رفسنجاني يتهم صهر نجاد بالتآمر ضد القيادة الإيرانية.. ومنتظري يحذر من سقوط النظام

نائب إيراني يتحدث عن ثبوت هتك أعراض بعض المحتجزين

صورة رسمية وزعها مكتب احمدي نجاد أمس للمرشحات الثلاث في حكومته الجديدة ( أ ب)
TT

وسط حالة من الغضب الشديد بسبب استمرار اعتقال المئات من قادة الحركة الإصلاحية والمتظاهرين الذين خرجوا احتجاجا على نتائج الانتخابات الإيرانية، حذر آية الله العظمى حسين علي منتظري السلطات الإيرانية من تداعيات خطيرة، مؤكدا أن إدارتها للأزمة التي تلت الانتخابات «تهدد بإسقاط النظام». وقال منتظري في بيان نشر على موقعه على الانترنت «آمل أن تستيقظ السلطات قبل فوات الأوان ومزيد من تلطيخ سمعة الجمهورية الإسلامية.. وقبل أن يتسببوا بإسقاط نظامهم بأنفسهم». وطالب منتظري بوقف «المحاكمات المسرحية» التي وصفها بأنها «تحريف للعدالة الإسلامية» وحض السلطات على «عدم التمادي في الطريق السيئة التي اختارت سلوكها». وأضاف «عليهم على الأقل التحلي بالشجاعة ليعلنوا أن هذه الحكومة لا علاقة لها بالجمهورية ولا بالإسلام، طالما لا أحد يحق له الاعتراض، أو الانتقاد أو إبداء الملاحظات».

ومنتظري كان أحد أوائل الشخصيات التي وجهت النقد الحاد إلى النظام بسبب طريقة تعامله مع الاحتجاجات التي تلت الانتخابات. وفي أواخر يونيو (حزيران) حذر من أن قمع التظاهرات قد يؤول بالحكومة إلى السقوط. وفرضت الإقامة الجبرية على آية الله العظمى منتظري الذي كان يعتبر الخليفة المحتمل لآية الله الخميني من 1997 إلى 2003 بسبب انتقاداته للنظام.

وجاء بيان منتظري الحاد اللهجة أمس وسط ضغوط مستمرة من مسؤولين نافذين بالنظام من بينهم رئيس مجلس الخبراء هاشمي رفسنجاني لإطلاق سراح المعتقلين السياسيين، خصوصا أن العديد منهم بات يعاني من حالة جسدية ونفسية سيئة. ويأتي ذلك بينما نقل عن نائب بالبرلمان الإيراني أمس قوله انه ثبت لدى لجنة برلمانية هتك عرض بعض الإصلاحيين الذين احتجزوا بعد الانتخابات. ونقل موقع «برلمان نيوز» عن النائب الذي لم يكشف هويته وكان ضمن أعضاء لجنة التحقيق «ثبت لنا هتك عرض بعض المحتجزين باستخدام عصا وزجاجات الصودا». وكان مرشح الرئاسة المهزوم مهدي كروبي قد تحدث عن هتك عرض بعض من احتجزوا عقب الانتخابات المتنازع على نتائجها. وقالت السلطات الإيرانية إن الاتهامات لا أساس لها من الصحة لكن علي لاريجاني رئيس البرلمان قال الأسبوع الماضي انه مستعد للنظر في أي وثائق أو أدلة أخرى يقدمها كروبي لدعم مزاعمه. وقال كروبي إن أربعة أشخاص مستعدون بالفعل للشهادة أمام البرلمان بأنهم تعرضوا لانتهاك جنسي في الحبس. وتعرض كروبي رجل الدين الإصلاحي لضغوط من المتشددين لإعلانه هذه المزاعم وقال بعضهم انه يجب سجن كروبي أو ضربه بالسياط إذا لم يثبت صحة مزاعمه. وأعرب مرشح مهزوم معتدل آخر هو مير حسين موسوي عن تأييده لكروبي واتهم «عناصر في المؤسسة» باغتصاب معتقلين والإساءة إليهم.

وتعد اتهامات الاغتصاب هي الأسوأ التي يواجهها المتشددون في إيران، وإذا ثبت صحتها وأقرتها السلطات الرسمية، فإن الضغوط سوف تتزايد على المرشد الأعلى لإيران آية الله علي خامنئي لفتح محاكمات ضد الذين يعتقد بتورطهم في أعمال العنف والانتهاكات ضد المعتقلين والمتظاهرين. وكان إطلاق سراح المعتقلين وفتح تحقيق رسمي في الانتهاكات المطلبين الرئيسيين لرفسنجاني وكروبي وموسوي ومحمد خاتمي الرئيس الإصلاحي السابق. وأدت إعادة انتخاب الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد في 12 يونيو (حزيران) التي أكد المرشحون الخاسرون أنها شهدت عمليات غش، إلى إثارة أعمال شغب هي الأسوأ في تاريخ الجمهورية الإيرانية بعد الثورة. وقتل ثلاثون شخصا بحسب الأرقام الرسمية في التظاهرات التي تواصلت لمدى أسابيع بعد الاستحقاق. أما المعارضة فأكدت مقتل 69 شخصا.

وأوقف أربعة آلاف شخص على الأقل في التظاهرات، ما زال 300 منهم محتجزين، بحسب مصادر رسمية، فيما مثل 160 من هؤلاء أمام المحكمة الثورية في طهران منذ الأول من أغسطس، لمشاركتهم في التظاهرات. إلى ذلك وردا على حملة الضغوط ضده لتحييده خلال الأزمة الراهنة، اتهم الرئيس الإيراني السابق أكبر هاشمي رفسنجاني، رحيم مشائي مدير مكتب الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد بالتآمر ضد القيادة الإيرانية. ونقلت وكالة أنباء العمال الإيرانية (إيلنا) أمس عن بيان لرفسنجاني: «يبدو أن هناك مؤامرة بالغة التعقيد لكشف خلافات غير قائمة بين قيادات الدولة». وكان اسفنديار رحيم مشائي مدير مكتب الرئيس قد قال في لقاء أول من أمس إن رفسنجاني يعتزم «استغلال الدعم الشعبي للضغط على المرشد الأعلى آية الله علي خامنئي». ونفى رفسنجاني مزاعم مشائي قائلا: «مثل هذه التعليقات تؤدي إلى التخبط والإحباط بين أبناء الشعب، ومن يردد مثل هذه التصريحات لابد من محاكمته أمام محكمة عادلة». وقال رفسنجاني في أقوى ردود فعل احتجاجية على أحمدي نجاد وفريقه «هذه الأكاذيب تخرج من شخص كان من المفترض أن يصبح نائبا للرئيس والآن يشغل منصب مدير مكتب الرئيس».

وقالت مصادر إيرانية مطلعة إن المحافظين في إيران باتوا ينتقدون رفسنجاني بشكل أوسع خلال الأيام الماضية وذلك لتعطيل مساعي إطلاق المعتقلين السياسيين، موضحة أن تيارا متشددا وسط المحافظين لا يريد أن يخفف خامنئي من حدة الأزمة بإطلاق سراح الإصلاحيين وباقي المحتجزين، وذلك تحسبا لزيادة ضغوط الإصلاحيين على حكومة أحمدي نجاد. إلى ذلك اتهم الرئيس الإيراني الغرب بدعم احتجاجات هذا الصيف ضد التزوير المزعوم في الانتخابات لأنه (الغرب) يريد أن يثأر منه ومن سياساته خلال السنوات الأربع الماضية. ونقلت وكالة الأنباء الإيرانية إرنا عن نجاد قوله «لقد شعروا بالإهانة طوال الأربع سنوات الماضية لذا أرادوا الانتقام من خلال تشجيع الاضطرابات المتواصلة. وقال أحمدي نجاد من مكتبه الرئاسي بعد تناول وجبة «الإفطار»: «مثلما جعلكم الشعب الإيراني تشعرون بالإهانة على مدى العقود الثلاثة الماضية.. شعرتم بها أيضا هذه المرة» مشيرا إلى مرور ثلاثين عاما على قيام الثورة الإسلامية عام 1979. وقال نجاد «برغم أنهم (الغرب) لم يتصرفوا بعقلانية.. فإني ما زلت آمل أن يعدلوا عن خطئهم بإعلان التزام دولي بعدم التدخل في الشأن الإيراني بعد الآن».

وكان خامنئي قد قال أول من أمس، وعلى النقيض من تصريحات أحمدي نجاد أمس، انه لا يعتقد أن القادة الإصلاحيين في إيران «عملاء لجهات أجنبية». وهي المرة الأولى التي ينفي فيها خامنئي صفة العمالة عن زعماء الحركة الإصلاحية في إيران، وهو الوصف الذي استخدمه بعض المتشددين وسط المحافظين بشكل متكرر ضد زعماء المعارضة الإصلاحية. ونقل التلفزيون الرسمي عن خامنئي قوله «لا أتهم الزعماء في الأحداث الأخيرة بأنهم عملاء لجهات أجنبية بما في ذلك أميركا وبريطانيا لأن هذا لم يثبت لي». وأضاف في لقاء مع طلاب الجامعات «لكن ما من شك في أن هذه الحركة سواء أكان زعماؤها يعرفون أم لا كانت مدبرة سلفا». وتقول جماعات حقوق الإنسان أن مئات الأشخاص من بينهم بعض كبار الساسة من أنصار الإصلاح والصحافيين والنشطاء احتجزوا منذ الانتخابات وما زال كثير منهم في السجن.

لكن خامنئي أجاب عندما سأله طالب لماذا لم يلق القبض على زعماء الاحتجاجات قائلا «لا يمكن للمرء أن يتحرك أخذا بالشبهات والشائعات في قضايا بمثل هذه الأهمية الكبيرة. يمكن للجميع أن يتأكدوا من أنه لا تهاون مع الجرائم لكن في مثل هذه القضايا المهمة ينبغي للقضاء أن يستند في حكمه إلى أسباب وأدلة واضحة».