البرادعي يقدم آخر تقرير له حول أنشطة إيران النووية اليوم.. وإسرائيل تريده أكثر تشددا

مندوب سورية يطلب رفع ملف بلاده من جدول أعمال الوكالة

TT

علمت «الشرق الأوسط» من مصادر وثيقة أن الدكتور محمد البرادعي، مدير عام الوكالة الدولية للطاقة الذرية، سيرفع تقريره السري قبل الأخير عن آخر تطورات الملف النووي الإيراني، والسوري، والكوري الشمالي إلى مجلس أمناء الوكالة عصر اليوم.

وقد دأب البرادعي على رفع تقارير سرية عن كل ما يطرأ من تغييرات وتطورات، ومدى التعاون حول الملفات النووية التي تتضمنها أجندة اجتماعات مجلس المحافظين، وذلك في فترة تمكن الدول أعضاء المجلس (35 دولة) من الاطلاع عليها ودراستها قبل عقد الاجتماعات. ومن المقرر أن يجتمع مجلس المحافظين في السابع من شهر ديسمبر (كانون الثاني) القادم حتى الحادي عشر منه، ثم تعقد الوكالة مؤتمرها العام في الرابع عشر حتى الثاني والعشرين من الشهر، يعقبها مجلس المحافظين بعقد اجتماع آخر.

من جانبها، صعدت إسرائيل على وجه الخصوص، مدعومة بتأييد بعض الدول الغربية، من حملة إعلامية شعواء ضد البرادعي، متهمه إياه بالتهاون والممالأة والتقصير إزاء النشاط النووي الإيراني والسوري، مطالبة بأن يكون أكثر قسوة ووضوحا، وأن يقر في تقاريره عيانا بيانا أن لإيران برنامجا نوويا عسكريا، مستندا إلى ما قدمته وكالات استخبارات غربية تؤكد ذلك، وأن سورية لم تقدم للوكالة الحقيقة كاملة حول ما كان يدور بالمنشأة التي دمرتها إسرائيل بمنطقة الكبر.

من جانبها، اقتصرت مصادر من داخل الوكالة الدولية تعليقها لـ«الشرق لأوسط» على أن التقرير سيصدر مجافيا للتقارير السابقة من حيث الالتزام الكامل بالحيادية والحرفية، وذلك على الرغم من تصعيد العداء ضد البرادعي، مشيرة إلى أن التقرير سيركز على المستجدات وعلى ما تبقى من قضايا لم تحسم بعد سواء بالنسبة لإيران أو لسورية، مستبعدة أي إشارات ذات أثر بالنسبة للملف النووي الكوري الشمالي، مضيفة أن الوكالة لا تزال فيما يختص بإيران تنتظر إجابات شافية بشأن معلومات طلبتها الوكالة وقدمت لإيران بشأنها الكثير من المذكرات والوثائق، في مقدمتها قضية الدراسات المزعومة، بالإضافة لمواصلة إيران لتخصيب اليورانيوم رغم قرارات مجلس الأمن والمحافظين التي تحظر عليها ذلك، كما أن الوكالة لا تزال تطلب من سورية معاودة المفتشين زيارتها لمزيد من التحري والتقصي.

من جانبهم، أشار أكثر من دبلوماسي غربي إلى أنهم لن يقبلوا بتقرير منقح للتقارير السابقة، وأنهم يطمحون أن تتغير لغة تقارير البرادعي التي تكتفي بإبداء الأسف لعدم تعاون إيران تعاونا كاملا، والاكتفاء بمجرد الإقرار أن إيران لم تستجب لقرارات مجلسي الأمن والمحافظين، ودعوتها لمزيد من الشفافية والمصداقية والتعاون مع الوكالة، والسماح للمفتشين بمزيد من الزيارات، مذكرين أن البرادعي لن يغفل كعادته دعوة إيران للمسارعة بتفعيل البروتوكول الإضافي.. مشيرين لما وصفوه بضعف من قبل البرادعي يعتبرونه بمثابة دعم حقيقي ساعد إيران للمضي قدما في تطوير برنامجها وصولا لأهدافها العسكرية وتحقيقا لأغراضها في امتلاك أسلحة حربية نووية، وليس لإنتاج طاقة نووية لأغراض سلمية كما تدعي إيران.. مشيرين للتطور الذي شهدته مفاعلات إيران النووية كمفاعل الماء الثقيل «باراك» لإنتاج البلوتونيوم، ومفاعل «أصفهان» المخصص لتنقية وتحويل اليورانيوم إلى غاز سادس الفلوريد، ومفاعل بوشهر.. مبينين أن تلك المواقع لا تسمح إيران للمفتشين بزيارتها متعللة بأنها مواقع عسكرية فيما تجاهر إيران نفسها مفتخرة بمواصلتها تركيب مزيد من أجهزة الطرد المركزي.

من جانبها، سبق لإيران نفسها أن اتهمت البرادعي، بعد صدور أكثر من تقرير من تقاريره تشير إلى أن إيران أصبحت تمتلك أكثر من 5 آلاف جهاز طرد مركزي، وأن مخزونها من اليورانيوم المخصب قد وصل إلى 1339 طنا، بإدانتها، واصفة تقاريره بالتجني عليها وبعدم العدل وبالخضوع للضغوط الغربية.. مهددة بوقف تعاونها مع الوكالة بل والانسحاب منها كما فعلت كورية الشمالية، مؤكدة أن مسألة الملف النووي الإيراني مسألة منتهية، مطالبة بسحب الملف وإبعاده عن أجندة مجلس المحافظين.. مشيرة إلى أنها ترفض النقاش حول مبدأ «التجميد مقابل التجميد» أي تجميدها لتخصيب اليورانيوم مقابل تجميد العقوبات التي فرضها عليها مجلس الأمن.

الجدير بالذكر أن الجلسة الأخيرة لاجتماع مجلس المحافظين الأخير كانت قد شهدت على غير العادة ملاسنة حادة بين المدير العام للوكالة الدولية الدكتور محمد البرادعي الذي طلب الحديث من رئيسة المجلس، ورد بحزم وحسم شديدين على السفير الإسرائيلي، ميخائيل إسرائيل، الذي اتهم الوكالة بالضعف وعدم المهنية، كما اتهم البرادعي بالتهاون والتقصير والمحاباة لسورية.

وكان التقرير الأخير الذي رفعه البرادعي لمجلس المحافظين قد أشار لوجود 80 جزيئا من مادة أكسيد اليورانيوم، بالإضافة إلى جسيمات من مادة الغرافيت الصناعي، بموقع الكبر في محافظة دير الزور شرق سورية، وهو الموقع الذي دمرته إسرائيل سبتمبر (أيلول) 2007 بدعوى أنه منشأة نووية، فيما تنفي سورية ذلك مشيرة إلى أنه مجرد موقع أبحاث تم تحويله لموقع عسكري. مؤكدة أن الآثار النووية التي عثر عليها مفتشو الوكالة تعود للأسلحة التي استخدمتها إسرائيل في تدمير المبنى. وكان البرادعي قد أنّب إسرائيل على تدخلها عسكريا والاعتداء على حرمة دولة عضو بالوكالة. موضحا أن الهجوم الإسرائيلي بدلا من تبليغ الوكالة قد ساعد في طمس الحقائق، مما يصعب من قيام الوكالة بتحرياتها. موجها في الوقت ذاته صوت لوم للولايات المتحدة الأميركية التي كشفت بعد الهجوم الإسرائيلي أنها كانت تعلم بنشاط نووي سوري في ذلك الموقع.

من جانبه طالب رئيس الوفد السوري لاجتماعات مجلس المحافظين، الدكتور إبراهيم عثمان، الوكالة بإغلاق ملف بلاده النووي. مؤكدا أن بلاده ملتزمة باتفاقاتها الخطية التي وقعتها مع الوكالة والتي بموجبها أقدم وفد من مفتشي الوكالة على زيارة الموقع زيارة واحدة. رافضا السماح بمزيد من الزيارات للموقع نفسه أو لموقعين آخرين كما تطالب الوكالة.. مشددا على أن تلك مواقع عسكرية زيارتها ستهدد أمن بلاده، وأن سورية كغيرها من الدول لن تسمح بما يهددها.