كتلة عون: هل يتحمل البطريرك تبعة عدم تمثيل الطائفة الشيعية؟

جدل حول إعادة نشر دعوة صفير لحكومة أكثرية تحكم وأقلية تعارض

TT

شهدت دعوة البطريرك الماروني نصر الله صفير إلى تأليف حكومة على قاعدة أكثرية تحكم وأقلية تعارض، فضلا عن انتقاده سلاح حزب الله، سجالا في الداخل اللبناني رغم أنها نُشِرت وبُثت بعد أكثر من شهر على إدلاء صفير بهذا الكلام «ذلك أنه يعكس حقيقة مواقفه»، كما رأى مسؤولون مسيحيون معارضون. وقد رد نائب «القوات اللبنانية» أنطوان زهرا في اتصال أجرته به «الشرق الأوسط» على المنتقدين، فقال إن «كلام البطريرك لا يدعو إلى الاستغراب، ما دام أنه هو الكلام الذي نكرره يوميا. إنه يؤدي دور الضمير الوطني والمنبه لقيام حياة وطنية سوية والداعي للحفاظ على التوازن. إنه يعكس الرؤية التامة للبطريركية المارونية. وإذا كان البعض ينتقد مواقفه فلأنه يريد خدمة مصالحه. فالبطريرك ضمير وطني وتاريخي يعلو فوق المصالح الآنية». وعن إمكان تأليف حكومة لا تضم حركة أمل وحزب الله، قال: «يمكن أن تتمثل الطائفة الشيعية بأصدقاء مقربين من هذين الفريقين إذا ارتأيا عدم المشاركة. إنما لا مانع من مشاركتهما على ألا يكون ذلك على أساس شروط تعطيلية وتعجيزية».

وفي مقابل المواقف من كلام صفير، كان لافتا البيان الذي أصدره الرؤساء العامون للرهبانيات اللبنانية الذي أكدوا فيه «حضورهم الدائم» بجانب صفير «في خدمة الكنيسة والوطن»، رغم أنهم حضوا المسؤولين على التعجيل بتأليف «حكومة وحدة وطنية جامعة».

وفيما آثر عضو تكتل التغيير والإصلاح، النائب وليد الخوري، عدم الإدلاء بأي موقف من كلام صفير، مفضلا انتظار اجتماع التكتل، قال لـ«الشرق الأوسط» إن «كلام البطريرك لم يتغير قبل الانتخابات (البرلمانية التي أجريت في 7 يونيو /حزيران الفائت) وبعدها وقبلها بأربع وعشرين ساعة حين تدخل عبر تحذيره من الخطر الذي يتهدد الكيان. الواقع أن البطريرك اتخذ موقفا سياسيا ولا تزال مواقفه تعكس هذا الخيار، ونحن في السياسة مختلفون معه. وفيما خص سلاح حزب الله نذكره بأن الرئيس الراحل رفيق الحريري كان أول من دافع عنه، وليبتعدوا عن تحميلنا مسؤولية سلاحه». وأضاف: «فلندرك جميعا أن عدونا واحد وواضح وهو إسرائيل، خصوصا بعد اكتشاف سلسلة شبكات التجسس التي لم ينته التحقيق بشأنها والأرجح أن تكون ضالعة في عمليات التخريب والتفجير والاغتيال التي حصلت في السنوات الأخيرة. فلنعلم أن الهدف الأساسي هو إبقاء الفلسطينيين في لبنان والحل لن يكون إلا بالمقاومة. كنا نفضل أن تكون المقاومة متمثلة بجميع الأطراف إنما هذا واقعنا. لذلك فلنعمل على الأقل على تسليح الجيش». وسأل: «لماذا لم تسلح الحكومات السابقة التي رأسها رفيق الحريري ـ وكان فؤاد السنيورة أساسيا فيها ـ الجيش بعدما حلت الميليشيات؟ صحيح أن سورية لعبت دورا إنما أين كان اللبنانيون وأين كان البطريرك؟».

وفي ما خص الموضوع الحكومي، قال: «لطالما كانت الحكومات في لبنان توافقية، وهل يرضى البطريرك بإخراج الفريق الشيعي من الحكومة ليعارض خارجها بما أن الفريق الشيعي يتمثل بحركة أمل وحزب الله؟ هذا سيكون مشروع فتنة إذا تم ولا أعتقد أن البطريرك يرضى به، فجميعنا نعلم أن لبنان ليس سويسرا بل دولة مريضة لم تتعاف من الطائفية. فلنخرج من الإطار اللبناني الضيق ولنر ما يدور حولنا، فلبنان لا يمكن أن نختصره بجبل لبنان وجونيه وحريصا (حيث الأكثرية المسيحية)».

بدوره، كان عضو التكتل نفسه المقرب من رئيس «تيار المردة» النائب سليمان فرنجية، سليم كرم، أكثر حدة حين رأى أنه «إذا بقيت مواقف غبطة البطريرك على حالها، فلن يبقى مسيحي في لبنان». وقال لـ«الشرق الأوسط»: «إن غبطته يتدخل في السياسة، فيما يفترض أن يكون حاضنا للجميع ومباركا لهم، ذلك أن كل طرف سياسي مسيحي يتخذ خيارا مختلفا عن الآخر. ولا يعقل أن نحاكم طرفا على مواقفه». وأضاف: «ماذا تفيد مواقف التطرف والعزل وتصوير الآخر على أنه يمثل خرابا للبنان؟ وبالنسبة إلى امتلاك حزب الله السلاح، لست من مؤيدي ذلك إذا كان سيستخدم في الداخل، إنما أؤيده حين يكون للدفاع عن لبنان وحمايته. الواقع أنني حتما ضد البطريرك إذا كان يقف ضد أكبر كتلة مسيحية تطالب بحقائب سيادية وتحارب الفساد. وحين يتكلم عن تجربة فاشلة للحكومة السابقة، فهل يتحمل مسؤولية أن تعارض الأقلية من خارجها حتى تملى التعيينات وتتراكم الديون في ظل وضع أمني سيئ؟».

وفيما سأل: «ما المانع من تأليف حكومة وحدة وطنية، علما أن الخلافات موجودة دائما في لبنان؟»، واستغرب «سفر الرئيس المكلف سعد الحريري إلى الخارج»، معتبرا أنه «أمر غير مقبول». وقال: «كلما شعرنا باقتراب الحل ثمة من يسارع إلى العرقلة من دون تقديم تفسيرات وافية. أعتقد أنه يجب احترام إحجام الكتل النيابية في التمثل في الحكومة. وبالنسبة إلى توزيع الحقائب إذا كان البعض يبدي خشية من تسلم طرف ما هذه الحقيبة أو تلك، فهذا يعني غياب الثقة وهذا أمر معيب».