسطيني ولا المنطقة كلها».

وردا على سؤال حول تقارير تشير إلى أن الحكومة الإسرائيلية لن تسمح بوحدات استيطانية جديدة، قال أوباما: «هناك تحرك بالاتجاه الصحيح وقد جئت منذ البداية وأنا أقول إن على كل الأطراف أن تتخذ خطوات صلبة لاستئناف مفاوضات جادة لإنهاء نزاع طويل ليس من مصلحة الشعب الإسرائيلي أو جيرانه»، مضيفا: «أعتقد أن الحكومة الإسرائيلية أخذت المحادثات على محمل الجد». ومن جهته، قال مبارك إنه يتواصل مع الفلسطينيين والإسرائيليين للتوصل إلى حل نهائي للقضية الفلسطينية، قائلا: «لقد استمرت هذه القضية لـ60 سنة ولا يمكن أن نضيع المزيد من الوقت قبل أن يتصاعد العنف، والعنف قد تصاعد، فمستوى العنف الآن أكثر بكثير مما كان عليه قبل 10 أعوام». وأضاف أن الحل يجب أن يكون دائما، موضحا: «لقد قال لي الإسرائيليون ربما يمكنك الحديث عن حل مؤقت.. ولكن قلت لهم انسوا الحل المؤقت والحدود المؤقتة، ولهذا جئت هنا اليوم، لأتحدث مع الرئيس أوباما وإذا كان يمكننا التحرك إلى الأمام في هذه القضية لإعطاء الناس المزيد من الأمل والثقة». وتابع أن «قضية القدس واللاجئين والحدود» ما زالت عالقة وجوهرية، ولكنه أردف قائلا «أعتقد بأنه من الممكن أن نتوصل إلى حل لأن الشعب العربي يريد السلام وأن يعيش حياة أفضل، والشعب الإسرائيلي أيضا يريد السلام والاستقرار في حياته». واتفق مع أوباما بأنه «سيكون من الصعب (تحقيق السلام) ولكن ما تغير هو وجود وعي متزايد من قبل الفلسطينيين بأن إسرائيل لن تختفي وأنها واقع عليهم التعامل معه، ووعي من طرف الإسرائيليين أن أمنهم على المدى البعيد يعتمد على حل مع الفلسطينيين وفي النهاية حل مع الجيران العرب». وشكر أوباما الرئيس المصري بعد لقائهما على انفراد في البيت الأبيض أمس، قائلا: «أريد أن أشكره علنا للاستضافة الفريدة التي قدمها لنا عندما سافرت إلى مصر وألقيت خطابي في جامعة القاهرة» في يونيو (حزيران) الماضي. وشدد أوباما على العلاقات الوثيقة بين بلده ومصر، قائلا إن «الولايات المتحدة ومصر عملا معا وبشكل وثيق لسنوات عدة وللكثير من تلك السنوات الرئيس مبارك كان قائدا ومستشارا وصديقا للولايات المتحدة». ومن جهته، اعتبر الرئيس المصري أن زيارة أوباما إلى القاهرة كانت مهمة «وقدرها العالم الإسلامي كثيرا لأنه كان يعتقد أن الولايات المتحدة كانت ضد الإسلام لكن خطابه العظيم والرائع أزال كل هذه الشكوك». وتطرق أوباما إلى قضايا أخرى بحثها الرئيسان، على رأسها «القلق المشترك لانتشار الأسلحة النووية في المنطقة وبما فيها تطوير إيران لأسلحة نووية وكيف يمكننا التعاون على تلك الجبهات». وأشاد أوباما بانفتاح مصر الأخير على العراق، قائلا: «أريد أن أشكر حكومة مصر لأنها دولة عربية تقدمت لمساعدة تقوية العراق بينما يخرج من وضعه أثناء الحرب والانتقال إلى ديمقراطية مستقرة». وفي ما يخص العلاقات الثنائية، بحث الرئيسان قضايا التنمية والتعليم والصحة. وأقر أوباما بوجود «خلافات» بين الطرفين، قائلا: «هناك بعض القضايا التي نختلف عليها، وعندما نختلف نتبادل الآراء بشكل صريح وصادق». وعلى الرغم من أن أوباما لم يتطرق إلى الإصلاح ولا الوضع الداخلي المصري، فإن الرئيس المصري نفسه أشار إلى هذه القضية. وقال مبارك في المؤتمر الصحافي نفسه: «لقد بحثنا قضية الإصلاح داخل مصر وقلت للرئيس أوباما بشكل صريح إنني دخلت الانتخابات بناء على برنامج إصلاح وقد بدأنا بتطبيق بعضه وما زال لدينا سنتان لتطبيقه». إلى ذلك قال المتحدث باسم الرئاسة المصرية إن أوباما قال لمبارك إن الولايات المتحدة تأمل في تقديم خطة سلام في سبتمبر (أيلول) المقبل عند افتتاح الدورة الجديدة للجمعية العامة للأمم المتحدة».

من جهة أخرى قال بيان للسفارة المصرية نقلته وكالة «أسوشييتدبريس» إن حديث الرئيس مبارك لمحطة تلفزيونية أميركية أو ل من أمس تضمن خطـأ في ترجمة أنه أعلن عن عزمه خوض انتخابات الرئاسة المقبلة في عام 2011. وأوضح البيان أن الرئيس كان يشير إلى انتخابات 2005 التي دخلها على أساس برنامج إصلاحي وقال كريم حجاج المتحدث باسم السفارة إن مبارك لم يعلن في المقابلة عزمه خوض الانتخابات الرئاسية.

وكان الرئيس المصري أبلغ الإدارة الأميركية رفضه لفكرة «الحدود المؤقتة» لدولة فلسطينية، وذلك ضمن تقديم مبارك «رؤية مصرية» لعملية السلام خلال زيارته واشنطن. وتشمل «الرؤية المصرية» مفاوضات ترتكز على المسار الفلسطيني لحل «لب وجوهر الصراع»، بالإضافة إلى طرح كافة القضايا على طاولة المفاوضات من دون استثناءات. وردا على سؤال لـ«الشرق الأوسط» في مؤتمر صحافي حول إذا ما كانت مصر تتوقع بدء المفاوضات على المسارات الثلاثة، الفلسطينية والسورية واللبنانية في آن واحد أو المسار الفلسطيني ـ الإسرائيلي فقط، قال الناطق الرسمي باسم الرئاسة المصرية السفير سليمان عواد، إن «هذه تفصيلة صغيرة، ما يهمنا هو السلام ولكن السلام في رأي مصر، وما من عربي في سورية أو لبنان سيعارض أن نبدأ من المسار الفلسطيني وإنهاء معاناة الشعب الفلسطيني، وأعتقد جازما أن الأشقاء في سورية وعروبتهم وانحيازهم للقضية الفلسطينية يشاركوننا هذا الرأي». وأضاف: «لب وجوهر الصراع العربي ـ الفلسطيني هو القضية الفلسطينية، سورية لم تكن لها أرض محتلة، لبنان لم يكن له أرض محتلة، مصر لم يكن لها أرض محتلة قبل 1967، فحتى قبل عام 1948 كانت هناك قضية فلسطينية خضنا من أجلها الحروب وقدمنا التضحيات».

وبعد لقائها مبارك أول من أمس، قالت هيلاري كلينتون وزيرة الخارجية الأميركية لعدد من الصحافيين: «لقد تحدثنا عن الكثير من القضايا المهمة»، مضيفة: «بالتأكيد نحن نتقدم في ما يخص عملية السلام». ومن جانبه اكتفى ميتشل بالتصريح لـ«الشرق الأوسط»: «لقد غطينا مجموعة متكاملة من القضايا مع الرئيس ووزير الخارجية ومدير الاستخبارات، وهم يقدمون المساعدة في كافة القضايا».