هل يضيع أوباما وقته في محاولته استمالة السعوديين؟

TT

بينما تعزز إدارة الرئيس الأميركي باراك أوباما من اتصالاتها وعلاقاتها بالسعودية، أشارت مصادر أميركية إلى أن واشنطن حريصة على الحصول على دعم الرياض في عدد من الملفات والقضايا.

وأورد تقرير سياسي في مجلة "نيو ريببلك" الأميركية ان الرئيس الأميركي الجديد باراك أوباما في حاجة ماسة لجهود الملك عبد الله بن عبد العزيز من أجل إنجاح خططه وسياساته الجديدة في كل من العراق وأفغانستان، وباكستان، وإيران، وغوانتانامو، ومكافحة الإرهاب، وحل الأزمة الاقتصادية العالمية المتصاعدة، بالإضافة لحل أزمة الشرق الأوسط.

وجاء في التقرير الذي كتبه مايكل كرولي ما يلي:

سجلت كاميرات التصوير في مؤتمر القمة الاقتصادي العالمي الذي انعقد في لندن في أبريل (نيسان) الماضي انحناء الرئيس الأميركي باراك أوباما للملك عبد الله بن عبد العزيز عند مصافحته له.

ولم يكن ذلك مستغربا لما للرئيس الأميركي الجديد باراك أوباما من حاجة ماسة لجهود الملك عبد الله بن عبد العزيز من أجل إنجاح خططه وسياساته الجديدة في كل من العراق وأفغانستان، وباكستان، وإيران، وغوانتانامو، ومكافحة الإرهاب، وحل الأزمة الاقتصادية العالمية المتصاعدة، بالإضافة لحل أزمة الشرق الأوسط التي من المؤمل أن تلعب المملكة العربية السعودية وعلى رأسها الملك عبد الله بن عبد العزيز دورا فاعلا فيها.

وقال أحد مسؤولي إدارة الرئيس أوباما أن للمملكة العربية السعودية ثقلا مهما ودورا حيويا في كل مجال. ولهذا السبب حرص الرئيس أوباما على أن يوطد علاقاته بالملك عبد الله بن عبد العزيز منذ وصوله لسدة الحكم. كما تحدث على الهاتف مع الملك عبد الله أكثر من مرة إحداها قبل إلقاء خطابه المهم بالقاهرة في 4 يونيو (حزيران) الماضي، كما وضع الملك عبد الله حول عنق الرئيس أوباما قلادة من ذهب عندما زاره في مزرعته الخاصة خارج مدينة الرياض قبل توجهه لإلقاء خطابه بمصر.

وقال مسؤول كبير بالبيت الأبيض إن الملك عبد الله يحب أن ينجز ما يريد بمقابلته للشخص وجها لوجه، وبالنسبة له فإن الأمر يبدأ وينتهي من خلال العلاقة الشخصية، فمن المهم قبل الدخول لأي قضية أن يتم بناء أواصر تلك العلاقة أولا.

وعلى الرغم من حرص كل من القائدين على بناء علاقات حميمة بينهما، إلا أن العلاقة السعودية ـ الأميركية التي تتعرض للتوتر من وقت لآخر قد تنذر بتقويض السياسة الخارجية للرئيس أوباما على العديد من الجبهات ابتداءً من عملية السلام في الشرق الأوسط وانتهاءً بالعراق وأفغانستان، على الرغم من حرص البيت الأبيض على تجنب وقوع مواجهة مع القائد السعودي، وخطب وده وتعاونه خصوصا أن أوباما يحتاج للسعوديين أكثر مما يحتاج السعوديون له.

والحقيقة إن أكثر ما يهدد بخلخلة أواصر العلاقة بين الطرفين هو قضية الشرق الأوسط، وإصرار المملكة على الالتزام بما ورد في خطة السلام التي اقترحتها المملكة وأقرتها الجامعة العربية في مؤتمر قمة بيروت عام 2002، وعدم إجراء أي تغييرات ملموسة في جوهر تلك المبادرة، والتركيز على القضايا الرئيسية وإرجاء القضايا الهامشية لما بعد. وأكد ذلك المفهوم وزير الخارجية السعودي الأمير سعود الفيصل في مؤتمره الصحافي مع وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون لدى زيارتها الأخيرة للمملكة، إذ أكد الفيصل أن على إسرائيل أن تقرر هل هي جادة بالفعل في التوصل لسلام، وأنها برفضها للسلام تدفع المنطقة لحافة الهاوية والدمار وعدم الاستقرار ودوامات العنف.

ولقد أشار بعض المراقبين إلى أن أوباما حاول أن يحصل على تنازلات من السعوديين بشأن عملية السلام لصالح إسرائيل خلال زيارته الأخيرة للرياض، ولكنه شعر بنوع من الإحباط عندما لم يتمكن من ذلك.

وقال مسؤول سابق في إدارة بوش إن مثل هذا الموقف لم يكن مستغربا، بل تكرر مرارا خلال زيارات الرئيس السابق بوش للرياض، وهو شيء شبه مجمع عليه بين معظم أعضاء إدارة الرئيس بوش السابقين.

وقال أحد مسؤولي إدارة أوباما إن لقاء الملك عبد الله بالرئيس الأميركي أوباما الأخير في الرياض كان ناجحا خلافا لما أشيع من أن الملك عبد الله قد ألقى موعظة على الرئيس أوباما بشأن إسرائيل بدون اعتبار له.

من ناحية أخرى تعتقد إدارة الرئيس أوباما أن باستطاعة السعوديين أن يسهموا بجهد طيب في استقبال عدد من اليمنيين المحتجزين في سجن غوانتانامو ويحاولوا إعادة تأهيلهم داخل مراكزهم الناجحة، إذ بدأ موعد إغلاق سجن غوانتانامو النهائي يقترب.

كما يعتقد الرئيس أوباما أن باستطاعة المملكة المساعدة في حل أزمة برنامج إيران لتخصيب اليورانيوم بطريقة أو بأخرى، خصوصا أن هناك تنافسا للسيطرة الإقليمية بين المملكة وإيران، كما تخشى المملكة وباقي دول الخليج من امتلاك إيران سلاحا نوويا وبسط كامل هيمنتها على باقي المنطقة كقوة شيعية.

واقترح المحلل دنيس روس الذي قابل الملك عبد الله مطلع هذا العام أن على السعوديين أن يمارسوا ضغوطهم المادية ضد إيران وذلك بتشجيع البنوك الأوروبية على قطع كافة علاقاتها المالية بإيران مقابل مكافآت من السعوديين، ومنع من يتردد في ذلك من البنوك الغربية من ممارسة أي نشاطات تجارية داخل المملكة. كما اقترح أن تمارس المملكة ضغوطها على الصينيين لاتخاذ مواقف أكثر تصلبا تجاه إيران.

ولكن المحلل نيكولاس بيرنز يقول إن الملك عبد الله يتسم بالحذر في التعامل مع مثل هذه القضايا الحساسة، ولا يريد أن يبدو بأنه ينضم لصف الولايات المتحدة والغرب ضد دولة إسلامية.

كما تأمل إدارة أوباما أن تلعب المملكة دورا في إحلال السلام في أفغانستان وباكستان، ودعم نظام الحكم الحالي في العراق بإرسال سفير للمملكة إلى بغداد وهو تحرك ظلت المملكة تمقته في ظل تصاعد نفوذ النظام الشيعي الموالي لإيران في العراق. وقال محلل غربي إنه على الرغم من تحسن العلاقة بشكل كبير بين واشنطن والرياض في الآونة الأخيرة، إلا أن الرياض تظل متخوفة من أن تقدم إدارة أوباما على إبرام صفقة خاصة مع طهران على حساب الرياض والذي يضاعف من مخاوف السعوديين من تصاعد نفوذ الشيعة في المنطقة.