أميركا تقر تشكيل وحدة خاصة لاستجواب معتقلي الإرهاب المهمين

وزارة العدل الأميركية تفتح ملف انتهاكات الـ«سي آي ايه» للمعتقلين مجددا

TT

فتح تقريران من وزارة العدل الأميركية نشرا أمس ملف انتهاكات وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية «سي آي ايه» للمعتقلين في قضايا إرهاب مجددا لتصدر أصوات جديدة تنادي بضرورة تعامل الحكومة الأميركية معها. وبينما كان الرئيس الأميركي باراك أوباما قد قال سابقا إنه لا يريد أن يسيس القضية المتعلقة بعمل إدارة سلفه الرئيس الأميركي السابق جورج بوش، فإن مقترح مكتب الأخلاقيات في وزارة العدل الأميركية بالتحقيق بعدد من قضايا الـ«سي آي ايه» قد يجبر إدارة أوباما على إعادة فتح ملفات الانتهاكات.

جاء ذلك بينما قال مسؤولون بارزون في الإدارة الأميركية وفقا لواشنطن بوست، إن الرئيس الأميركي باراك أوباما وافق على تشكيل فريق نخبة من المحققين لاستجواب البارزين من المشتبه في ضلوعهم في أعمال إرهابية، ويأتي ذلك في إطار مساعي أوسع لتعديل السياسية الأميركية الخاصة بعمليات الاعتقال والاستجواب. ووقع الرئيس أوباما في نهاية الأسبوع الماضي على قرار بهذا الصدد، ومن المقرر أن يُطلق على الوحدة الجديدة «مجموعة استجواب المعتقلين الهامين». وتتكون الوحدة من خبراء من العديد من الهيئات الاستخباراتية وهيئات تطبيق القانون، ومن المقرر أن يكون مقرها داخل مكتب المباحث الفيدرالي (إف بي آي) ولكن سيشرف عليها مجلس الأمن القومي، وهو ما يساعد على تحويل مركز الثقل عن وكالة الاستخبارات المركزية (سي آي ايه) مع منح البيت الأبيض القدرة على الإشراف بصورة مباشرة.

وخلال سعيه إلى إحداث تحول واضح عن سياسات إدارة بوش، عمل الرئيس أوباما على تعديل القواعد المحددة لعمليات الاعتقال والاستجواب بمجرد توليه مهام منصبه، وكان من بين ذلك قيامه بتشكيل فريق عمل مسؤول عن سياسات الاعتقال ونقل السجناء إلى الدول الأخرى. وكان فريق العمل، الذي سوف تنشر نتائج تقييماته أمس، قد أوصى بتشكيل وحدة تحقيقات جديدة مع تعديلات أخرى بخصوص طريقة نقل السجناء إلى الدول الأخرى. ومن المقرر أن يقوم فريق عمل آخر مسؤول عن المعتقلين بالبت في مصير المعتقلين الموجودين في خليج غوانتانامو بكوبا والإجراءات المستقبلية الخاصة بالمدة التي يقضيها المشتبه في ضلوعهم في أعمال إرهابية رهن الاعتقال والأماكن التي سيحتجزون فيها.

وطبقا للإرشادات الجديدة، يجب أن يمارس المحققون عملهم في إطار دليل الجيش الميداني عند استجواب مشتبه فيهم. ويقول مسؤولون إن فريق العمل خلص بالإجماع إلى أن «دليل الجيش الميداني يقدم إرشادات مناسبة بخصوص عمليات التحقيق للمحققين العسكريين، وأنه لا توجد حاجة إلى إرشادات إضافية أخرى للهيئات الأخرى»، حسب ما أفاد به ملخص من ثلاث صفحات تناول ما توصل إليه فريق العمل. وتحدث المسؤولون شريطة عدم ذكر أسمائهم كي يناقشوا المواضيع الاستخباراتية بحرية أكبر.

ويعني استخدام دليل الجيش الميداني أن وسائل معينة في المنطقة الرمادية بين التعذيب والاستجواب القانوني، مثل تشغيل موسيقى صاخبة أو حرمان السجناء من النوم، لن يكون مسموحا بها. وقال مسؤول بارز إن الوسائل المسموح بها كانت قضية «تم بحثها بعمق». وكان الرئيس أوباما قد حظر إجراءات معينة مشددة كانت تسمح بها إدارة بوش، مثل عمليات الإيهام بالغرق. ولكن، أوصى فريق العمل التابع لإدارة أوباما الوحدة الجديدة بأن تصوغ «برنامج بحثي عملي للاستجواب» من أجل الوصول إلى وسائل جديدة ودراسة الوسائل القائمة لمعرفة أيها يحقق ثمرة. وستقوم الوحدة الجديدة بصورة أساسية بتحديد مجموعة من أفضل الوسائل الخاصة بالتحقيق ومبادلتها مع الهيئات الأخرى التي تقوم باستجواب السجناء. وستقوم الإدارة بنشر الإرشادات الجديدة في اليوم الذي تراه في الوقت الذي تحظى فيه الممارسات الأسوأ التي اتبعتها إدارة بوش بصدى إعلامي جديد، حيث ستدرج تفاصيل جديدة عن معاملة السجناء في تقرير طال انتظاره للمفتش العام بوكالة الاستخبارات المركزية بخصوص برنامج تحقيقات الوكالة يُكشف النقاب عنه يوم الاثنين. ومن شأن التقرير أن يتسبب في نقاش جديد بين أفراد الإدارة الحالية والإدارة السابقة حول ما إذا كانت هذه الوسائل ضرورية لدفع المعتقلين إلى التعاون ومن ثم المحافظة على سلامة البلاد.

وينظر وزير العدل إريك هولدر فيما إذا كان سيعين مدعيا جنائي للتحقيق في ممارسات الاستجواب السابقة الخاطئة. وكان الرئيس أوباما ومسؤولون في البيت الأبيض قد أكدوا رغبتهم في دراسة الأمن القومي، وقال السكرتير الصحافي بالبيت الأبيض روبرت غيبس خلال الأسبوع الماضي، إن الإدارة يحدوها الحماس والرغبة في «المضي قدما» و«ليست عمليات المقاضاة التي تنظر للخلف هي ما نرى أنه يصب في المصالح الأمثل للبلاد».

ولكن الحديث عن الممارسات السابقة يركز الانتباه على إدارة بوش، وحسب ما أفادت به تقارير أخيرة، فإن وكالة الاستخبارات المركزية استعملت شركة «بلاك ووتر يو إس ايه» لقتل عملاء بارزين للقاعدة. وبالإضافة إلى وحدة التحقيق الجديدة، أوصى فريق العمل التابع لإدارة أوباما بأن تلعب وزارة الخارجية دورا أكثر فاعلية في نقل المعتقلين بين الدول. وعندما تنقل الولايات المتحدة سجينا إلى دولة أخرى، فإنه يمكنها «الاعتماد على تطمينات» من الحكومة الأخرى بأن المعتقل لن يتم تعذيبه. ويقول المسؤولون إن وزارة الخارجية سوف تقوم الآن بالمشاركة في تقييم ما إذا كانت هذه التطمينات صادقة وستسعى الولايات المتحدة للوصول إلى وسائل جديدة لمراقبة معاملة السجناء في السجون الخارجية. وأفاد المخلص بأن هناك توصيات أخرى بخصوص عمليات نقل السجناء ولكنها سرية.

وسيكون لأفراد وحدة الاستجوابات الجديدة الصلاحية في التنقل حول العالم للحديث إلى مشتبه فيهم وسيتم تدريبهم على التعامل مع أشخاص هامين مثل زعيم القاعدة أسامة بن لادن. وسيتم توفير لغويين ومتخصصين ثقافيين ومتخصصين في التحقيقات للوحدة وسيكون لديهم «جزء من السلطة» بخصوص نوعيات المعتقلين، حسب ما قاله مسؤول بارز في الإدارة. ومن المقرر أن يعمل معظم أفراد الوحدة دواما كاملا، ولكن سيكون هناك دعم مؤقت من مكتب التحقيقات الفيدرالي.

ومن المتوقع أن يكون مدير «مجموعة استجواب المعتقلين الهامين» من مكتب التحقيقات الفيدرالي وسيكون النائب من أحد الهيئات الاستخباراتية مثل وكالة الاستخبارات المركزية. وأعلن وزير العدل الأميركي هولدر أمس، أن «فريق العمل الخاص بسياسات التحقيق ونقل المعتقلين»، الذي أمر الرئيس الأميركي باراك أوباما بتشكيله بعد توليه الرئاسة، أوصى بتأسيس فريق خاص بالتحقيق يشمل مسؤولين من وكالات الاستخبارات ووزارة الدفاع. وأضاف هولدر في بيان حصلت «الشرق الأوسط» عليه أنه «لا يوجد توتر بين تقوية أمننا الوطني والحفاظ على التزامنا بسيادة القانون».