فريق أوباما يلعب بأقل من نصف لاعبيه

الكونغرس لم يقر سوى 43% من المناصب.. وكلينتون تشبه عقبة التعيينات بالكابوس

TT

في الوقت الذي يحاول فيه الرئيس الأميركي أوباما أن يتجاوز صيفا من العقبات، يجد نفسه من دون معظم اللاعبين الأساسيين في فريقه الحكومي. فبعد سبعة أشهر من وصوله لمنصب الرئاسة، لم يتم تعيين سوى عدد أقل من نصف المسؤولين الذين يعينون لمساعدته على التقدم في أجندته.

فهناك أكثر من 500 موقع لصناع السياسة يتطلب موافقة مجلس الشيوخ، ولم يتم تعيين سوى 43% في هذه المواقع، وهو ما يعكس حذر البيت الأبيض بعد استبعاد عدة ترشيحات في الخريف الماضي، والتدقيق المكثف الذي يجريه مجلس الشيوخ للمرشحين، والأجندة التشريعية.

وبالرغم من أن العديد من المعينين الجدد أو الأشخاص الذين احتفظوا بمناصبهم يشغلون العديد من المناصب بشكل مؤقت، فإن الرئيس أوباما ليس لديه فريق خاص يساعده في تنفيذ البرامج التي تشكل لب مهمته. فهو يحاول إصلاح الأسواق المالية ولكنه ليس لديه مساعد لوزير الخزانة يكون مختصا بالأسواق المالية. وهو ينفق الكثير من المال على وسائل النقل أكثر من أي شخص آخر منذ الرئيس دويت إيزنهاور؛ لكن ليس لديه مستشار خاص يراقب كيفية إنفاق هذه الأموال. وهو يحارب في جبهتين وليس لديه وزير للجيش.

وقد أرسل وزيرة الخارجية هيلاري كلينتون إلى أفريقيا لمناقشة التنمية الدولية ولكنه ليس لديه أي شخص ليدير وكالة التنمية الدولية. وقد دعا القوى الأساسية لقمة حول الحد من الانتشار النووي، لكن ليس لديه مساعد لوزير الخارجية يكون مختصا بشؤون الحد من الانتشار النووي.

ويقول تيري سوليفان الأستاذ بجامعة شمال كارولينا والمدير التنفيذي لمشروع التحول بالبيت الأبيض وهو برنامج أكاديمي يتتبع التعيينات: «إذا كنت تدير جنرال موتورز من دون نصف المديرين التنفيذيين فهل كنت ستصبح قلقا؟ أعتقد أن المساهمين سيصيبهم الجنون. لم يتم عرقلة الإرادة الأميركية، ولكنها تسير بخطى بطيئة».

وقد عبرت وزيرة الخارجية كلينتون عن سخطها من عدد من الأشخاص في إدارتها الشهر الماضي عندما سألها الموظفون بوكالة التنمية الدولية عن سبب عدم تعيين رئيس لهم. فقالت لهم «إن علميات المصادقة على التعيين أشبه بالكابوس، وتستغرق أطول مما نتوقع. إنها عملية مثيرة للإحباط إلى أبعد مما يمكن».

وقد أثارت عملية تشكيل فريق الإدارة إحباط الرؤساء على مدار سنوات وهو ما اتضح جليا عندما تلقى الرئيس السابق جورج بوش مذكرة، باتت شهيرة الآن، بعنوان «بن لادن عازم على ضرب الولايات المتحدة» قبل ثماني سنوات، حيث لم يكن قد أكمل تشكيل فريق الأمن القومي عندما حطمت الطائرات مركز التجارة العالمي والبنتاغون.

وقد تعهد الحزبان بإصلاح تلك العملية ما أسهم في تمكين أوباما من جمع فريق أمن قومي في وقت أبكر من سابقه في هذه المرحلة من عمر الإدارة. لكن حتى في هذه اللحظة تظل بعض المكاتب الحيوية شاغرة، إذ لا يوجد مرشح لتولي إدارة أمن النقل ووكالة حماية الحدود والجمارك وإدارة مكافحة المخدرات أو مكتب المتفجرات والأسلحة والتبغ والكحول.

ولم يحصل أوباما حتى الآن على رئيس للاستخبارات في وزارة الأمن الداخلي أو موظف مدني كبير يضطلع بمسؤولية الاستعدادات العسكرية في البنتاغون.

وقد قطع أوباما في الرئاسة مبلغه حتى أن بعض المعينين على وشك المغادرة في الوقت الذي لا تجد فيه بعض المناصب أفرادا لإدارتها. ومن بين أولئك الذين غادروا بالفعل الشخص المتهم بملء الوظائف الشاغرة، روبرت غيبس، الذي استقال من منصبة ككبير موظفي البيت الأبيض للذهاب إلى جنوب أفريقيا للعمل كسفير هناك الشهر الماضي.

ويمكن الإحساس بتلك العواقب بطرق بسيطة بدءا من العمل الإضافي للمعينين في وظائف إلى تباطؤ مراجعات السياسة والتنمية. فعلى سبيل المثال وعد أوباما بالرقابة على مبادرة أمن الإنترنت لتحسين التنسيق بين الوكالات الحكومية والقطاع الخاص توقف في الوقت الذي يبحث فيه عن شخص لإدارتها.

وقال جيمي مانلي، المتحدث باسم السناتور هاري ريد زعيم الأغلبية الديمقراطية: «هناك ما يدعو للقلق، فالرئيس يستحق أن يحصل على فريق متكامل في الوكالات المختلفة».

لكن البيت الأبيض لم يبد انزعاجاً كبيراً لأنه بحسب روايته نجح في مساعيه وربما فاق الرؤساء السابقين في توحيد حكومته. وقال بيل بيرتون نائب السكرتير الصحافي في البيت الأبيض: «بالنظر إلى أننا نفوق الإدارة السابقة فإننا نشعر بأننا نتحرك بسرعة لإنجاز كل شيء».

ويعتمد قياس التقدم في عملية التعيين في الإدارة على نوعية الوظائف التي تحصى والشخص الذي يقوم بهذا الإحصاء. وقد شملت الفترة الانتقالية للبيت الأبيض اعتماد 543 وظيفة تتطلب موافقة مجلس الشيوخ في أربع وظائف تنفيذية كبرى. وقد أعلن أوباما الأسبوع الماضي اختياراته لـ 319 من هذه المناصب لقيت موافقة من مجلس الشيوخ على 236 منهم أي 43% من الوظائف الحكومية.

ويفضل البيت الأبيض ضم سفراء ومحامين عامين ومارشالات وقضاة يخضعون أيضا للتصويت عليهم من قبل الكونغرس، لكن المفكرين لا يحصونهم. ومن خلال هذا الإحصاء يكون أوباما قد فاز بالتصديق على 304 معينين مقارنة بـ 301 بالنسبة لبوش و253 لبيل كلينتون و212 لجورج بوش الأب في هذه الفترة من عمر الإدارة.

وقال البيت الأبيض إنه إذا تم إحصاء المسؤولين التنفيذيين والمعينين السياسيين في إدارة أوباما الأدنى مرتبة الذين لا يلزم الحصول على موافقة مجلس الشيوخ عليها، فإنه يكون بذلك قد قدم وظائف لـ 1,830 شخصا وما يعتبر على أقل تقدير زيادة بنسبة 50% على أي من الإدارات الثلاث السابقة في هذه المرحلة.

ومهما كانت طريقة الإحصاء، فلا تزال هناك مئات الوظائف العليا الشاغرة مما يمثل نسبة 15% من فريق الرئيس. وفي الوقت الذي تتباطأ فيه التعيينات تشغل هذه الوظائف بقائم بأعمال صاحب المنصب حتى يتم تعيينه. ويقول البيت الأبيض إن ذلك لم يبطئ من قدرته على التغيير الفعال.

لكن القائمين بالأعمال لا يملكون حرية العمل التي يحظى بها المعينون؟ ويقول بول لايت، الأستاذ بجامعة نيويورك والمتخصص في التعيينات: «الأمر مختلف، فهم لا يملكون نفس السلطة ولا يشعرون بنفس الولاء أو الحرية في ممارسة سيطرتهم على مجال عملهم. وما تحصل عليه هو مجرد تصدع في الوكالات». وتسود حالة من تبادل اللوم، فبعد أن تم الكشف عن تخلف العديد من المرشحين عن تسديد ضرائبهم شدد البيت الأبيض من معايير ترشيحاته، كما يملك مجلس الشيوخ لجنة مالية تتكون من مسؤولين سابقين في هيئة الإيرادات الداخلية للتدقيق للمساعدة في التدقيق في ضرائب العديد من المرشحين. وقد أوقف الجمهوريون ترشيح جون ماكهو لمنصب وزير الدفاع للتأثير على ما يحدث للمعتقلين في معتقل غوانتانامو.

وقال سكوت مولهاوزر المتحدث عن اللجنة المالية إن اللجنة لا تتحمل هذا الخطأ فقد وافقت على 14 مرشحاً من بين 16 تلقت أوراقهم قبل شهر يوليو (تموز) الماضي. لكن المسؤولين قالوا إن العملية باتت أكثر تعسفا لدرجة أن العديد من المرشحين تراجعوا عن العروض المقدمة إليهم.

وقالت كلينتون الشهر الماضي: «من مر بهذه العملية أو اطلع عليها سيخبركم أن هذه العملية تزداد سوءا وإزعاجا مع كل إدارة، فهناك بعض الأشخاص الجيدين الذين لا يرغبون في التعرض للمصادقة. فعليك أن توظف محامين ومحاسبين، ولذا فإنها عملية سخيفة».

* خدمة «نيويورك تايمز»