دعوات أميركية للمالكي للإسراع بضم الصحوات إلى قوات الأمن

مستشار عسكري أميركي: تفجيرات بغداد رسالة إلى رئيس الوزراء

رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي يرافقه وزير الخارجية هوشيار زيباري يتفقد أمس محيط مبنى وزارة الخارجية التي استهدفها تفجير الأربعاء الماضي (أ.ب)
TT

يراقب مسؤولون عسكريون الشراكة الهشة بين السنة والشيعة في العراق بقلق بالغ؛ حيث حذر محللون من أن موجات العنف التي تجددت أخيرا يمكن أن تضع الدولة عند منعطف خطر.

وكانت الانفجارات التي وقعت في بغداد الأسبوع الماضي والتي خلفت 95 من القتلى قد نسبت إلى المسلحين السنة؛ وهو ما أثار سؤالا محوريا في واشنطن يتعلق بما إذا كان قطاع كبير من المجتمع السني قد بدأ في تأييد تلك الهجمات.

وحتى هذه اللحظة، لا يعتقد المسؤولون العسكريون والمحللون الأميركيون أن حربا طائفية قد اندلعت، ولكن انسحاب الولايات المتحدة من المدن العراقية في 30 يونيو (حزيران) قد أثار حفيظة السنة الذين كانوا يرون في الوجود الأميركي حماية ضد قمع الشيعة لهم، ويأمل الخبراء في أن يجد رئيس الوزراء نوري المالكي طريقا لكي يهدئ هذه المخاوف.

يقول ستيفن بيدل، الأكاديمي بمجلس العلاقات الخارجية مستشار قادة الجيش: «هذه لحظة حرجة للغاية، ويمكن أن يخرج الأمر عن أيدينا ببساطة».

ويخشى المسؤولون الأميركيون والمحللون من أن يزيد النزاع المستمر من حدة التوتر العرقي والديني ويهدد البرامج التي أثبتت فعالية في الحد من العنف.

وفي الوقت نفسه، فإن الخيارات المطروحة أمام الولايات المتحدة هي خيارات محدودة؛ حيث تعارض حكومة المالكي، التي يهيمن عليها الشيعة، باستمرار أي تواجد للدوريات التابعة للقوات الأميركية في المناطق المدنية.

وكانت الحرب الطائفية في العراق قد خفت حدتها بعدما توقف السنة عن تقديم المساعدات للمسلحين؛ ورفضوا منحهم ملاجئ يحتمون بها، وساعدوا في عرقلة قدرتهم على التنقل بحرية. فيقول بيدل: «الآن ونحن نشهد ذلك مرة أخرى، أعتقد أن هناك احتمالية لأن يكون السنة الذين كانوا يرفضون تأييد العنف قد قرروا السماح ببعضه الآن».

ويقول مسؤولون ومحللون بالجيش إن الحصول على تأييد للمالكي الكامل للمبادرة التي تدعمها الولايات المتحدة لتنظيم المتمردين السنة السابقين في قوات أمنية محلية أطلق عليها «أبناء العراق» أو «الصحوة» أصبح أمرا حيويا للغاية.

ففي البداية، كان «أبناء العراق» يتقاضون أجورهم من الولايات المتحدة، ثم أقرت الحكومة العراقية بمسؤوليتها عن 95 ألف شخص يعملون في ذلك البرنامج في يونيو (حزيران) الماضي، وحاولت دمجهم تدريجيا في قواتها الأمنية ووزارتها الحكومية.

ولكن حكومة المالكي كانت لديها شكوك حول البرنامج، حيث تخشى أن تسلح وتدفع رواتب للمتمردين السابقين والأعضاء في حزب البعث التابع لصدام حسين.

ومع ذلك، فقد انضم حوالي 13 ألفا من القوات العراقية حتى الآن إلى القوات الأمنية العراقية، بالإضافة إلى منح حوالي 3300 آخرين وظائف في الوزارات الحكومية.

ويعتقد خبراء الجيش الأميركي في العراق أن البرنامج يسير بخطى ثابتة، ولكن الانقسامات الطائفية تظل قائمة.

يقول مسؤول بالجيش رفض الإفصاح عن هويته نظرا لحساسية القضية: «من الجيد أن نعتقد أنهم سوف يندمجون بالكامل وأنهم سوف يتقدمون بدون توتر وضغوط، ولكنني لا أعتقد أن ذلك ممكن».

ويقول بعض المحللين إن تردد المالكي بشأن الإسراع في تعيين القوات السنية في المواقع الحكومية والقوات الأمنية يمكن أن يؤدي إلى عودة بعض السنة المحبطين إلى التمرد.

ويقول المحللون إن المالكي كان مؤيدا للبرنامج خاصة في المناطق الريفية التي كان السنة فيها أكثر تنظيما بالإضافة إلى التنظيمات القبلية. ولكنه أبدى بعض التشكك حيال السنة في المناطق المدنية مثل محافظة ديالى شمال شرقي بغداد حيث كان التمرد فيها أكثر عنفا، كما أنه كان منظما سياسيا.

وتقول كمبرلي كاغان، مستشارة لقادة الجيش في العراق ومؤسسة معهد دراسات الحرب: «لقد كان تردد المالكي في ضم (أبناء العراق) إلى القوات العراقية في ديالى واضحا للغاية. فقد استهدف المالكي القيادات الرئيسية في (أبناء العراق) واعتقل عددا من أكثر قياداتهم أهمية».

ولكن كاغان وزوجها فريدريك كاغان الخبير بأكاديمية المشروعات الأميركية قالا إنه حتى وإن كان المالكي قد اتخذ موقفا عدائيا من السنة في ديالى فإنه قد اتخذ موقف الحليف السياسي من آخرين. ويضيف فريد كاغان: «يحاول المالكي التودد إلى قيادات السنة السياسيين، ولكن القضية الأساسية هي أن جميع هذه الموضوعات أصبحت مطروحة في الساحة السياسية».

وكانت الحكومة العراقية قد بثت يوم الأحد مقطعا مصورا لاعتراف أحد الرجال الذي يزعم أنه العقل المدبر لأحد الانفجارات التي وقعت يوم الأربعاء في وزارة المالية. كما قال إنه كان عضوا في حزب البعث الممنوع والذي قال إنه يحاول إعادة تنظيم نفسه في مقاطعة ديالى. وأضاف أنه كان يتلقى الأوامر من أحد النشطاء في حزب البعث العراقي من سورية.

ولا توجد وسيلة يمكن أن نتحقق بها من كلام هذا الرجل، كما أن مصداقية مثل هذه الاعترافات كانت محل شك في الماضي. ويرى بيدل دلالات على توتر أكثر عمقا في الهجمات الأخيرة؛ فيقول: «أنظر لهذه الانفجارات وأفكر في احتمال أن يكون المجتمع السني يحاول إرسال رسالة إلى المالكي تفيد بأنه يجب عليه احترام مصالحهم، وأن هناك تكلفة لمعاملة السنة معاملة قاسية».

وربما يفيد ظهور القوات الأميركية مرة أخرى في شوارع بغداد في طمأنة السنة، ولكن بيدل يقول: «ولكن يجب أن تطلب الحكومة العراقية منا ذلك، حيث إننا ليست لدينا قدرة على الإصرار».

ويقلل المسؤولون بالجيش الأميركي من احتمالية عودة القوات الأميركية لمواقعها السابقة، خاصة في ظل المعارضة السياسية القوية داخل الحكومة العراقية.

وقد قال فريد كاغان إن عودة القوات الأميركية إلى داخل المدن العراقية سيكون له تأثير «كارثي» بالنسبة لاستراتيجية الولايات المتحدة.

* خدمة «لوس أنجليس تايمز» خاص بـ«الشرق الأوسط»