البرلمان سيقرر بشأن مرشحي حكومة أحمدي نجاد الجديدة اعتبارا من الأحد

اتهامات جديدة للسلطات الإيرانية بتعذيب مؤيدي حركة الإصلاح.. وعمليات دفن سرية

TT

قالت مصادر إيرانية أمس إن مجلس الشورى سيبدأ اعتبارا من الأحد المقبل، 30 أغسطس (آب)، ولمدة ثلاثة أيام دراسة ملفات الأعضاء المرشحين لحكومة الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد الجديدة، لتثبيت ترشحهم أو رفضهم، في وقت انتقد فيه العديد من النواب المحافظين تعيين نساء في الحكومة، وكذلك أشخاص لا يملكون الكفاءة المطلوبة لشغل منصب وزاري. كما وجهت انتقادات دولية لترشيح أحمد وحيدي وزيرا للدفاع، وهو مطلوب لدى الإنتربول منذ 2007 بتهمة الضلوع في عملية دامية ضد مركز يهودي في الأرجنتين عام 1994. لكن مصادر إيرانية، رجحت قبول ترشيحه رغم الضجة العالمية حوله. وكان أحمدي نجاد عرض الأربعاء على البرلمان قائمة من 21 وزيرا اختارهم لتشكيل الحكومة الجديدة بينهم ثلاث نساء.

واتهمت إيران الأرجنتين بالتدخل في شؤونها بعد أن وجهت انتقادات لترشيح وحيدي لوزارة الدفاع. ونقلت وكالة الأنباء الإيرانية الرسمية «إرنا» عن المتحدث باسم وزارة الخارجية حسن قشقوي قوله إن «المواقف التي أعلنها المسؤولون الأرجنتينيون ترمي بوضوح إلى التدخل في الشؤون الداخلية للجمهورية الإسلامية ونحن ندين بحزم هذه التصرفات غير المشروعة».

واعتبر قشقوي أن موقف الأرجنتين أتى نتيجة «ضغوط، ورِشى ودعاية تنفذها لوبيات صهيونية»، مضيفا أن الأمر يشكل «إهانة لذكاء الشعب الأرجنتيني». وانتقدت الأرجنتين بحدة أول من أمس قرار الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد تعيين أحمد وحيدي لتولي وزارة الدفاع. وقالت وزارة الخارجية الأرجنتينية في بيان إن «تعيين أحمد وحيدي وزيرا للدفاع في إيران يشكل تحديا للقضاء الأرجنتيني ولضحايا الاعتداء الإرهابي العنيف على الجمعية الإسرائيلية الأرجنتينية المشتركة» الذي أسفر عن 85 قتيلا و300 جريح العام 1994 في بيونس أيرس. وأضافت الوزارة أن الحكومة الأرجنتينية «تدين بقوة» هذا التعيين الذي لا يزال يتطلب موافقة البرلمان الإيراني، وتدعو طهران إلى «التعاون بشكل كامل مع القضاء الأرجنتيني لمحاكمة المتهمين بالمشاركة في الاعتداء أمام المحاكم المعنية». ولفت البيان إلى أن «وحيدي اضطلع بدور رئيسي في اتخاذ القرار والتخطيط للاعتداء». من جهة ثانية وفي الوقت الذي يحتفل فيه الإيرانيون بأول أيام شهر رمضان المبارك السبت، واجهوا اتهامات جديدة بتعذيب مؤيدي حركة الإصلاح في السجون وبدفن الجثث سرا في مقبرة على أطراف طهران. وأضافت الاتهامات، التي نُشرت على مواقع إلكترونية تابعة لحركة الإصلاح، إلى الشد والجذب بين حركة المعارضة التي تكافح من أجل البقاء دون إسكاتها وحكومة تحاول أن تتجاوز الأزمة التي أثيرت حول الانتخابات الرئاسية المتنازع عليها والتي أقيمت في شهر يونيو (حزيران).

وتظل الأزمة السياسية في إيران كامنة على مستويين، كما يقول محللون سياسيون: في العداء الذي يكنه الملايين من الناس الذين يشعرون بأن فوز الرئيس محمود أحمدي نجاد زائف، وفي الصراع الخفي وراء الستار داخل مؤسسات السلطة بين أعضائها السياسيين والدينيين.

وفي يوم السبت، بدا الصراع الداخلي ظاهرا للعيان من جديد عندما كسر أحمدي نجاد التقاليد ولم يحضر اجتماع مجلس تشخيص مصلحة النظام، وفقا لما ذكره موقع «بارلمان نيوز»، التابع للمجموعة البرلمانية التي تعارض الرئيس. ويرأس المجلس، وهو هيئة حكومية مؤثرة، خصم أحمدي نجاد، نائب الرئيس الأسبق على أكبر هاشمي رافسنجاني. وقد افتتح رافسنجاني، الذي أشعل الخلاف السياسي حول الانتخابات وفي الوقت ذاته حاول أن يضع نفسه في مكانة علنية بعيدة عن النزاع، الجلسة بالدعوة إلى «الوحدة والتعاطف من أجل تجاوز المشكلات الداخلية».

وقدم في خطابه وصفة للعلاج تدعو إلى طاعة القانون وتلقي ببعض اللوم بذكاء على جميع الأطراف. وقد عارض رافسنجاني نتائج الانتخابات، ورد فعل الحكومة، ولكنه كان حذرا في عدم تعريض استقرار النظام للخطر. ولكن يعلق محللون سياسيون بأن تسوية النزاع أصبحت بعيدة المنال، وأنه من الواضح أن الاتهامات الأخيرة بالتعذيب والاغتصاب والقتل هي السبب الرئيسي في عدم إخماد الغضب الشعبي.

ويقول رسول نفيسي، الأكاديمي في فيرجينيا الذي يدرس في شؤون الجمهورية الإسلامية منذ أعوام: «إن ذلك يستهدف صميم دعوة الدولة إلى الأخلاق،» مشيرا على وجه خاص إلى اتهامات الاغتصاب. وقد رفضت الحكومة مزاعم وجود اغتصاب، ولكن وافق رئيس البرلمان علي لاريجاني، الذي رفض الاتهامات في البداية، على مراجعة الدليل إذا ما توفر.

وقد أغلقت إيران البلاد أمام المراسلين الأجانب، واعتقلت العديد من الصحافيين، مما جعل من الصعب التأكد من الاتهامات العديدة أو تفنيدها. وأعلنت الحكومة رسميا أن نحو 30 شخصا لقوا مصرعهم في المظاهرات والحملة الحكومية لفرض النظام، بينما أعلنت المعارضة أن العدد يقترب من 70 شخصا.

وفي يوم السبت نشر موقع «نوروز نيوز» الإصلاحي على الإنترنت تقريرا ذكر فيه أن عاملين في مقبرة جنة الزهراء في طهران دفنوا 28 جثمانا من 12 إلى 15 يوليو (تموز) في قطعة أرض 302. وإذا تأكدت تلك المعلومات، فإن أخبار الدفن تشير إلى ارتفاع معدل الوفيات عن ما أعلنته الحكومة. وذكر التقرير، الذي نُشرت معه صور، أنه في حالات أخرى، كانت الجثامين التي أعادتها السلطات إلى أفراد الأسر مجمدة، مما يشير إلى أنها كانت محفوظة في منشآت صناعية.

وأورد عدد من التقارير الجديدة، ومنها تقرير نُشر على موقع مرتبط بزعيم حركة الإصلاح مير حسين موسوي، أن أعضاء بارزين في الحركة تعرضوا لممارسات تعذيب في السجن، منها الوضع في حبس انفرادي تام لفترات طويلة. وقد ركزت التقارير الأولى التي تناولت التعذيب على المتظاهرين في الشوارع لا زعماء المعارضة.

وكان هناك الكثير من التقارير التي تشير إلى أن محاكمة اثنين من الإصلاحيين المعتقلين، أحمد زيد أبادي وفيض الله أربسوركي، قد تأجلت لأن الرجلين نُقلا إلى المستشفى، مما أثار تكهنات بأنهما تعرضا للتعذيب في السجن.

* خدمة «نيويورك تايمز»