نائب كرزاي: أميركا ليس لديها مرشح مفضل.. ولن تسمح بنفوذ إيراني في أفغانستان

كريم خليلي لـ «الشرق الأوسط» ردا على تحالفه كأمير حرب مع الرئيس الأفغاني: أنا مجاهد قاتلت الروس وتصديت لطالبان

الشيخ كريم خليلي في القاعة الرئيسية بقصر الحكم بوسط كابل («الشرق الأوسط»)
TT

قال محمد كريم خليلي نائب الرئيس حميد كرزاي إن أولويات الرئيس المقبل لأفغانستان تتركز في قضايا المصالحة الوطنية وعلاج مشاكل الفقر المتفشية بين أبناء الشعب الأفغاني، والنضال ضد الفساد والمخدرات. وأوضح في حوار أجرته معه «الشرق الأوسط» في قاعة فخمة تزدان بالثرايا وخريطة ضخمة لأفغانستان بقصر حكمه الذي بناه الملك عبد الرحمن خان على الطراز الايطالي قبل مائة عام بوسط العاصمة كابل على مشارف حي وزير اكبر خان، ويعتبر تحفة معمارية بكل المقاييس.

بدا على ثقة ويقين أن الرئيس كرزاي سيتولى حكم البلاد لخمس سنوات مقبلة، من خلال النتائج الأولية التي تعرف عليها وستعلن اليوم الثلاثاء، مشيرا إلى أن «تلك النتائج تشير إلى تقدم كرزاي بنسبة تقدر بنحو 65 في المائة، وهي نتيجة غير رسمية، ويجب أن ننتظر الإعلان الرسمي عن نتائج الانتخابات من قبل اللجنة المنظمة بداية شهر سبتمبر (أيلول) المقبل». وجرت المقابلة بوساطة خاصة من الشيخ صديق تشكري وزير الإعلام السابق في «حكومة المجاهدين» والمستشار الأسبق للرئيس كرزاي والذي يشغل حاليا منصب وزير الحج والأوقاف الذي يتحدث العربية بطلاقة إذ هو خريج الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة بالسعودية، وقام بالترجمة من لغة الداري التي يتحدث بها الشيخ كريم خليلي إلى اللغة العربية.

يعد الشيخ خليلي من أبرز رجال حزب الوحدة والحركة الإسلامية وهو من قيادات المسلمين الشيعة «الهزارة». ويبلغ خليلي رئيس منظمة الوحدة الشيعية، من العمر 59 عاما، وهو من قدامى المجاهدين ووزير مالية سابق، وكان من أشد المعارضين لحكومة طالبان، ويعتبر من أمراء الحرب الداعمين لكرزاي مع الجنرال عبد الرشيد دوستم القائد الأوزبكي الذي اتهم رجاله بقتل المئات من أسرى طالبان عام 2001 والذي تعهد الآن باستعادة المزيد من السلطة على الشمال الأفغاني. وهناك أيضاً محمد محقيق أمير الحرب من أبناء الأقلية الهزرية الشيعية، وغول أغا شيرازي أمير الحرب المشتبه في تورطه في عمليات فساد تتعلق بتجارة المخدرات، وعبد رب الرسول سياف الذي قتلت ميليشياته المئات من المدنيين الهزارة غرب كابل عام 1993، ووقف الشيخ سياف إلى جانب كرزاي في الانتخابات الرئاسية التي جرت يوم الخميس الماضي.

وقبل الانتخابات دافع الرئيس حميد كرزاي المنتهية ولايته، عن مناصريه من أمراء الحرب واصفا إياهم بالأبطال القوميين الذين حاربوا الروس وطالبان. ومن جهته قال حاجي دين محمد مدير حملته: «إن من يرغب في تنفيذ برنامج في أفغانستان لا يستطيع تطبيقه دون دعم من المجاهدين الذين لازالوا يتمتعون بنفوذ كبير في مناطقهم». إلا أن الشيخ خليلي أكد في حواره مع «الشرق الأوسط» انه يرفض تسمية أمراء الحرب التي تطلقها الصحافة الغربية على قادة المجاهدين الذين تحالف معهم قبل الانتخابات، وقال بحدة «أنا مجاهد قاتلت في هذه البلد الروس وحاربت الإرهاب وما زلت وتصديت لطالبان». وأكد نائب كرزاي على أهمية إعادة بناء أفغانستان جديدة، وقال إن «بلدنا طالما عانى الأمرّين من الحروب والجرائم في ظل وجود حركة طالبان وتنظيم القاعدة التي قتلت الملايين من البشر ودمرت المساجد والمباني»، داعياً أبناء الشعب الأفغاني إلى التكاتف والتعاون في البناء وإعادة الإعمار. وجاء الحوار مع الشيخ كريم خليلي على النحو التالي:

* هل زرت مع الرئيس كرزاي أغلب مناطق الشيعة مثل باميان وهراة ومزار شريف وأماكن وجودهم غرب العاصمة كابل، وهل الهزارة باتوا اليوم قوة صاعدة في السياسة الأفغانية؟

ـ لم أزر مع الرئيس كرزاي كل الأماكن، ولكن خلال أسابيع الحملة الانتخابية زرت شخصياً أغلب مناطق ومدن الشيعة لحشد التأييد للرئيس كرزاي، وكانت لهم مطالب لأن الكثير من حقوقهم المعيشية لم تلب حتى الآن فهم في غرب كابل مثلا يعيشون مثلا من دون كهرباء، ورغم كل ذلك أستطيع أن أؤكد أن أغلب الشيعة الأفغان الهزارة صوتوا لصالح الرئيس كرزاي، والمناطق التي يوجد فيها الشيعة مثل مزار شريف وباميان تعاني من الفقر والتهميش منذ سنوات، وهناك حسب الإحصائيات الرسمية نحو 6 ملايين أفغاني تحت خط الفقر، ونحن نسعى إلى رفع المعاناة عن كاهل الجميع، ولكن الحمد لله فان هذا الشعب نجح بالرغم من الضغوط المفروضة عليه في طرد الروس وإسقاط الاتحاد السوفياتي الأسبق، ونجح أيضا في القضاء على طالبان. والشيعة الآن لهم أسهم سياسية لم يملكوها من قبل، وها أنا أمامك نائب رئيس الدولة.

* ما تعليقكم على ما يتردد أن السفير الأميركي السابق في كابل البشتوني زلماي خليل زاد لعب دورا مهما في التأثير على شخصيات أفغانية لصالح الرئيس كرزاي وانه سيكون له دور مستقبلي في سياسية أفغانستان؟ ـ شائعات دخول خليل زاد إلى المشهد السياسي الأفغاني تمت إثارتها وسمعت بها كمدير تنفيذي للحكومة أو ما تسمونه chief executive ولكن بموجب الدستور الأفغاني لا يوجد مثل هذا المنصب لدينا.

* هل الولايات المتحدة يوجد لها مرشح أفغاني للرئاسة مفضل؟ ـ على العكس من ذلك أميركا ليس لديها مرشح مفضل بل وقف الأميركيون على الحياد منذ انطلاق الحملات الانتخابية، بل أكدوا أنهم يحترمون أصوات ورغبات الشعب الأفغاني، والأميركيون يقولون دائما إنهم لا يؤيدون مرشحا معينا وإنهم يرغبون في إيجاد الجو الملائم للشعب الأفغاني لينتخب من يريد بديمقراطية تامة.

* ما هو تعليقكم على شائعات تزوير الانتخابات الرئاسية؟

ـ مثل هذه الشائعات تتكرر في بلدان العالم الثالث، ولا توجد في هذه البلدان انتخابات مثالية، نعم تحدث بعض الاختراقات، ولكنها لا تؤثر على نتائج الانتخابات بصفة عامة، والمنهزمون في الانتخابات يجب أن يكون لهم شيء يتحدثون فيه، أي شماعة يعلقون عليها إخفاقهم.

* ما هو تقييمكم للعلاقات الأفغانية ـ الإيرانية وما يتردد عن وجود حسينيات ومراكز ثقافية إيرانية في اغلب مدن الشمال والوسط الأفغاني حيث يوجد الهزارة وحتى في غرب كابل؟ ـ نسعى إلى علاقات حسن جوار مع الدول المجاورة، ولم نسمع بتغلغل إيراني مباشر في المدن الأفغانية، ولم تبلغنا المخابرات الأفغانية أن إيران تزيد نفوذها في أراضينا، والقوات الأميركية الموجودة على أراضينا يقظة للتحركات الإيرانية ولن تسمح بنفوذ إيراني في أراضينا، وهي تراقب التحركات الإيرانية، والتعاون الاقتصادي بشكل خاص تقدم بوتيرة أسرع في عهد الرئيس محمود أحمدي نجاد، وتم تنفيذ عدد من المشاريع خلال فترته الرئاسية الأولى مثل الخط الحديدي بين مشهد وهيراة، ومشروع الطاقة في كابل وعدد من المشاريع الأخرى.

* ما هو تقييمكم لمستوى العلاقات مع الدول العربية؟

ـ تسير علاقاتنا مع الدول العربية من أفضل إلى أفضل وخاصة مع السعودية والإمارات ونطمح لأن يكون مستوى العلاقات أفضل من ذلك بكثير، وقد ساهمت الإمارات، مثلا في إنشاء طريق زابول، وساهمت السعودية بمبلغ 200 مليون دولار أيضا. ومع أن العلاقات السياسية مع العالم العربي جيدة، فإن العلاقات الاقتصادية ليست بنفس المستوى، وربما يكون الوضع الأمني أحد أسباب عدم رغبة العالم العربي في الاستثمار في أفغانستان حاليا.

* ما هو تقييمكم لجلسات الحوار مع طالبان التي تمت حتى الآن بين ممثلين من الدولة الأفغانية وقيادات من طالبان؟ ـ حدثت جلسات مع طالبان بعض منها تم في السعودية بمباركة خاصة من خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز، وحدثت جلسات أخرى في أماكن أخرى رغم نفي متحدثيهم بعد ذلك، مما يؤكد أنهم غير جادين في السلام والحوار، ولن يحدث سلام في أفغانستان إلا برعاية سعودية، لأنها قلب العالم الإسلامي.

* هل تعتقدون أن هناك عناصر معتدلة مع طالبان يمكن الحديث إليها؟ ـ ما رأيناه حتى الآن لا يشير إلى وجود عناصر معتدلة تفكر في استقرار وأمن هذا البلد.

* هل أنت راض اليوم عن الأوضاع في الشارع الأفغاني بعد 8 سنوات على سقوط طالبان؟

ـ لست راضياً تماما، ولكن أيضا هناك جهود تبذل بفضل مساعدات المجتمع الدولي الذي لم يتخل عن أفغانستان.

* ما هي الأمور التي تتطلعون لتحقيقها في أفغانستان خلال السنوات الخمس المقبلة؟ ـ أن تنجح الإدارة الجديدة في مكافحة الفقر المتفشي وتتصدى لطالبان وترسي دعائم الأمن والاستقرار في الشارع الأفغاني وتقضي على مشاكل الفساد الإداري المتفشية في الإدارات الحكومية والمحلية، وان تضع خطة ناجحة لمواجهة مشاكل زراعة المخدرات في هلمند وارزوجان ولشكر جاه بالجنوب الأفغاني، لأنه ثبت باليقين أن هناك صلة أكبر في هلمند بين تجارة المخدرات وحركة طالبان والإرهاب منها في أي مكان آخر في أفغانستان، وان حركة طالبان التي منعت المخدرات قبل سقوطها هي المستفيد من زراعة وتهريب المخدرات. ويجب التذكير بأن أفغانستان دولة فقيرة خاضت نحو ثلاثة عقود من الحروب المتواصلة، وهي من الدول الأكثر فقراً في العالم ومن أفقر الدول في العالم الإسلامي، ثم إن أفغانستان تم تدميرها على مدى ثلاثين عاماً الماضية وهي تفتقر إلى مؤسساتٍ حكومية قوية، كما تحتاج إلى عملية إعادة بناء كبيرة وهذه الأمور سوف تستغرق وقتاً.