ليبرمان: التسوية السلمية لن تتحقق خلال الـ 16 سنة المقبلة

عشية سفر نتنياهو إلى لندن وبرلين

بنيامين نتنياهو رئيس وزراء اسرائيل وزوجته سارة لدى صعودهما الى الطائرة التي اقلتهما أمس الى لندن (رويترز)
TT

في الوقت الذي سافر فيه رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، إلى لندن وبرلين مصرحا بأنه يسعى لاستئناف مفاوضات السلام مع الفلسطينيين حتى نهاية شهر سبتمبر (أيلول) المقبل، أعرب وزير خارجيته، أفيغدور ليبرمان، عن تقديره بأن تسوية على أساس مبدأ دولتين للشعبين هو طموح بعيد. وقال: «لقد مضت 16 سنة على توقيع اتفاقيات أوسلو ولم يتحقق السلام بيننا وبين الفلسطينيين. وأنا أراهن بأن سلاما كهذا لن يتحقق بعد 16 سنة أخرى من الآن».

وقال ليبرمان، الذي كان يتكلم الليلة قبل الماضية أمام دبلوماسيين أجانب في تل أبيب، إن السبب في تشاؤمه يعود إلى وضع الفلسطينيين و«مواقفهم المعادية للسلام». وما يعتبره ليبرمان عداء للسلام هو المطلب الفلسطيني، الذي يؤيده الرئيس الأميركي باراك أوباما، بضرورة تجميد البناء الاستيطاني. فقال: «هناك تجميد للاستيطان على أرض الواقع. ولكن هل يعقل أن تكون هناك حكومة يمين في إسرائيل تلتزم بمنع اليهود من البناء لسد احتياجات التكاثر الطبيعي؟ هل يعقل أن نوقف البناء لليهود في القدس ونحن نرى كيف يبني الفلسطينيون بلا توقف؟».

ومع ذلك، قال ليبرمان إنه لن يشوش على نتنياهو نشاطه مع الأميركيين ولن يقف حجر عثرة أمام الجهود لاستنفاد كل الوسائل من أجل استئناف مفاوضات السلام، قبل أن يضيف «إنني متشائم، ولكنني أتمنى أن أكون مخطئا».

وكان نتنياهو قد توجه إلى لندن من أجل لقاء المبعوث الأميركي لعملية السلام في الشرق الأوسط، جورج ميتشل، ولقاء رئيس الوزراء البريطاني، غوردن براون. ثم سيتوجه إلى برلين للقاء المستشارة الألمانية، أنجيلا ميركل. وأعلن مسؤول كبير في الحكومة عشية السفر أن نتنياهو سيبحث القضية الإيرانية محاولا إقناع مقابليه بضرورة تشديد العقوبات الاقتصادية على إيران للضغط عليها في سبيل وقف مشروعها للتسلح النووي. ولكن جل هذه الجولة يستهدف البحث في عملية السلام في الشرق الأوسط.

وأوضح المسؤول الإسرائيلي المقرب من نتنياهو، أنه يتوقع تحقيق تقدم في المحادثات مع ميتشل ولكنه لا يتوقع اختراقا كبيرا. ويعتقد بأنه سيحتاج إلى لقاء ثان أو أكثر حتى تتم بلورة صيغة تتيح الانطلاق في عملية السلام، وأنه يأمل أن يتم استئناف المفاوضات في نهاية سبتمبر (أيلول) المقبل، بعد إجراء لقاء قمة ثلاثي بمشاركته والرئيس الفلسطيني، محمود عباس، والرئيس الأميركي، باراك أوباما.

وقال المسؤول ذاته إن الأجواء بين إسرائيل والولايات المتحدة بدأت تستقر على رياح إيجابية، وإن الطرفين معنيان بأجواء حسنة، لأن ذلك يساعد أكثر على التقدم في عملية السلام.

ومن الطرف الآخر، قال أمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية، ياسر عبد ربه، في تصريح للإذاعة الفلسطينية الرسمية من رام الله، إنه لا يوجد أي تقدم يبشر فعلا بإمكانية استئناف مفاوضات السلام. وعاد ليؤكد الموقف الفلسطيني القائل إنه من دون تجميد فوري كامل للاستيطان، لا يمكن استئناف المفاوضات. وحسب مصادر إسرائيلية داخلية، فإن تجميدا تاما للاستيطان لن يكون، وأن إسرائيل تصر على إكمال المشاريع التي بوشر العمل ببنائها، وتريد أن يكون التجميد لمدة محدودة. وبعد أن كانت تطالب بأن تحدد المدة في شهرين أو ثلاثة أشهر، وافقت على تجميده مدة تتراوح بين 9 و12 شهرا. وذكرت المصادر ذاتها أن الطاقم القيادي في الحكومة الإسرائيلية، المؤلف من نتنياهو وخمسة وزراء، يتخذ مواقف متباينة من المحادثات مع الأميركيين. فهناك وزير الدفاع، إيهود باراك، المنسجم تماما مع المطالب الأميركية ويعتبر أقرب وزراء إسرائيل حاليا إلى الإدارة الأميركية. وهو يؤيد تجميد الاستيطان والسعي إلى مفاوضات جادة ومثابرة حول السلام الإقليمي مع الفلسطينيين وسائر العرب. وهناك دان مريدور، وزير شؤون المخابرات، الذي يعارض افتعال الأزمات مع الأميركيين، ويطالب بالتجاوب مع مطالبهم لكي تتحسن هذه العلاقات وتعود إلى ما كانت عليه في فترة الرئيس جورج بوش. وهناك ثلاثة وزراء متطرفون، هم ليبرمان، ووزير الشؤون الاستراتيجية، موشيه يعلون، ووزير الدولة بيني بيغن.

وإذا كان ليبرمان قد قرر أن لا يعرقل جهود نتنياهو على أمل أن يسجل الرفض على اسم الفلسطينيين، فإنه يظل لا يستطيع لجم لسانه ضد الأميركيين والفلسطينيين. بينما يعارض بيغن عملية السلام من أساسها، ولكنه يسكت، لأنه يؤمن بأن الخلافات الفلسطينية الداخلية كفيلة بإجهاض عملية السلام. أما يعلون فهو أيضا ضد عملية السلام من أساسها، ويدعو إلى تحدي الأميركيين والاستمرار في الاستيطان.

وفي سياق ذلك، يناور نتنياهو، بين آراء وزرائه. فمن جهة، هو مقتنع بأن الفلسطينيين والعرب هم الذين سيجهضون المبادرة الأميركية للسلام. ومن جهة ثانية، يحاول إرضاء اليمين المتطرف والمستوطنين. لأنه غير معني بصدامات مع الأميركيين، في الوقت الذي يدير فيه محادثات إيجابية مع ميتشل، ويستعد لإجراء لقاء إيجابي مع أوباما أيضا.